السيده زينب عليها السلام المدافعه عن حريم الولايه 2

549 53 4
                                    

ب. مع الحسين الشهيد عليه السّلام:
أمّا دفاعها عن أخيها وإمامها الحسين الشهيد عليه السّلام، فقد رافقته إلى كربلاء، ووقفت إلى جانبه خلال تلك الشدائد التي يَشيبُ لها الوِلدان، وقدّمت ابنَيها ( عوناً ومحمّداً ) شهيدَين في طفّ كربلاء، ولم يُنقَل عنها عليها السّلام أنّها نَدبت ابنَيها بكلمةٍ ولا ذَرَفت لفقدهما دمعة، فقد كان همّها الشاغل مواساة أخيها الحسين عليه السّلام بكلّ وجودها.
روي أنها عليه السّلام دخلت على أبي عبدالله الحسين عليه السّلام في خِبائه ليلةَ عاشوراء، فوجدته يَصقِلُ سَيفاً له ويقول:
يا دهرُ أُفٍّ لك من خليلِ... الأبيات، فذُعِرت وعَرَفت أنّ أخاها قد يئس من الحياة، وأنّه مقتول لا محالة، فصرخت نادبةً أخاها وقالت: وا ثُكلاه! ليتَ الموتَ أعدَمني الحياة! اليومَ ماتت فاطمةُ أمّي وعليٌّ أبي وحسن أخي، يا خليفةَ الماضي وثُمالَ الباقي (28).
وروي أنّ عليّ الأكبر ابن الإمام الحسين عليه السّلام لما بَرَز إلى القوم وقاتل حتّى استُشهد، جاء إليه الحسين عليه السّلام وهو يقول: قَتَل اللهُ قوماً قتلوك، ما أجرأهُم على الرحمان وعلى رسوله وعلى انتهاكِ حُرمةِ الرسول، على الدنيا بَعدَك العَفا.
قال الراوي: فكأنّي أنظر إلى أمرأةٍ مسرعةٍ تنادي بالويل والثبور وتقول: يا حبيباه! يا ثمرةَ فؤاداه! يا نورَ عيناه!
فسألتُ عنها فقيل: هي زينب بنت عليّ عليه السّلام. فجاءت وانكبّت عليه، فجاء الحسين عليه السّلام فأخذ بيدها ورَدَّها إلى الفِسطاط (29).
وروى أصحابُ المقاتل أنّ الإمام الحسين عليه السّلام لمّا هَوى من ظهر جوادِه وقد أثخنته الجراح، دون أن يُضعِف ذلك من عزمه أو يَفُتّ في عَضُده، حتّى قال عنه أحدُ الذين قاتَلوه: فواللهِ ما رأيتُ مكسوراً ( مكثوراً ) قطُّ قد قُتِل وُلدُه وأهلُ بيته وأصحابُه، أربَطَ جأشاً، ولا أمضى جَناناً، ولا أجرأ مَقدَماً منه، واللهِ ما رأيتُ قَبلَه ولا بعدَه مِثلَه، إن كانت الرجّالةُ لَتنكشِفُ من عن يمينه انكشافَ المِعزى إذا شَدَّ فيها الذئب.
قال: فواللهِ إنّه لكذلك إذ خرجت زينبُ ابنةُ فاطمة أختُه... وهي تقول: لَيتَ السماء تَطابقتْ على الأرض! ثمّ خاطبت عمر بن سعد وقد دنا من الحسين، فقالت: يا عمر بن سعد! أيُقتَلُ أبو عبدالله وأنت تَنظر إليه ؟!
فصرف عمر بن سعد وجهَه عنها (30).
وروى المجلسي أنّ الإمام الحسين عليه السّلام لمّا طُعن في خاصرته فسقط عن فرسه إلى الأرض على خدّه الأيمن، خرجت زينب من الفسطاط وهي تنادي: وا أخاه واسيّداه وا أهلَ بيتاه! لَيت السماء أطبقت على الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل (31).
وروي أنّ جيش عمر بن سعد أخرجوا النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار، فخَرجنَ حَواسِرَ حافياتٍ باكياتٍ، وقُلنَ: بحقِّ الله إلاّ ما مَررتُم بنا على مصرع الحسين.
قال الراوي: فواللهِ لا أنسى زينبَ بنت عليّ عليه السّلام وهي تندبُ الحسينَ وتنادي بصوتٍ حزين وقلبٍ كئيب:
وا محمّداه! صلّى عليك مَليكُ السماء، هذا حسينٌ مُرمَّلٌ بالدماء، مُقَطَّعُ الأعضاء، وبَناتُك سبايا، إلى الله المُشتكى... وا محمّداه هذا حُسين بالعراء، يَسفي عليه الصَّبا، قتيلُ أولادِ البغايا، يا حُزناه يا كَرباه! اليوم مات جدّي رسول الله. يا أصحابَ محمّداه، هؤلاء ذريّةُ المصطفى يُساقُونَ سَوقَ السبايا! (32)

السيده زينب بنت علي عليها السلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن