رسالة..
وجد في صندوق رسائله رسالة من غريبة..
لكنها ليست اغرب من صيغة الرسالة!!!
رسالة يتيمة عمرها أسبوعين !
و صورة صاحبة الرسالة لا تذكره بشيء ولا بأحد ..
تقول الرسالة: لسا خطك حلو؟
ايعقل ان تكون احدى معارفه /نزواته/ بمعنى أصح
ماذا يجيب؟ هل يتجاهلها؟
تبدو قريبة الى الحد الذي تعرف شكل خطه
زادت حيرته اياما في عمر الرسالة
وقرر الإجابة... اجابة مواربة ماكرة
بعث لها : لسا عيونك حلوين؟اخيراً أتاها الرد بعد ان كانت يأست ان يكون هو .. فتحت الرسالة بلهفة المشتاق !! للعجب انه يسأل عن عينيها!
هل تراه عرفها ؟
قررت ان تجاريه لعبته في التحزر .. قد يعرفها في نهاية المطاف وستعلم بهذه الطريقة من يظنها
بعثت له مباشرة
احلى من قبل .
قرا الرسالة ... كتب ومسح عاد يكتب ثم يمحو ما يكتبه ضحكت يبدو محتار
اخيرا كتب لها
اما زلت تسمعين أغنيتنا
ضحكت .. ضحكت حتى دمعت عيناها
بعثت له : ذكرني اي أغنية تقصد كنّا نسمع الكثير وكل أغنية نقول هذه أغنيتنا
احتار في أمره اكثر
ثم كتب : بعدك على بالي
فهمت هي انه يقصد أغنية فيروز لكنها قررت ان تكون الشقية فكتبت له
وانت على بالي
ارتبك كثيرا .. لم يقصد .. لكن ..
بعث لها ضحكة وكتب لها : انت تجيدين اللعبة.
كتبت له : أحب حين تتحدث الفصحى و ليس العامية .. لطالما كانت هذه ميزتك
انه يزداد فضولا و حيرة هذه الغريبة تعرفه اكثر مما ينبغي .. او ربما كما ينبغي..
حاول ان تتذكر مع من تحدثت بهذا الأسلوب و بهذه الطريقة .. تراءت له صور نساءه جميعا... لقد تحدث معهن كلهن بهذا الأسلوب .. يا للسخرية
هو الذي لم تعد له صولات وجولات في عالم النساء تأتيه هذه الغريبة من العدم لتوقظ فيه ذكريات ماتت
قرر ان يكون صريحا
كتب لها .. عفوا انا لا اذكرك ليس انتقاصا منك لكن ضعف في الذاكرة هلا ذكرتني باسمك؟
قرأت الرسالة .. لم تصبها الخيبة فهذا متوقع
حسنا ستلاعبه بنفس خيوطه
بعثت له ضحكة
و كتبت .. اعتبر انك لا تعرفني
سنلتقي كل يوم مساءا في محادثة صغيرة
قد تعرف من أكون او من كنت في ذاكرتك
الى اللقاء
اغلقت المحادثة و حاسوبها و أدارت أغنية بعدك على بالي.ليلة انتظار
أنهى عمله باكرا
عاد الى وحدته
صنع بعض الطعام رديء الطعم أكله على مضض لا شيء مع الوحدة يبدو مستساغا
لا بأس ستأتي رسالة تؤنس روحه المرهقة
في ذات الموعد
فتح حاسوبه
انه ينتظر ينظر الى الشاشة ببلاهة .. ماذا ينتظر؟ رسالة غريبة من امرأة غريبة
طال انتظاره
ذهب ليعد بعض القهوة
وعاد يرشفها يتلذذ بطعم سيجارته
وصلت الرسالة
اهتز الفنجان في يده
كانت الرسالة حقا غريبة
اما زلت تشربها مرة؟
نظر الى قهوته كأنه يتهتمها بالتآمر مع الغريبة ثم ابتسم
و عادت اليه شقاوة الشباب
كتب : أتريدين رشفة؟
كلمته اعادت اليها ذكرياتهما معا .. لطالما رشفت من فنجانه
بعثت له عكس ما توقع .. : لا شكرا لا اشرب القهوة مساءا..
سيصاب بالجنون من هذه المرأة المتمردة من ذاكرته !!
كتب في محاولة لاكتشافها: ماذا تشربين مساءا؟
انتظر إجابتها اكثر مما ينبغي
وجاءه الرد مباغتا لا يمت للقهوة بصلة
: كان يوما ماطرا شذاه ما زال عالقا في رئتي .. اما زال المطر يعشقك كما تعشقه؟
يا الهي ايتها الغريبة من تحت اي أنقاض اتيت الي في أوج وحدتي في أوج احتياجي لشيء يذكرني بمن كنته منذ زمن !!
شعر كأنه ينفض عنه غبار الزمن و أتربة العمر .. كتب .. ما زال المطر يهز أوتار روحي ..
صمتا
كل منهما ينظر الى شاشته كأنه ينظر عبر الزمن الى عمر مضى .. مر عليه دهر كأن الحاسوب آلة الزمن التي نراها في أفلام الخيال العلمي.. و تلك النافذة المفتوحة للمحادثة هي بوابة هذه الآلة ..
طال الصمت و الذكريات تصول وتجول في عقليهما ..
يريد اسم لا بد من ان لهذه الغريبة اسم..
بعث لها كلمة واحد... اسم !
نظرت الى رسالته بعيون جامدة .. لم يهتز لها رمش..
و اثارت في نفسها غضب الأسماء
بعثت له : أسماؤنا لا تشبه ارواحنا .. ما رأيك لو نظرت الى الروح و وضعت لي اسما؟
باغتته الإجابة!! ماذا تعني؟. هل تريده ان يسميها؟؟
بعث لها : هل تريدين ان أسميك انا؟
و وصله الرد في ثوان رابط أغنية اميمة الخليل انا رح سميك
كتب دون تفكير .. هل كنت وغدا وتركتك!
ضحكت بجنون حتى بكت ..
طال انتظاره .. يتلهف ليعرف هل كانت احدى نسائه ..
بعثت له اخيرا .. لم أمنحك هذا الشرف يا كنفاني
اهتز قلبه
منذ زمن لم يناديه احد بهذا اللقب ..
اذا هي تعرف ان أصدقائه كانوا ينادونه كنفاني نسبة لغسان كنفاني و انه كان يستوحي رسائل الغرام من رسائله لغادة السمان!!
:هل أسميك غادة؟
:لا
: سأطلق عليك اسم يناسبك (الغريبة) فقط
: هه لطالما كنت كذلك