١٧/شعبان/١٤٣٩ هجري

48 5 2
                                    

الخميس ١٠:٥٢ مساءً

هل تشعر بي؟ هل تسمع صوت روحي القديمة تستنجد؟
هل تلاحظ شظايا الماضي التي علقت فيّ؟ هل تشتمّ رائحة قديمة تحوم في الأرجاء؟

أظن أنني القوية عائدة، تلك التي كانت ضائعة في بحر الواقع.
التي تسلّحت بدببتها المحشوة ضدّ من سرَق أحلامها.

أدرك أنني قد قللّت من شأن نفسي مؤخرًا، كيف تجرّأت على نسيانك.
تلك الأيام الكئيبة، تلك الأيام عديمة التفاصيل.
حين تخلّيت عن كلّ شيء رغم انني ذات العشرة أعوام التي كانت تخشى النوم في الظلام.

أقدم خالص اعتذاراتي، فأنا أتذكر.
أتذكر الليالي الباردة التي كنت احاول فيها التقاط صوت شخصٍ ما، ادعوا الربّ أن ينتهي الأمرُ سريعًا ويعود الجميع للمنزل.

أتذكر الطعام المقلي الذي كنت أتناوله كلّ يوم، الوجبات السريعة والتوست بالجبن الذي كان يسخر كل أصدقائي منه وتعجبوا لمكانته العميقة في قلبي لسنوات طويلة.
لا يعلمون انه كان الشيء الوحيد الذي تناولته لمدة طويلة ولم أملّ، لم أشعر بزيت المقالي في معدتي يهتزّ، ولا برائحة الطعام المجمد والصلصات الدهنية أمام أنفي.

أتذكر كيف كنتُ أعود من المدرسة الى المنزل، ألقي التحية على أصدقائي الجنّ، وأمثّل أنني لستُ خائفة من ظهور أحدهم.

أتذكر اليوم الذي قررّت فيه أن الكيل قد طفح، وأنه عليّ اغلاق باب الحمام عليّ حتى لو كنت خائفة.

اليوم الذي اتصلتُ فيه على والدتي متوترة وقلقة، اسألها كيف ليّ أن استقبل ضيفتي الشهرية في زيارتها الأولى، وردّها البارد قبل إغلاقها للهاتف.

أتذكر اليوم الذي بحثتُ فيه للمرة الأولى عن كلمة استقلال، اليوم الأول الذي اعتدتُ فيه عدم التحدّث مع أحد، اليوم الذي صنعتُ فيه لنفسي طبق تونه كنتُ فخورة به، اليوم الذي قررّت فيه أن أذاكر وكأن حياتي تعتمد على هذا، اليوم الذي توقفتُ فيه عن التواصل مع عائلتي.

اليوم الذي نضجتُ فيه، الذي ربيّتُ نفسي فيه، الذي كنتُ فيه رفيقة نفسي.

وكذلك اليوم الذي عادت به عائلتي، معها علبه أحجية كبيرة الحجم، زينّت بالرّقم ١٠٠٠ الذهبي.
كانت هديتي التي من المفترض أن تمسح ذكريات السنوات السابقة.

لكنها لم تنجح.. أنا ألاحظ أنني لازلتُ أنا ذات العشر أعوام.
لازلت قوية ووحيدة بشكل ضعيف.
لازلت أحارب بالوسائد وأفلام الأطفال.

لازلتُ أظنني أهلًا لمحاربة الواقع الذي سأم من كوني عالقة عند ذات النقطة.
معذرة؟ انا لم انتهي بعد!

كيف يجرأ على إدارة ظهره لي، لازلتُ أملك الكثير لقوله، مازلتُ غاضبة على الأيام الحزينة التي عشتها بدون أن أسمح لنفسي بالبكاء.
مازلتُ حزينه على عدم أنانيتي.

ضحيتُ بالكثير لكنك لا تكترث.
لا تعطيني ما أريده ولا تعوضني.

حذّرتك، حذّرتك وبقيتُ أحذرك كلّ مرة قبل نومي.
تمنيتُ لو أن دموعي الحارة تحرقك، ونبضات قلبي الغاضبة تفتك رأسك.
تمنيتك تختفي مع كل زفير آخذه حتى تصلَ لثقبٍ أسودٍ في مجرتنا ويبتلعك.

حذّرتك والآن سأنتشل أيًا كان ما أريد حتى دون مساعدة منك.
الأحجية ذات الألف قطعة لم تكتمل منذ أن حصلتُ عليها، منذ ذلك اليوم قبل ثلاثه سنوات.

١٧/شعبان/١٤٣٩ هجري

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 03, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كشكول.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن