♦المقدمة♦

274 17 3
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي المن والعطاء، المتفرد بالألوهية والبقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يسمع النداء، ويجيب الدعاء، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خير من صلى وصام ولبى النداء، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

فإن أخطر شيء يصرف الإنسان عن فهم دوره في الحياة هو الغفلة عن فهم موقعه فيها؛ فأغلب الناس يجهلون أو يتجاهلون حقيقة وجود الحياة، تلهيهم مظاهرها، وتسحرهم زخارفها، وتغريهم مفاتنها؛ حتى يخيل إليهم أنما خلقوا لحياة الدنيا، والدنيا فقط.
ولو تأمل المسلم في حقيقة وجوده، وغاية وجوده، لكان الشيب من رأسه قاب قوسين أو أدنى، ولتملكه الذهول، ولكان أشد حيطة على دينه من حيطته على رزقه، وأشد حذرًا من المعصية من حذره من الموت والأمراض.
فالحياة محطة عابرة، لم تكن منذ أن خلق الله آدم (، وإلى هذه اللحظة مقر إقامة لأحد، وهذا ما تقوله الأيام، وتشهد عليه الأحوال، وتقرره أصول الإيمان.
لكنك لو تأملت في أحوال كثير من الناس، وجدتها تناقض ما هي عليه الدنيا من زوال؛ فأغلبهم يتصرفون فيها وكأنهم سيخلدون، يجمعون ويمنعون، ويُؤمرون فيغفلون، وكأنها موقعهم الدائم الثابت الخالد، ناسين قول الله جل وعلا: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ( [غافر: 39].

ولكي يحيى المسلم على بينة من الأمر، لابد أن يحدد موقعه في هذه الحياة، وأن يتصور وجوده، وحياته، ومصيره، ويعمل في ذلك إيمانه، ويوطن نفسه على ما سيؤول إليه، وعلى ما هو مقبل عليه.

حدد موقعك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن