بئر الأمنيات قصة قصيرة بقلمي حنين احمد

5.3K 140 3
                                    

بئر الأمنيات

مقدمة
تبعته كعادتها تتمسك بأذياله كما تقول والدتها وهي
تضحك وهو ينظر لها زافرا بحنق يريدها أن تبتعد
عنه فأصدقاؤه يسخرون منه بسببها وهي تنظر له بتوسل بريء
يليق بسنواتها الخمس ..
هي متعلقة به كثيرا فهو أقرب من لها بالعمر ويعاملها جيدا
طالما لا تتبعه ولكنها لا تستطيع فهي تحبه كثيرا وهو
المفضل لديها بين أولاد عمها جميعا..
رغم أن الجميع يدللها ولكنها تفضله هو,
تريده هو, وتتبعه هو!
التفت إليها بغضب وهو يهتف:"أثير لماذا تتبعيني؟
اذهبي لجدتك لقد مللت منكِ"
نظرت إليه بعينين تملأهما الدموع وشفتين مرتجفتين تعلنان
عن بدء بكاء ليزفر بحنق وهو يتركها ويذهب لأصدقائه
رغم أن سمع همستها الخافتة باسمه:"كريم!"
قبل أن تستدير بحزن وتعود من حيث أتت بعد أن تجاهلها
كريم وتركها تبكي غير مهتما كعادته .
***
"أثير لقد نضجتِ على أن تتبعيه بهذه الطريقة ابنتي,
لا يصح أن تتبعيه وهو مع أصدقائه الشباب"
"لا أتبعه جدتي بل فقط أريد أن أرى ماذا يفعلون"
صاحت أثير معترضة وهي تسمع التأنيب من جدتها والذي
تكرر كثيرا لتبتسم جدتها بتفهّم وهي تقترب منها تربت
على كتفها بحب قائلة:"أعلم أنكِ تحبينه أثير ولكن
لابد من مراعاة التقاليد ابنتي, خاصة أنكما لم تعودا
أطفالا لنتغاضى عن ذلك"
نظرت لها بمكر لتتابع:"بالطبع أنتِ لازلتِ طفلة فأنتِ
بالحادية عشرة فقط ولكنه أصبح شابا و..."
قاطعتها كما توقعت لتقول بثورة:"أنا لست طفلة جدتي,
لِمَ تتحدثين مثله؟ هو أيضا يراني طفلة"
ابتسمت جدتها وهي تقول ناصحة إياها:"بالطبع لابد أن
يراكِ طفلة وأنتِ تتمسكين بذيله هكذا وتتبعينه بكل
مكان فالفتاة الناضجة لا تفعل ذلك أبدا"
برقت عيناها بتفكير وهي تقول لجدتها:"إذا ماذا أفعل
جدتي حتى يراني ناضجة أخبريني؟"
تنهدت وهي تحرّك رأسها مفكرة .. لا فائدة حفيدتها تصر
على التعلق بابن عمها والذي لا يراها من الأساس ..
ورغم أنها تعلم أن الجد يخطط لأن يزوجها به إلا أنها
لا تريد لها هذه الزيجة أبدا.. فكيف تأمن ذاك العابث على
حفيدتها المفضلة؟!
"سأخبرك ولكن عديني أن تنفذي ما أقول"
"أعدك جدتي"
قالتها بلهفة لتضحك جدتها وهي تخبرها بما عليها فعله
وبداخلها تتمنى لو يُزَال حبه من قلب حفيدتها الصغيرة .
***
دلفت إلى غرفتها مصدومة مما سمعته!
كريم سيسافر ولا تعلم حتى موعدا لعودته!
ماذا تفعل؟ هل تذهب إليه تخبره بحبها له والذي
كتمته بقلبها طوال أربعة سنوات مستمعة لنصيحة جدتها
بالابتعاد عنه حتى يراها فتاة ناضجة فيفكر بها ويشتاق
إليها فيتقرب هو لها ويطاردها حتى تقع بحبه؟!
ولكن ذلك لم يحدث أبدا فهو لم يرها يوما!
بل رأى كل أنثى بالعالم سواها فما هو العيب بها لا تفهم!
هو حتى لم يعد يعاملها كأخت صغيرة كما عاملها دوما
بل أصبحت اللامبالاة هي عنوانه معها..
استلقت على الفراش وأجهشت بالبكاء وهي تشعر بالحيرة
والتخبط تريد أن تذهب لجدتها وتسألها العون ولكنها
تخجل, أجل أصبحت تخجل من مشاعرها له وهو يعاملها بتلك
الطريقة أمام الجميع, أصبحت تكره قلبها الذي تعلق به
طوال سنوات بانتظار نظرة واحدة منه ..
شعرت بمن يدلف إلى الغرفة فأغمضت عينيها وهي تتظاهر
النوم فبالتأكيد جدتها هي من جاءت لتطمئن عليها..
أرادت أن تنهض وتبكي بأحضانها علّها تخفف ألم قلبها
ولكنها ظلّت على حالها لتشعر بلمسات جدتها
الحانية وتنهيدتها الطويلة وهي تدعو أن يزيل الله حبه
من قلبها وأن تدرك حقا أنه لا يستحق حبها أبدا .
***
بعد سبع سنوات

بئر الأمنيات بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن