٧

11.5K 277 1
                                    


عاد رؤوف لعمله بعد زفافه بأسبوع.. أسبوع ازدحم فيه منزله بالمهنئين وأف ا رد عائلته وعائلة
نو ا ر, التي لم يستطع الانف ا رد بها للحظة واحدة طوال ذلك الأسبوع.. فهو كان ينتقل من
دوامة المهنئين إلى هيستيريا نعمات التي تظهر في أي لحظة تشعر به يتحرك ليذهب إلى
عروسه..
لقد أصبح موقناً أنها تفتعل تلك النوبات مؤخ ا رً.. لكنه لم يستطع إدارة ظهره لها بعد كل تلك
السنوات.. وفي نفس الوقت يدرك بأن نو ا ر عروس صغيرة ولا ينبغي عليه إهمالها أكثر من
ذلك.. فهو لم ينسَ نظ ا رتها له وهي تستقبل أهلها في اليوم الثاني لزفافها.. وخاصة حين
ظهرت نعمات متقمصة دور سيدة المنزل ترحب بالضيوف والمهنئين وبعائلة عمه.. وتقدم
لهم واجب الضيافة وكأنهم أتوا في زيارة عادية وليس ليزوروا ابنتهم العروس ويهنئونها..
التمعت حينها عينيّ نو ا ر بنظرة عجز عن تفسيرها فهي بدت كنظرة ضياع وتشتت ثم عادت
لتلتمع بنظرة مشاكسة وانتقامية وظل يدعو الله ألا تنطق بإحدى عبا ا رتها المستفزة وتسبب
أزمة هو في غنى عنها حالياً..
يدرك أنه بدأ معها بطريقة خاطئة, وهو نادم على ذلك بالفعل فلقد أعماه غضبه من تعليقها
المستفز.. وتركها بمفردها في ليلة زفافها ليذهب مع زوجته الأولى, ولا يحتاج لكثير من
الذكاء ليدرك أن نو ا ر تظنه نام بأحضان نعمات... بينما ما حدث عكس ذلك تماماً..
فنعمات ظلت تبكي بهيسترية طوال ساعات الليل تقريباً.. واستطاع تهدئتها بعد وقت وجهد
طويل.. ليسقط نائماً من الإرهاق والتعب..
ظل بالطبع مذنباً في عينيّ عروسه.. والتي والحق يقال لم تقم بأي تصرف مستفز.. كما - -
كان يتوقع منها.. بل التزمت الصمت تجاه استف ا ز ا زت نعمات لها وكان آخرها منذ قليل
عندما جلسوا جميعاً على مائدة الغذاء لأول مرة وكان ذلك بناء على إص ا رره.. والذي ندم
عليه لاحقاً بعد محاولة فاشلة من نعمات لاستف ا زز نو ا ر حين حاولت التغنج مع رؤوف
واطعامه بيدها:
حبيبي.. تذوق الدجاج, لقد طهوته كما تحبه تماماً يا "بودي"!!!..
بينما صُدم بشدة من طريقة نعمات في تصغير اسمه, غصت نو ا ر بطعامها, مما سبب
سعادة وقتية لنعمات سرعان ما انمحت عندما تبين أن نو ا ر غصت لمحاولتها كتم ضحكاتها
التي تعالت لأول مرة, وبدا أن رؤوف قد فُتن بتلك الضحكة.. وما أن لمحت نعمات نظرته
حتى اشتعلت نارها ولكن قيام نو ا ر من على المائدة هو ما أنقذ الموقف..
توجهت نو ا ر إلى غرفتها وهي تتظاهر بضحكات ساخرة في حين أنها كانت تكاد تشتعل ذاتياً
من ضرتها المتصابية.. إنها تلتزم الصمت فقط لأنها تدرك أن إطلاق العنان للسانها
سيكلفها الكثير.. كما لاحظت أن صمتها أمام استف ا ز ا زت نعمات المستمرة يزيد من غضبها
لذلك اتقنت رسم ابتسامة ساخرة على وجهها تواجه بها تصرفات نعمات المصممة على
إخ ا رجها عن طورها..
كانت تلك نصيحة عمتها قمر صبيحة زفافها.. وهي قررت إتباعها بعد ما كلفها لسانها
رحيل رؤوف عنها وذهابه مع نعمات في ليلة الزفاف... أسوأ ليلة قضتها في عمرها كله..
وهي تتخيل الرجل الذي زُفت إليه تواً يقضي ليلته بين أحضان ام أ رة غيرها.. وارتسم ذلك
الشعور في عينيها بوضوح وهي تلتقي بعينيه عند استقبالهما لأهلها في اليوم التالي, ولكن
نظرة الشفقة التي أ رتها في عينيه جعلتها تعود لطبيعتها المشاكسة سريعاً.. إلا وأنها رغم كل
شيء لم تستطع خداع أمها التي شكت في صحة كل ما أخبرتها به نو ا ر بأن الأمور على
خير ما ي ا رم بينها وبين رؤوف..
قاطع أفكار نو ا ر صوت رنين هاتفها وكانت سهير شقيقتها تهتف بسعادة:
هنئيني يا أحلى نو ا ر.. لقد وافق أبي على خطوبتي أنا ومنذر.

قيد القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن