١٤

12.3K 247 6
                                    

أمسكت نو ا ر العصا البلاستيكية تتأمل الإشارة الإيجابية التي تظهر أمامها بوضوح.. حسناً..
إنها حامل.. لقد تأكدت الآن.. رغم أن شكها كاد أن يصل لليقين.. ولكن رؤية العلامة
الإيجابية أمامها جعل الأمر يبدو حقيقياً أكثر..
تهالكت على الأرض بجوار باب الحمام تحتضن العصا البلاستيكية بشدة إلى صدرها
ودموعها تتساقط على وجنتيها بدون إ ا ردة منها.. وتحركت يدها لتمسد بطنها بحنان وهي
تفكر في طفلها القادم, بل طفلهما.. لو صدقت حساباتها فيكون ابنهما تكون في تلك الأيام
التي قضياها خارج نطاق الزمن في الإسكندرية..
تلك الأيام التي شعرت فيها أنهما زوجان طبيعيان يقضيان أجازتهما في عروس الثغر..
استمرت في تمسيد بطنها وكأنها تريد التواصل مع طفلها.. مشاعر قوية تنتابها نحوه.. حب
لم تتخيل وجوده وهي تشعر بوجود ثمرة حبها لرؤوف تنمو في أحشائها, فجزء من حبها
لذلك الطفل يرجع إلى أن رؤوف هو والده.. هو من شاركها تكوينه..
أغمضت عينيها تحلم بطفلهما.. أ رته يشبه رؤوف.. في كل شيء بدءً من عينيه الخض ا روين
حتى التقطيبة بين حاجبيه.. حنانه.. ورقته.. حتى قسوته التي اختبرتها مؤخ ا رً.. هي تعشق
كل تفاصيله.. لا تستطيع وصف مدى سعادتها وهي تحمل بداخلها جزء منه.. الرجل الذي
أحبته بكل قوة ومنحته بلا حدود من حبها وروحها ونفسها..
ترى ماذا ستكون ردة فعله على خبر حملها؟.. هل سيسعد به لأنه الوريث الذي تلهث خلفه
العائلة بأكملها؟.. أم لأن زواجهما سيتكلل بوجوده ليجمعهما معاً.. يدخلهما مرحلة جديدة في
الحياة كأسرة صغيرة..
ترغب بشدة أن يفكر فيه كهدية ا رئعة تتوج بها حبها له, لا كنتيجة حتمية لزواجهما..

دخل رؤوف إلى جناحهما يحمل صينية طعام وكوب من العصير الطازج.. ولكنه فوجئ بها
متهالكة على أرض الغرفة, فترك ما يحمله بيده وهرع نحوها..
نو ا ر.. نو ا ر... ماذا بكِ؟..
رفعت إليه عينين مغرورقتين بدموعها وكل ما يتردد في ذهنها..
"إنه هنا.. هو لم يتركها ويذهب إلى عمله.. إنه هنا..".
تأمل رؤوف دموعها المنسابة بغ ا زرة.. ووجهها المحتقن بشدة وهي تشهق محاولة السيطرة
على دموعها.. ونزل على ركبتيه ليمد يده ويرفع ذقنها وهو يسألها بقلق:
نو ا ر.. ماذا بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟.
لم تجبه سوى دموعها التي استجابت للحنان والقلق في صوته فازدادت انهما ا رً.. عصف به
القلق وهو ي ا رقب تلك الدمعات ولا يجد أي استجابة منها على سؤاله.. فقال بتوسل:
نو ا ر.. قمري.. هل تشعرين بأي ألم؟.. هل أنتِ على ما ي ا رم؟.
اكتفت بهز أ رسها كإجابة على أسئلته... فلم تجد داخلها القدرة على تكوين أي كلمات تصف
له ما تشعر به حالياً.. احتار رؤوف في تحديد ما بها وخاصة مع صمتها التام ودموعها
المنهمرة فقرر أن يحملها للف ا رش حتى تستريح من جلستها المتعبة على أرض الغرفة, ولكن
ما أن اقترب منها حتى لاحظ يدها القابضة بشدة على شيء ما.. باعد أصابعها برفق ليجد
العصا البلاستيكية بيدها, تناولها بدهشة:
ما هذا؟.. نو ا ر!!!..
أخي ا رً استطاعت إيجاد صوتها فأجابته وسط شهقاتها:
أنه.. اخ..ت..ب...ار.. ح..م..ل.

قيد القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن