إنصات فقط، ومن غير أسئلة

55 16 33
                                    

أخذ نفسٌ عميق ثم تنهد طويلاً ليبدأ قصته، أي بدأ يروي لي ماحدث ذلك الوقت..

" في وقت مضى، كنا نعيش بسعادة على الرغم من أننا قِلة! أنا وإبني هوك قبل مجيء ديانا التي هي والدتك "

شعرت بالإنزعاج الذي رسم على وجهه عندما ذكر إسم والدتي! لا أعرف لماذا ولن أسئله لأنني كنت أتشوق لمعرفة ماوراء كل كلمة يقولها فهو كان يتكلم معي بطريقة تجعلني أتحمس جداً، فكنت أستمع له بكل إصغاء ولا أتكلم أو أسأل حتى لا أُزعجه، فأكمل بعد أن ضحك بسخرية..

" هوك كالمجنون! كان لا يفارق ديانا ويلتهي عن العمل كثيراً بسبب قضاء أغلب وقته معها! وأنا بصفتي الفرد الأكبر لعائلة سينا يجب أن أحمي الشركة بشكل جيد، لقد كبرت في السن وأريد من يعاونني ويكون يدي اليمنى، هوك حينها لم أكُن أعتمد عليه "

لقد دُهشت عندما قال هذا! أبي منذ أن وعيت على هذه الدنيا وهو الذي يقوم بأمور الشركة كُلها، يعني برأيي إنهُ مدير جيد! كنت أتساءل بيني وبين نفسي، فأكمل بعد أن صمت لثواني يتذكر الماضي وكأنه قد شعر بما يدور بعقلي من أسئلة وقال بإبتسامة..

" لم يكن كما الآن، كان شاب طائش! خصوصاً لأنه كان ببداية تعلقه بـ ديانا، فأجريت إختبارات صعبة لمجموعة شباب! حتى أعرف من هو الذي يستحق أن يكون مساعدي، كان عددهم كبير للغاية وكنت أستبعد ثلاثة أو أربعة باليوم الواحد! ربما كانوا يريدون الإقتراب مني طمعاً بالشركة والثروة، كانوا يعتقدوني غبي، أو مغفل! كانوا يعتقدون إني لا أستطيع فهمهم من نظراتهم، بل إني كنت أقرأ مايدور بمخيلتهم من خلال تعابير وجوههم "

بدأت أقيس هذا الموضوع مع مايحدث بباقي الشركات، و صرت أتسائل هل يمكن أن يكون هنالك مساعد خاص أو سكرتير؟ المعتاد أن هذا العمل يكون للنساء وليس للرجال! لماذا كان جدي يبحث عن رجل وليس إمرأة؟ فأكمل بعبوس ممتزج بغضب طفيف..

" أفاعي!.. النساء أفاعي ويحبون المال كحب إبن آدم للحياة! لقد إستلمت إدراة الشركة بعد أن مرض عمي بسبب تقدمه بالعمر، وكنت أتفحص قائمة الأسماء، أسماء الفتايات اللاتي يرغبن بالعمل معي يعني كسكرتيرة للشركة، فمساعدة عمي لا أعرفها ولا أفهما، أحببت أن أختار أنا مساعدتي الخاصة! لم تعجبني صورهم الشخصية، فتركت الورقة وخرجت من الشركة لأذهب أرى ماذا يريد مني هوك فقد إتصل عشرات المرات! "

ضحكت ساخراً بداخلي وحاولت إخفاء إبتسامتي، كنت أعتقد أن جدّي رجل ذكي! هل يمكن إختيار المساعدة دون النظر لسيرتها الذاتية؟ هل يتم إختيار المساعدة الخاصة بسبب جمال وجهها الذي بالصورة المطبوعة على ورق؟ مُنذ قليل يتحدث عن الذكاء! ثم أكمل وكأنه يعيش الموقف الآن، وقال بإنفعال تمثيلي..

" دخلت إلى المنزل فوجدت هوك متكئ على ركبتيه، وبحالة مزرية! فقال لي إبني هوك بعد أن أدرك دخولي: أبي لنذهب إلى بيت ديانا ونطلبها، أريد الزواج منها قبل أن تذهب لأحدٍ غيري! فقلت له بإستنكار: ماذا تقول ياهذا؟ برأيك هل هي تليق بعائلتنا؟ هل ستتزوج واحدة كنت على علاقة معها؟ فقال بعد أن أتى بقربي والدمع بعينيه يكاد يهطل: إذا لم أتزوج واحدة أحبها، من سأتزوج يا أبي؟ فقلت له: هل هذه الفتاة الوحيدة التي أحببتها؟ لقد كلمت قبلها جميع أنواع النساء، وتركتهم دون أن تسأل عنهن حتى! لماذا هذه بالذات تريد الزواج منها؟ بماذا تفرق عن البقية؟ فقال لي برجاء: لأنني عاشق لها، كنت أتسلى مع السابقات فحسب أما "ديانا" حب حياتي الحقيقي، لقد أخبرتني في الصباح أن هنالك ناس يرغبون برؤيتها الليلة وربما يطلبونها لإبنهم! فأكملت بعدم إشفاق على حالته، وقلت بتكبر: الفتاة هذه صائدة ثروات، ومن عائلة فقيرة ولا أظن أنها تناسبنا! فنزل يمسك رجلي ويقول بقهر: أبي إذا ذهبت لغيري سأموت، أنا أعشقها، هل يموت إبنك الوحيد بسبب عادات تافهة؟ هل تريد قتلي يا أبي؟ فقلت له بعدم تصديق: هل أنت جاد؟ أتبكي هكذا من أجل إمرأة لا يشرفني أن تحمل إسم عائلـ... فقاطعني قبل إتمامي للجملة فوقف على رجليه قائلاً كطفل يريد الحصول على لعبة يحبها: لااااا، لا تكمل أرجوك، ديانا لست كما أنت تعتقد، إذا جلست معها وتعرفت عليها ستحبها أنا متأكد، لا تحكم عليها هكذا، من فضلك! ... "

مُغامرة جدّيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن