Untitled Part 4

18 1 0
                                    

وصلت دينا إلى منزلها مبكرا في هذا اليوم فنظرت إليها والدتها في دهشة و قلق و سألتها : إيه يا دينا اللي جابك بدري كده؟ في حاجة؟

هزت رأسها نفيا : لا يا ماما. حسيت بس إني مرهقة و داخل عليا برد فقولت آجي أريح و أنام شوية.

نهضت أمها : طيب أنا هأجهزلك الغدا عشان تتغدي و تاخدي أي حاجة للبرد قبل ما تنامي.

إتجهت دينا إلى غرفتها : لأ يا ماما شكرا. أنا محتاجة أنام أكتر من أي حاجة تانية.

و دخلت إلى غرفتها و أبدلت ملابسها في بطء ثم إستلقت على فراشها. تنهدت في حزن و بدأت دموعها تسيل من جديد. ظلت كلمات سليم تتردد في أذنيها طوال الطريق من عملها إلى المنزل. إلا أنها لم تصدق ما صرح به لها. مازال جزء من عقلها يرفض تصديق و إستيعاب أن خطيبها مريض بالسرطان. و أن طبيبه قد تنبأ له بالموت في خلال شهور. و أنه إستطاع أن يخفِي هذه الحقيقة لشهور حتى عن أقرب الناس إليه.

إنتحبت وهي تلوم نفسها على عدم ملاحظتها التغيير في حبيبها. كانت تعلم أنه قد عانى من ورم المخ من قبل و خضغ لعملية خطيرة لإزالة هذا الورم. و لقد ظل بعدها لشهور يعاني من الآثارالجانبية لتلك العملية. إلا أن هذا قد حدث قبل أن تعرفه بسنوات. و كانت تعلم أنه قد تعافى تماما منها و من الورم منذ أكثر من خمس سنوات. كانت تعلم أنه يقوم بالفحوص الدورية لمتابعة المرض من وقت تعافيه. إلا أنه لم يخبرها قط أن المرض قد عاد من جديد.

طوال فترة عملها بشركة والده منذ ما يزيد عن العامين لم تره يوما يعاني من أي عرض يوحي بمرضه. حتى عندما تمت خطبتهما منذ حوالي عام لم تره يوما يشكو من أكثر من نزلة برد عابرة أو إرهاق ناتج عن العمل لساعات طويلة.

تذكرت فجأة تلك الأيام التي كان يأتي فيها إلى الشركة متأخرا و كان يبدو مرهقا. كانت تسأله عما به و كان دائما ما يقول أنه صداع ناتج عن السهر أو القراءة كثيرا في الليلة السابقة. و كانت تصدقه كعادتها. لم تتصور مطلقا أن هذا الصداع سببه ورم بالمخ.

أمسكت بهاتفها المحمول و فتحت محرك البحث جوجل لتكتب ورم بالمخ. ظلت تقرأ لساعات عن المرض حتى أوشكت بطارية الهاتف على النفاذ. فإضطرت إلى إستخدام الكمبيوتر المحمول. لم تدرك أن الظلام قد حل إلا عندما دخلت أمها الحجرة و نظرت إليها في قلق : إيه ده يا دينا ؟ إنتي قاعدة ع اللاب في الضلمة؟ شايفة عينيكي إحمرت إزاي يا بنتي.

أغلقت دينا الكمبيوتر في سرعة و أضاءت نور الغرفة من المفتاح بجوار فراشها : ما خدتش بالي يا ماما إننا بقينا بالليل.

نظرت إليها أمها في دهشة : إنتي ما كنتيش نايمة يا دينا. إنتي كنتي بتعيطي؟

أشاحت دينا بوجهها بعيدا. فجلست أمها على طرف الفراش و قد إزداد قلقها : في إيه يا حبيبتي؟ إنتي إتخانقتي مع سليم؟

تنهدت دينا و أومأت : آه يا ماما.

سألتها أمها : برضو مش عايز يحدد ميعاد الفرح؟

أغلقت دينا عينيها في ألم و لم تجبها فقالت أمها: تحبي أنا أتكلم معاه يا دينا؟

نظرت لها دينا في إستسلام : لأ يا ماما. مش دلوقتي. هو أصلا مسافر بيروت كمان يومين.

