♦4♦

68 9 1
                                    

*ستسأل*

أخي.. وليست عودتك إلى الله ورجوعك إليه عودة تباشر فيها موقعك الخالد دونما سؤال وحساب.. وإنما هي عودة مليئة بالفتن والأهوال وعظائم المشاهد والأحوال، فيها السؤال والحساب، والميزان والصراط، والوقفة العظمى بين يدي الله، والتي فيها تظهر حقائق الأعمال السالفة: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( [الزلزلة: 7، 8].

فهيء جوابًا عندما تسمع الندا

من الله يوم العرض ماذا أجبتم

به رسلي لما أتوكم فمن يكن

أجاب سواهم سوف ينخزي يندم

وخذ من تقى الرحمن أعظم جنة

ليوم به تبدو عيانًا جهنم

وينصب ذاك الجسر من فوق متنها

منها ومخدوش وناج مسلم

أخي.. موطنك وموقعك، ومستقرك ووطنك يحدد يوم تسأل، يوم ينادى في الناس (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ( [الصافات: 24]؛ فيومها لا تزول قدمك من وقفة الحساب، ولن تعدو إلى مستقر إلا إذا سُئلت عن أيامك السالفة وأعمالك الخالية، قال رسول الله (: «لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي].

وحين تسأل، يحدد موقعك ومقعدك؛ فإن كنت من الصالحين العابدين الطائعين لله، فأنت من أهل اليمين: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ( [الواقعة: 28-32] فهذا موقعك الخالد، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!

وأما إن كنت ممن رضوا بالحياة الدنيا ورضوا بها موطنًا واتخذوها موقعًا، فأولئك هم أصحاب الشمال، (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ( [الواقعة: 42-48].

أخي الكريم..
تذكر أنك ستعود.. والمغبون المحروم من الناس من أعمته الدنيا والشهوات عن رؤية النعيم المقيم في الآخرة، وصرفته المغريات والشبهات عن النظر إلى مصيره غدًا في قبره، ويوم الحساب.

فحدد أخي موقعك من هذه الحياة؛ فإنما هي أيام تسوقك المعاد! وتطلب منك العدة والزاد، وإنما زادها لزوم العبادة والتقوى، والصبر على الشهوات والبلوى، واجتناب ما زجر الله عنه ونهى!

كان ابن عباس ( يقول: إنكم من الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، من زرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرًا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثلمًا زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك مريض ما لم يقدر له، فمن أعطي خيرًا فالله أعطاه، ومن وقي شرًا فالله وقاه.

وكان عطاء الخرساني يقول: إني لا أوصيكم بدنياكم، أنتم بها مستوصون وأنتم عليها حراس، وإنما أوصيكم بآخرتكم، فخذوا من دار الفناء لدار البقاء، واجعلوا الدنيا كشيء فارقتموه، فوالله لتفارقنها، واجعلوا الموت كشيء ذقتموه، فوالله لتذوقنه، واجعلوا الآخرة كشيء نزلتموه، فوالله لتنزلنها.
فقدم فدتك النفس نفسك إنها

هي الثمن المبذول حين تسلم

فما ظفرت بالوصل نفس مهينة

ولا فاز عبد بالبطالة ينعم

وأقدم ولا تقنع بعيش منغص

فما فاز باللذات من ليس يقدم

وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها

ولم يكن فيها منزل لك يعلم

فحي على جنات عدن فإنها

منازلك الأولى وفيها المخيم

* * * *


**النهاية**

⭐رأيك بالكتاب ؟

⭐هل أفادك ؟

⭐منشن لأشخاص تظن أنه قد يعجبهم الكتاب لكي تعم الفائدة.

⭐إذا أردت كتبا دينية و مفيدة كهذا الكتاب فلتتابع حسابي و ستجد فيه كتبا كثيرة دينية مفيدة .

🎉 لقد انتهيت من قراءة حدد موقعك 🎉
حدد موقعك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن