أسيرة الظل Salwa M 19

3K 227 76
                                    

أسيرة الظل
الفصل التاسع عشر

هل أحبها؟ لا هذا جنون! لا يمكن! لم يعرفها من قبل، فما الذي يدعوه لحبها؟ كل ما في الأمر إنجذاب.… مجرد إنجذاب. إنها فتاة أوربية الملامح عربية النشأة.. لعل ذلك الخليط الغريب هو سر إهتمامه بها، و لكن.. لا، ليس هذا الأمر فقط، فهي أول أنثى تواجهه و كأنها ند له، و كأنها محارب يدافع عن أفكاره و أرائه. لم يرى فيها إذعان النساء اللاتي كن يلتففن في يوم ما من حوله رهن إشارة من يده، و رغم ذلك، كانت لا تزال تحمل براءة الطفولة بداخلها. و كأنها بألف روح و روح.

لم يكن سليم وحده مشغول الخاطر، فلُجين تكاد تجن في حجرتها. إن ذلك الرجل كان آخر ما فكرت به قبل أن تنام، و كل ما حلمت به أثناء نومها، و أول ما جاء ببالها فور أن إستيقظت. ماذا بها؟ هل وقعت أسيرة لتعويذة ألقاها على مسامعها دون أن تدري؟!

حينما تقابلت مع جوليا و فيليبو في اليوم التالى كي يهبطوا لتناول الإفطار في مطعم النزل، كانت شاردة الذهن لا تركز في شيء سوى أفكارها الخاصة، حتى أن فيليبو و جوليا تبادلا نظرات الدهشة حول ذلك الأمر. عندما وصلوا لأخر درجة في الدرج، جاء صاحب النزل مسرعاً نحوهم، و هو يقول:
" إن شخصاً مهماً قد أرسل من يصطحبكم لقضاء بعض الوقت في بيته، و.."
أجابه فيليبو متعجباً:
"لكننا لا نعلم أي شخص في هذه المدينة كما أنني أرغب بالبحث عن منزل كي أشتريه لزوجتي و ابنتي، لذا لا وقت لدي لزيارات عائلية!"
"سيدي، ربما من الأفضل لك الذهاب مع من أُرسل لاصطحابكم."
"هل هذا تهديد؟! من هو ذلك الشخص؟"
"غير مصرح لي أن أعلمك عن اسم ذلك الشخص. فقط إن أردت العيش بسلام في هذه البلاد، فلتبي دعوته."
تبادلت جوليا و لُجين و فيليبوا نظرات التعجب و الحيرة، و لكن ما باليد حيلة. يكفيهم ما لديهم من أعداء حتى الآن.
إتجه ثلاثتهم نحو بهلول الذي كان بإنتظارهم عند مدخل النزل، و خاطبه فيليبو:
" الم يستطع سيدك الإنتظار حتى نتناول وجبة الإفطار؟"
"بلى، يا سيدي، و ذلك لأنه يود إستضافتكم لتتناولوه معه على مائدته العامرة."
"حسناً، لنسرع، فلا داعي لأن نموت من الجوع و الفضول طيلة اليوم هنا. هيا بنا!"

إنطلقت العربة تقطع الطريق بجيادها العربية الأصيلة، و رغم إسراع الخيل إلا أن الرحلة كانت مريحة. كان قلب لُجين يكاد يقفز من صدرها، فمعنى أنها رأت بهلول، أن سيده هو ذلك الرجل.. سليم. يا إلهي! يجب عليها إن تعتاد الاسم. كلما حاولت أن تنطقه تصيب شفتيها الرجفة، و يزداد خفقان قلبها شوقاً. ما الذي يحدث لها؟ ما الذي فعله ذلك الرجل بها؟ تنهدت يائسة بصوت مسموع، فسألتها جوليا:
"هل أنت على ما يرام يا عزيزتي؟"
"نعم يا أمي، أنا بخير. هل حركة العربة تضايقك؟"
"لا يا عزيزتي، فالعربة فخمة مريحة، و كأنها عربة ملك أو أمير."

هنا رأت لُجين إختلاج عضلة في وجه بهلول، فأحست بأن جوليا كانت أقرب للتخمين الصحيح حول سليم. لابد و أن يكون ملكاً أو أميراً أو قائداً للجيش، فصوته آمر ناهي! يحمل كل معالم السلطة و السيطرة و الشخصية القوية، لولا تلك السخرية المريرة في كلماته لأعجبت بطريقته في الكلام هذه، لكنها تثير حنقها في أغلب الأوقات.

أسيرة الظلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن