١٣/ربيع الثاني/ ١٤٣٩ هجري

174 13 9
                                    

الجمعة ٣:٦٤ مساءً

بينما استمتع بمحاولات المكيف اليائسة لتبريد الغرفة قررّت كتابة هذه القطعة الصغيرة.
القطعة التي ستقدّر جميع الأفكار المهملة التي استصغرتها و هممت بإلقائها في زاوية حياتي.

كنتُ قد ذهبت لزيارة قصيرة لمنزل جدتي هذا المساء، لتوديع قدوة عزيزة عليّ حتّى تكمل حياتها في مكان آخر بعيدًا عنا.

وربما قد مررت بالكثير لأفكر فيه، لكني ولعجزي لا أريد التفكير بأمور لا أحبها.
لذا سأكتبُ عن ما يشعرني بالراحة، ما يشعر قلبي بالهدوء والحب الذي تمنيته لسنوات.

في طريق عودتنا من هناك، حوالي الساعه الثانية بعد منتصف الليل، قررّ ابي سلوك الطريق القديم، الغير منار والذي يبدوا وحيدًا وهادئًا.

وكعادتي اسندت رأسي على الكرسي، انتظرُ الفتى الذي يجلس بجانبي حتى يستند عليّ كما يفعل دائمًا.
لكنه بعد عدة محاولات استسلم، وسمعته يهمس " انا طويل، هذا لن يحدث. "

عادت بي هذه الجملة لذكريات جميلة لم تكن تحمله، وحين أعيد التفكير بتلك الأيام اجدني اتساءل، كيف استطعت ان اكون سعيدة في هذا العالم بدونه؟

كنا أربعه، حين نضيف ابن عمي لمجموعتنا.
كان اكبر مني بفارق سنه لكنني لم اكن اهتم لهذا.
حين كنّا نلعب أي لعبه، اعتمدنا تقسيمين، وكان ينتهي بي الأمر في فريق الكبار أو فريق الفتيات.

لم تكن هناك صلة مباشرة مع أخي، طوال تلك السنين! ولا واحدة! حتى انه كان يقضي جلّ وقته مع شقيقتي الصغرى لسنهم المتقارب، وأتذكر كيف انهما كانا كثيرا الجدال - لا يزالون - لكن بحق.. أي نعمة كنت أفوتها؟

الطريقه التي يحميني بها سخيفة للغاية، لكنني أقدرها حدّ البكاء، لأن في هذا العالم الواسع، لا أحد يلمسُ الحزن الذي في قلبي غيره.
لم يشتم أحد رائحة وحدتي وقلقي غيره.

أردتُ حمايته، لا اندم على تلك الأيام التي قضيتها بدونه، بل ربما أنا شاكره لها.. لأنها ربته ليصبح رجلًا حقيقيًا.
لكنني أردتُ حمايته بصفتي الشقيقة الكبرى.

لذا تذكرتنا قبل سنتين، قبل أن ينمو ويصبح أضخم مني، تذكرت كيف كان ينام على كتفي في كل مره نذهب فيها برحلة طويلة.
وكيف كنت اريح رأسي فوق رأسه، وأشعر بأنني في رحم امي، كأنني عدت جنينًا دون هموم أو اوهام ومستقبل أقلق بشأنه.

أنا اسندتُ رأسي عليه هذه المرة، وهو امال جسده لينام علي.
لم اكن مرتاحه ولم يكن هو، لكنه لم يبعدني.

أردت البكاء، ولا أعلم لمَ، لكنني ممتنه للغايه.
ممتنة لأن الرب اعطاني كنزًا، ربما لا يجده الكثير.
بقيت ادعوا الله أن لا يبعده عني، ووعدته انني سأحصل له على كل ما يريد، وأن اللحظة التي سيسقط فيها لن تأتي، لأنني سأكون خلفه تمامًا أمنعه من هذا.

أثناء حدوث هذا، سمعتُ صوت الموسيقى الخافته يتسلل الى اذني، ولن يتجرأ أحد على تشغيل الموسيقى في سيارة ابي عداه!

الموسيقى في منتصف الليل، هي نداء استغاثه منه، طريقة اخرى ليقول أنه يشعر بالوحدة.

لكن ولأنه قد أغضبني اليوم، قررّت انه ربما سيكون من الأفضل عدم اجابه هذا النداء.. واتمنى ان لا أندم على هذا.

في هذه الليلة، شعرتُ فجأه انني اكره الليل لأنه يسرق الشمس مني.
لكنني احببت القمر الهادئ بذات مقدار حبي للشمس الدافئة، ودعوت بتلهف أن يزرع الله الهدوء والدفئ في قلوب البشر.

لأنني أشعر انها الصفة الصحيحه التي ستنقذ العالم، التي ستعيد الانسانية مرة اخرى.

١٣/ربيع الثاني/ ١٤٣٩ هجري

كشكول.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن