كانت تمشي بخطوات سريعة ، من يراها يحسب أن لديها موعدا مهما لا تريد التأخر عنه ، لكنه لو يعرف الحقيقة فقط سيتفاجأ حتما.
كانت تمشي من دون هدف ، لا تعلم إلى أين هي ذاهبة و اي طريق تختار.
ضائعة هي شوارع هذه المدينة الكبيرة ، التفت إلى السماء لترى سحبا كثيفة قد تجمعت و شكلت سقفا رماديا عتما يفصل بينها و بين النجوم.
يبدو انها ستمطر، قالت في نفسها و توقفت عن المشي لتحضر مظلتها الحمراء من حقيبة يدها الكبيرة
و ما إن فتحت الحقيبة حتى اصطدم بها أحد المشاة المسرعين فسقط كل ما كان بداخلها على الأرض ، انحنت مسرعة لتجمع شتات حياتها المبعثرة على الارض ، شعرت بقطرة ماء على جبينها فرفعت رأسها إلى السماء لترى أنها لم تمطر بعد ، مسحت دموعها و رفعت حقيبتها و قبل أن تخطو خطوة واحدة اذا بها تراه، آخر إنسان توقعت رؤيته هناك و الآن .
فتحت عينيها بتعجب كيف بعد كل هذه الفترة، كم مر على آخر مرة رأته، أكثر من سنة، لا تزال تتذكر فراقهما البارد ، لم يقل احدهما كلمة واحدة و لا حتى وداعا ، افترقا مثلما التقيا كغريبين لا يعرف أحدهما الاخر، شعرت بدقات قلبها تتسارع بعد كل هذا الوقت و بعد أن عملت جاهدة لتمحي كل صورة له بذاكرتها رغم أن ذلك كان صعبا بل اشبه بالمستحيل ، كيف تنسى انسانا كنت تشعر انكما خلقتما لتكملا بعضكما البعض ، كان مثل ذلك الفستان الذي ترتديه و تشعر أنه صمم خصيصا لك، يناسبك و يلائمك في كل شيء بل يجعلك تبدو أحسن و اجمل.
كيف لك ان تنسى شخصا مثل هذا و تنسى كل الاحلام التي تمنيت عيشها معه ، لكن نفس القدر الذي شاء ان يأخذ كل منكما طريقه ، جمعكما الان بأغرب الصدف.
نظرت اليه لتجده يبتسم لها ، فتح مظلته و اقترب منها قبل ان تبللها الامطار التي بدأت بالتساقط، سألها و الابتسامة لم تفارق وجهه بعد: هل تحتاجين إلى مساعدة؟