الإعتِيادُ على الأمر..

14 0 0
                                    

لرُبما هذا اصعبُ جزءٍ بالنسبةِ لي، فكيفَ ابدأ.. و كيفَ انتهِي؟
افكاري تلتهِمني، و تُعذبني.. اصارِعُها يوميًا للبقاء.. لا احد يفهمُ معاناةِ بقائِك وحيدًا بلا سندٍ و ظهر.
ألسنا بشر؟ و أليس الأنسان وُلِدَ لكي يُخطئ؟و انا اخطأت، اخطأت كثيرًا! و لكِن أليست هذهِ مُهمةُ الربِّ في محاسبتي؟
هل كانت غلطتي الوحيدة إني كُنت أهابُ التكلُمَ معَ الناس؟ فتنمرتُم عليَّ و جعلتموني اتناوَلُ سُقمَّ هذهِ الحياةِ جيدًا؟ فلم يكُن نهاريَّ نهارًا و لا ليليَّ ليلًا! اكتأبتُ اكثر مِما يجِب، و لا يمكنني عدُّ المحاولاتِ التي اردتُ فيها قتلَ نفسي.. فمَن انتَ لتحكُم عليّ؟ لتنظُرَّ إليّ مِن الخارِج، و تُشيرُ بأصبعِك: إنها هيِّ الفتاةُ التي.........أنا هيَّ و أفتخِرُ بكونِيَّ هِيَّ! أعتزُّ بكونِي بهذهِ القوة، بمحاربِةِ الجميع، بمحاربةِ اكتئابي، هلوساتي و حالاتيَّ الهيستيرية.. لم اكُن بهذهِ القوة قط، في مجتمعٍ سافِل، هابِط ، شديد الإتّهام، لا يُعذِّر ولا يُفكِّر.. اقِفُ مِن جديدٍ على قدميّ.. رغمَّ الكثيرِ مِن محاولاتِهِم لطمسِي، و تذكيري بما حصّل ليّ.
لطالما شعرتُ بأنني استحقُ الأسوأ، و أن لا مفَّر ليَّ من كلامِهُم، و أنني مُجردُ فتاةٌ سيئة، مجردُ عار، مجردُ خيبة أمل.. فجعلتُ نفسِي ذلك، و كان هذا خطأي، أنني لم ارَّ نفسي أنسانًا، بل مُجرَّد عارٍ و فساد..
لرُبما الخُروج مِن هذهِ المرحلة كان الأصعب، كان يجِبُ عليَّ أن اعرِف قيمة نفسِي و كان صعبًا جدًا.. فقد أخذ ذلِك مِني ادويةً و دمي، و عقلي، وقتي و راحتي، و كُلَّ جزءٍ مِني.. لأستوعِبَّ أخيرًا، أن نفسيَّ اغلى لديَّ مِن الجميع، و أن لا احد يستحِقُّ دمعةً مِني.
يبدو و أنني تخطيتُ هذهِ المرحلة جيدًا، و لكِن آثارُها ما زالت تُغطيني، فتارةً اكونُ سعيدةً و لا شيء يُقلِقني، و تارةً اكونُ تِلكَّ البائِسة.. و تِلكَّ البائسة، تحاوِلُ قتلي دائمًا..
أنني ادورُ في نفسِ الدوامةِ دائمًا و لا أعلم ما المفّر مِنها! روحي تتناولُني و سوداويةُ افكاري لا تُظهِرُ أيةَ رحمة!
فكُلما مشيتُ و مشيتُ وجدتُ نفسِيَّ مجددًا في نفسِ النقطة، في مرحلةِ البداية.. اودُّ الأنعزال، عينايَّ لا يذرُفانِ دمعًا، أُمسكِ بطوفانٍ بيداي، و احاوِلُ جدًا أن لا أجعلهُ ينسكِب..  فأن أنسكب، غرقتُ .. غرقتُ غرقًا لا يستطيعُ احدًا انقاذيّ مِنهُ، و لا يمكِنني الموتُ مِنهُ فأنا أغرق، و كُلِ شيءٍ مُظلم، و لا اُجيدُ السِباحة.. و المياهُ تخنِقني، لكِنني لا أموت، لا أموت.
اذهبُ للنومِ فأرى كوابيسًا، لواقِعي و كُلِ ذكرياتِي المؤلِمة، فأنهضُ مِن نوميَّ مصدومةً قلبي يكادُ أن يخرُجَّ مِن قفصِي الصدرِي، و افكاري تتحاربُ في عقلي، و معركة البقاء جِدًا صعبة، مع عقلٍ مكتئِب، و قلبٍ مُمزق، و عينانِ بِلا دمع.
عيناي تكتسيانِ بالبياضِ عندما يوقِظني احدٌ من نومي، أنهُ يحصِلُ مجددًا، الهلوساتُ عادت إليَّ، و حالاتِيّ الهيستيرية عادت مُجددًا، لن أستطيع البقاء، لن أنجو، لن ابقى، كُل شيءٍ يتكررُ مجددًا، كُلَّ عام، كل شهرٍ ولا استطيعُ مجابهةً ظُلمتي، فشبحُ بؤسي يريدُ الإنتقامَّ مِني، يكرهُ قوتي، يكرهُ سعادتِي، و الأكثر.. يريدُ قتلي، فيجِدُني سِرَّ بؤسه، و قد تخليتُ عنه، و انا مجددًا ارى كُل ظلماتي تحاول قتلي بكُلِ امكانيتها، فجسدي مغطى بالدماء، و يدايَّ ترتجِفان، و عيني تذرِفُ الدموع، و فمي يُردد "لا اُريدُ هذا الجسد، أنه سببُ بؤسِي، لا اريدُ العيش بهذا الجسد، لقد آذاني كثيرًا، لستُ سيئة، لستُ سيئة، لا اريدُ هذا الجسد".
لا احد يرى ذلِك و لكِنني اموتُ يومًا بعد يوم، يومًا ما، سأختفي من حياةِ الجميع، سأُحلِقُ في السماء، و سأترُك قسوةَ عالمكُم .. لكُم.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 13, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

البُؤس يلحَقُنِي..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن