كيڤين صاحب الثالثة عشر عاما يعيش حياته العادية بشكل عادي ، يستيقظ باكراً يتناول إفطاره يذهب للمدرسة يعود يُنجز واجباته المدرسية والمنزلية يلهو قليلاً يتناول عشاءه ثم ينام ، هذا روتينه اليومي الذي قد يعتقد البعض انه مُمل لكن كيفين لم يَرغب له بالتغير ، استيقظ في احدى عُطل نهايات الأسبوع على بكاء اخيه الرضيع وقد جعله هذا غاضِباً كان يُحب ان يستيقظ مُتأخراً في العُطلات مُعوضاً وجوبه بالإستيقاظ مُبكراً طوال الاسبوع ، صاح مُجلجلاً ارجاء المنزل الصغير
- أُمي إجعلي سام يخرس !
نعم كان منزلهم صغيراً لدرجة ان أُمه بأمكانها سماعه اينما كانت ، على الرغم من ذلك استطاع كل فردٍ في عائلته الحصول على غرفة خاصه بِه عدا سام الذي ينام مع أُمه ، كانت عائلته صغيره على أي حال ، لم يكُن لديه أب ولديه اخت واحدة وأخ وحيد.
لم تمُر سِوى دقائق عندما حل الصمت على ارجاء المنزل مُجدداً مُخرساً سام الباكي .
تنهد كيڤين بإرتياح وراح يُغمض عينيه مُجددا طمعاً بالمزيد من النوم إلا ان هذا الاخير غادره مُودعاً ففتح عينيه عن آخرهما وبدأ الغضب يتصاعد فيه مُجدداً ، لطالما اخبرته امه بأنه يغضب بسرعه على اتفه الاسباب لكن كيڤين لم يكُن يراها اسباباً تافهه بل هي تستحق كلَ نقطه غضبٍ كان يغضبه .
ابعد غطاء السرير عنه بقوه جاعلاً إياه يتمدد على الأرض نهض يرتعد ولولا ضربة الباب بالجدار التي هدأت من غضبه لكان سينوي ارتكاب جُرم بأخيه الصغير ، تنفس هواءاً عميقاً ثم زفره لتُزاح الفكره عن جذورها من عقله ، قصد المطبخ المتواجد في الطابق السُفلي بينما فقط غُرف النوم الثلاث من استطاعت الحصول على مكان لها في العُلوي ، نزل السلالم مُتجاهلاً الدرجة الاخيرة كعادته وقفز لتطأ قدمه العاريه احد العاب سام ذات الحواف المُدببه ليصيح من فرط الالم ويسقط على وجهه ، جزعت والدته التي التفتت إليه جافلة بينما كانت تُحضر مائِدة الإفطار المُكونه من البيض واللحم المُقدد وعصير البرتقال الطبيعي ، هرعت مُسرعه تساعد وليدها على النهوض وتتفحصه من رأسه الى اخمص قدميه ، لاحظت ان انفه يَدمي وقدمه قد تورمت ورماً بنفسجياً .
- اوه عزيزي كيڤين هل انتَ بخير ؟
اومأ الصبي وعيناه امتلأتا بالدموع لكنه لم يبكي
- انا حقاً حقاً آسفه ، كان علي وضع لُعب سام في الصندوق
سام مُجدداً تسبب في جعل عُطلته اسوأ
احضرت سونيا عدَة اسعافاتها الأوليه ومسحت خيط الدم عن انفه ولفت قدمه المُتورمة بشاشٍ أبيض بعد أن عقمتها ثم تأكدت مع عدم وجود أي خدوش او رضوض قالت له مُربته على كتفه
- إنتهينا ، اذهب لتناول إفطارك الآن سأُنادي أُختك
فعل ماقالته مُحاولاً ان لايضع كامل ثقله على قدَمه المُصابه وراح عقله يُفكر في اخته حاسداً نومها الثقيل ، كيف لم تستيقظ مع كُلِ هذا الضجيج ؟ ، جلَس مُتأوهاً واكل بشهية كامله ، مرت دقائق قبل ان تمتلئ طاولة الطعام بجميع افراد الأُسرة عدا سام الذي تناول إفطاره بالفعل وعاود النوم ، جلست سونيا في الوسط بجوار ابنها كيڤين وابنتها كلوي التي بدأت تأكل بعينان نصف مُغمضتان وتتثائب كل دقيقة ، كلوي ذات الحادية عشر عاماً تصغر كيڤين بسنتين فقط لكن جرئتها وسيطرتها تفوقانه بكثير ، يُخطيء الناس بينهما احيانا فيظُنون ان كيفين يصغُرها .
