حين طرقت الباب الخارجي للمنزل الذي دلها عليه الغريب بدأت تستحضر كلماته في ذهنها. " سيفتح لك الباب رجل كهل، حين يسألك عما تريدين لا تجيبي مباشرة بل افعلي أي شيء حتى يدخلك البيت. و لا تنسي أن تتركي الباب مواربا خلفك"
فتح الباب و ظهر الكهل و قبل أن ينبس بكلمة اندفعت نحوه و هي تقول بدلال : بيتك بعيد جدا ، لشد ما أشعر بالعطش الآن، هل أطمع في أن تسقيني شربة ماء
حين تبدى للرجل محياها الجميل فغر فاه إعجابا. "إنه ضعيف أمام النساء الجميلات " رنت كلماته في ذهنها فواصلت قائلة : ما أقسى قلبك ، أتترك امرأة ساعية إليك عطشى أمام بابك!
أخيرا استطاع الكهل أن يتكلم فقال بصوت يرتجف إعجابا: كم أنت جميلة أيتها الشابة، ادخلي ادخلي و لكن أخفضي صوتك فامرأتي نائمة في مخدعها.
ضربت على صدرها و شهقت قائلة : أتدعوني إليك و امرأتك في البيت
ناولها كوبا من الماء ثم قال لها بصوت خافت : الحق أني لم أدعوك و لكن دعاك حظي السعيد، لا بد أنك أخطأت العنوان، من الرجل؟
أجابته وهي تدعي الحيرة : يقال له مروان الصائغ، أو لست هو؟
أجابها و هو يكاد يلتهمها بنظراته : كلا يا جميلة الجميلات لست هو، سوف أطلعك على بيته و لكن بشرط
قالت بسرعة : و شرطك مقبول يا ذا الكلام المعسول
قال و هو يفرك يديه : شرطي أن نتواعد أنا و أنت في أقرب الآجال
تظاهرت بالتفكير قليلا ثم قالت : إذا كنت مثلي مشتاقا مشتاقا ألقاك غدا و إذا كنت تطيق صبرا علي فبعد أسبوع موعدنا.
قال بلهفة : بل مشتاق مشتاق
بعد قليل خرجت من عنده و وصف لها بيت من يدعى مروان الصائغ و ابتعدت متأنية إلى وجهتها المزعومة. حين تأكدت أنه لم يعد يتبينها غيرت وجهتها إلى حيث كان الغريب ينتظرها.
بادرته قائلة : لم تخبرني باسمك حتى الآن. بم أدعوك؟
أجابها بلا مبالاة: ناديني عاصم
لاحظت أنه لم يكترث بمعرفة اسمها على الإطلاق. فقط سألها باهتمام إن كانت الخطة سارت كما رتب لها. أجابته بهدوء : واعدته الغد و أخبرته أني سأقابله في غرفة في الخان الذي تنزل فيه.
بدا على وجهه الارتياح ثم غادرا ليتوجها إلى منزلها
..................................................حين اقتربا من مكان سكنها، أشارت له إلى حيث يقع بيتها و التفتت إليه لتشكره , لكنه كان قد أسرع بالابتعاد. منذ أن غادرا غرفته، أصبحت تصرفاته شديدة الغرابة. من صوته الجافي إلى عدم نظره إليها البتة حتى عندما يكلمها إلى عدم اهتمامه بمعرفة اسمها، لم تستطع فهم سر فظاظته الشديدة معها. مع أنها تكاد تقسم أنها رأت الإعجاب الصريح في عينيه حينما رآها لأول مرة.
- إلى حيث ألقت، تمتمت لنفسها ، من يظن نفسه ، لولا حلكة الظروف التي أمر بها الآن لما ألقيت عليه نصف نظرة.
ما إن دخلت غرفتها حتى ألقت بجسدها على الفراش دون تغيير ملابسها. تمتمت بصوت مرهق : لشد ما أنا متعبة ، أمضيت اليل بأسره و أنا أمشي على قدميّ، جميع عظامي تئن من الألم.
لم تستطع أن تستمر في شكواها فقد انطبق جفناها و ارتخى فكاها رغما عنها و غاصت في نوم عميق بلا أحلام لم تستيقظ منه إلا حين دخل عليها أخوها و بدأ يهزها في غير رفق : لقد تأخرت في النوم اليوم ،انهضي ، هيا انهضي يا ميسون لقد وعدتني بأن تأخذيني في جولة على الفرس هذا الصباح.
فتحت عينيها بصعوبة و أمرته بين تثاؤباتها : اخرس الآن يا أسامة، دعني أغير ملابسي على الأقل
تباكى بنفاذ صبر : و لكنك ترتدين ملابسك بالفعل.
نظرت إلى نفسها و تذكرت فجأة جميع أحداث اليلة السابقة. شعرت بغيظ شديد يملأها فنظرت إلى أخيها شذرا و أمرته بانفعال : اخرج من هنا حالا، سألحق بك حين أكون جاهزة
.................................................. .
![](https://img.wattpad.com/cover/133703815-288-k698498.jpg)