نهضت أمها في حسم : خلاص أنا هأتكلم مع يحيى.

هتفت مريم في رجاء : لأ يا ماما أبوس إيدك. ما تكبريش الموضوع و سيبي سليم في حاله.

جلست أمها ثانية و نظرت إليها في حدة : أنا مش فاهمة سليم إيه اللي جراله. اللي يشوفه يقول بيموت فيكي و ما يقدرش يعيش من غيرك. بس تصرفاته و تأجيله للفرح ده بيقول غير كده خالص.

تخللت دينا شعرها بأصابعها وهي تردد في شرود : هو فعلا ما يقدرش يعيش من غيري يا ماما. سليم بيحبني وأنا باحبه. بس لسه ربنا مش رايد نتجوز دلوقتي.

نظرت لها أمها في حيرة : أومال إتخانقتوا ليه يا بنتي؟

صمتت دينا حائرة للحظات ثم رسمت إبتسامة باهتة على شفتيها : خناقة في الشغل يا ماما. بس أنا اللي أعصابي تعبانة اليومين دول. فرديت عليه بأسلوب مش كويس أدّام الموظفين. وبالتالي هو كمان رد عليا رد ضايقني. إتخانقنا يا ماما.... عادي يعني.

تنهدت أمها في أسى : ربنا يا بنتي يهديلك الحال. سليم راجل كويس وإبن ناس يا دينا. ما يستاهلش منك أي حاجة وحشة يا حبيبتي. و ما ينفعش تتخانقي معاه أو تهينيه. خصوصا أّدام الموظفين اللي شغالين في شركته.

أطرقت دينا : عارفة يا ماما. عشان كده مشيت بدري من الشغل عشان الموضوع ما يكبرش عن كده.

أومأت أمها : ماشي يا دينا. بس كلمي خطيبك و إعتذري له يا حبيبتي. عشان ما يسافرش وهو زعلان منك. خصوصا انك غلطتي... هو كلمني من شوية يتطمن إنك وصلتي. هو ما حاولش يكلمك؟

تذكرت دينا أنها لم تحادثه أو تخبره أنها وصلت للمنزل كما طلب منها و لاحظت أنه لم يتصل بها أو يراسلها ليطمئن بنفسه كعادته عندما تنسى الإتصال به. فتنهدت في حزن : لأ يا ماما. ما كلمنيش. ما تقلقيش يا فاطمة. يومين و هنتصالح. مش أول مرة نتخانق مع بعض.

تأملتها أمها في قلق : بس أول مرة أشوف عينيكي عاملة كده من كتر العياط وفيها النظرة دي. كل مرة بتتخانقي مع سليم كنتي بتيجي زهقانة ومتنرفزة. تقعدي تزعقي وتخبطي وترزعي. عمرك ما جيتي تعيطي.

أرادت دينا أن ترتمي في حضن أمها وتخبرها أن هذه المرة مختلفة عن كل المرات السابقة. إلا أنها أرادت أن تحافظ على وعدها لسليم بأنها لن تخبر أحدا بمرضه مهما كان قرارها. لذا قررت أن تصطنع ابتسامة وهي تهز كتفيها : الظاهر إني كبرت وعقلت يا بطة.

نظرت لها والدتها في عدم إقتناع ثم سألتها : مش هتقومي تتعشي معايا؟

تنهدت دينا ثم أومأت : حاضر يا ماما. عشان خاطرك.

إبتسمت فاطمة وربتت على ركبة إبنتها : أنا هأروح أجهز الأكل على ما تغسلي وشك اللي تنفخ من العياط.

أومأت دينا وهي تشاهد أمها تنهض وتغادر الغرفة. فنهضت وأمسكت هاتفها لعلها تجد إتصال أو رسالة من سليم إلا أن الهاتف ظل صامتا كأنما هو الآخر شعر بحزنها. تنهدت ومسحت دمعة فرت من عينها وتمتمت : رميتلي الكورة في ملعبي يا سليم؟ هتسيبني أنا اللي أقرر مصير حبنا؟ هتسيبني لوحدي آخد أصعب قرار في حياتي ؟ أنا مش عارفة أعمل إيه.... يا رب.


You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Sep 23, 2017 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حلاوة الدنياWhere stories live. Discover now