تناولوا طعامهم في صمت دام خمس دقائق قبل ان تفتح سونيا حوارا قائلة
- اذاً ماهي مُخططاتكم لهذا الأسبوع ؟
تململت كلوي في حين اجابها كيڤين
- سأذهب للبرية مع إيدي
رمقته كلوي بنظرة مُشككة ثم صاحت بنبرتها الحادة المُزعجه التي كانت احياناً تُخيف كيفين
- مالذي تفعلونه يومياً هناك ؟!
- ليس هذا من شأنك
زادت حدة نبرتها بينما كانت تقول
- لم لا تأخُذاني معكما ؟!!
- هذا ليس عملاً للفتيات الصغيرات
- اسمع قد اكون اصغر منك عمراً لكن هذا مُجرد رقم جميعنا يعرف انني اكبرك عقلاً ثم ...
سكتت قليلاً تنظر الى تعابير كيڤين المُنزعجه بدا مُغتاظاً جداً من كلامها ثم اكملت قولها مُفكرة
- عمل ؟ ماذا تعني بقولك عمل ؟ هل تعملون شيئاً في البرية ؟
ازداد احمرار وجه كيڤين ولولا مقاطعة أُمه لهما لكان سيدفع ماعلى المائدة من أواني ويصرخ في وجه اخته ثم يركض الى غرفته غارساً اقدامه بكل قوته على الأرض الخشبية في كل خطوةٍ يخطوها ، لكنه فكر في لحظةٍ ما بقدمه المُصابه
- كفى !!
صاحت والدته
- الا يُمكننا ان نحظى بحديثٍ عادي واحد على الأقل ؟ ، انتم إخوه لا ...
قاطعها صراخ سام الباكي الذي اخيراً ولأول مرةٍ لهذا اليوم يفعل فعلاً لصالح كيڤين ، فلم يكن يرغب في سماع مُحاضرة اخرى من محاضرات أُمه المُملة وما إن ابتعدت عن الأنظار حتى استحال نظر كلوي إليه في نظره صارمة وهمست له
- سأعرفُ ماتفعلانه
ثم وضعت شوكتها بأناقه على طبقها وغادرت وشعرها الداكن المعقوف على هيئة ذيل حصان يتحرك خلفها كالبندول ، تبعها بناظريه حتى اختفت اعلى السلالم ، تنهد بشيء من الإرتياح واسند ظهره على كُرسيه ينظر لعقارب ساعة الحائط التي كانت تُشير للحادية عشرة صباحاً ، اتفق هو و إيدي للمشي معاً قاصدان البرية لكن قد تتغير خُططه الآن بعد ان كادت أُخته اكتشاف سرهما الصغير ، لكنه سيخرج على أي حال لإبلاغ إيدي .
قصد غُرفته عارجاً في مشيه مع أن الألم قد خف كثيراً الآن لكنه لن يُغامر بالضغط عليها حالياً ، ارتدى مِعطفه فالجو بدأ يستحيل للبرودة هذه الأيام وربما ستمطر ايضاً ، نزل بسرعة خشيةً إلتقاء اخته ، صاح بعد ان وصل للردهة
- أُمي سأخرج الآن
سمع صوتها قادما من اعلى لكنه كان واضحاً
- هل اخذت معطفك ؟
- اجل
- عد قبل حلول الغداء او ما إن يبدأ المطر في الهطول ، لاتكرر فعلتك في المرة السابقة عندما كنت تلهو في المطر مع اصدقائك وعدت لي وحرارتك تفور
- حاضر
خرج مسرعاً قبل ان تُفكر امه في أي أوامر اخرى او توصيات ، كان الجو ضبابياً كعادة البلدة الصغيرة التي يسكُن فيها ، نادراً مايكون الجو مُشمساً صَحواً وما إن يكون كذلك حتى تمتلئ الشوارع بالسكان وتخلو البيوت من اصحابها لتمضية الوقت في التنزه خارجاً لكن ليس هذه المرة ، كانت الغيوم تلبد السماء فأدرك كيفين ان لديه وقتاً محدوداً للعب في الخارج قبل ان تُمطر ، راح يسير في الرصيف الذي حفظه عن ظهر قلب وكان يتوقع ما إن يصل الى ناصية الشارع حتى يجد إيدي يتقدم إليه مُلوحاً وهذا ما حدث .
أنت تقرأ
عالمٌ آخر | Another world
Horrorتعرف على قصة كيڤين ذو الثالثة عشرة عاماً وكيف استحالت حياته من عادية الى خارقة للطبيعة .. . . . الغلاف من تصميم : @kitty_katxx