الجناية

5.3K 21 1
                                    


  كانت الساعة بعد الثانية .. وكنت اتناول قدحاً في بار كوغان وهوقريب من مكتبي في الشارع الخامس والاربعين.
كان الحر شديداً مذيباً , بحيث لم يكن باستطاعتي ان اتحرك من مكاني .. استسلمت للواقع واسترخيت فوق الكرسي اتابع رواية في التليفزيون 
واقبلت الفتاة في هذه الاثناء تسير وئيداً وهي تنظر الى من حولها , واقتربت من تيم كوغان صاحب البار, والقت عليه سؤالاً, فنظر نحوي من طرف عينه , واشار لها اليّ, فأقبلت تقول:
- هل انت ستيف كوناشر؟
احنيت رأسي بالموافقة وسألتها :
- من يريد ان يعرف ذلك؟
قالت " إني ادعى جوى مارش وقد ارسلتني ماري راي اليك وقالت اني سأجدك في هذا المكان .
- انقلي اليها سلامي واعتذري عني وقولي لها اني لا استطيع زيارتها الليلة , ثم اني لست في حالة نفسية تمكنني من السهر والعبث.  

  وقالت الفتاة "انها لا تطلبك لقضاء ساعة من العبث والتندر معها ولكنها تريد ان تراك ."
- وانا اريد ان اراها.. ولكن ليس الليلة كما اني اريد احتساء قدحي على مهل وتلذذ.
- هل تشربين معي قدحاً؟
- شكراً جزيلاً .. فلست اريد شيئاً.
- بلى يجب ان ان تطلبي شيئاً .. لأن صاحب البار يضيق صدراً حين يسمع اعتذاراً من هذا النوع , ويعتبره دليلاً على ان الزائر لا يرضيه شرابه .
وابتسمت وطلبت قدحاً من الأشربة الخفيفة .
كانت الفتاة حيية مهذبة كما بدا لي.. وقد سرني ان اجالسها واطارحها الحديث بعد العناء الذي اصبته في نهاري . سألتها بعد ان ان حمل الخادم شرابها :
- كيف حال ماري؟ إني لم ارها منذ زمن طويل.
- انها بخير .
- هل انت صديقة لها ؟
- اني اعرفها جيداً.
- انها امرأة عظيمة , أليس كذلك؟

- انها من احسن النساء.
- ما الذي تريده مني ؟
- لست أعلم بالتأكيد.
- هذا حسن جداً. فقد كنت ارجو ان لا تكون في حاجة ملحة لرؤيتي وان تتركني الليلة اقوم بواجبك انت, وادعوك للسهرة معي.منتديات ليلاس
فقالت وهي تتكلف الابتسام :
- هذا مستحيل, خصوصاً الليلة , لأن عليك ان تذهب لزيارة ماري.
- باستطاعتها ان تنتظر .
- ولكني سمعتها تلح في طلب الاجتماع اليك ولابد ان الأمر خطير ولهذا ارسلت تطلبك.
وتحركت من مكانها .. تودعني , وفتح باب المشرب خلفها في هذه اللحظة , ودخل رجل ضخم الجسم , شرس الملامح , معتدل القامة, صاح يطلب قدحاً, فأقبل تيم يحمله اليه , الى حيث جلس بالقرب من الحائط , فجرع منه جرعة محترمة , وتناول من جيبه صحيفة سباق وضعها امام عينيه, كمن يريد قراءة آخر الأخبار فيها.
ولكني لحظت انه لم يكن كثير الاهتمام بها, كان اهتمامه موجهاً الى جوى التي كانت تودعني وقد اعطته ظهرها يتفحصها من رأسها الى قدميها.
استدارت الفتاة تريد الباب , فشاهدته , فاهتزت وذعرت واخذت تنظر الى حقيبتها , وتقول بصوت أسمعه :
- ارجوك ان تسرع بالذهاب الى ماري فإنها بحاجة اليك.  

  - قلت دعينا نذهب معاً.
- لا .. لأن عليّ ان امضي في سبيلي, كما ان طريقي يختلف عن طريقك .
ومضت نحو الباب , اتبعها بنظري , فرأيت الضخم الجسم يهم باللحاق بها فأسرعت نحو الباب اقف في طريقه , واتظاهر بالبحث عن سيكارة في جيبي لأعطي الفتاة مزيداً من الوقت للاختفاء عن نظره.
دفعني بيده فصرخت في وجهه:
- لا تفعل.
- تنح عن طريقي.
وامسك بذراعي يحاول ان يلويه فرفسته في بطنه , فتركني وشأني , ليعود اليّ ثانية , وهم يشتم ويلعن , وليصيبني في وجهي بلكمة من قبضته هدّتني والقتني الى جانب البار.
فلما عاد اليّ في المرة الثانية رأيت من الحكمة ان استعمل قدمي في ترويعه و إيذائه, فقد كان ضخم الجثة وانا صغيرها , ولكني كنت اسرع منه حركة وامضى عضلاً, فقررت الإفادة من سرعتي وعضلاتي , إذ ليس يصح ان تتلاحم الاجسام حين لا يكون هناك تناسب في الحجم و الوزن.
رفسته في بطنه فتراجع قليلاً , وراح يمد يديه اليّ ليتمكن من إمساكي فهويت عندئذ بقبضة يدي اليمني على فكه , وارسلت معها كل ما أمكن من القوة , فهوى أرضاً, واسرع صاحب البار يتدخل , فتركت الرجل لمصيره, وتوجهت نحو الباب ابحث عن سيارة تقلني الى منزل ماري راي.ريحانة
كان منزلها في شارع هادئ ثري في سوتون , ودفع الناظر اليه الى الايمان بثراء صاحبته وحبها للهدوء, وقد كان هذا ماترمي اليه ماري لأنها كانت تدير منزلاً للعبث واللهو , ولكن على نطاق عال ممتاز, وكان يهمها ان يكون الشارع هادئاً, وان يكون المنزل مثل الشارع هدوءاً وبعداً عن الضجة و الأنظار.

***
تقدمت نحو الباب افكر في السبب الذي دعا ماري راي لطلبي. لقد كانت تعمل راقصة في سابقات ايامها , وحين اختلفت مع احد المعجبين بها, وكسر لها رجلها, اصيبت بصدمة منكرة, واخذت تفكر في الطريقة المثلى لتأمين حياتها في عمل جديد , بعد ان اصبح من المستحيل عليها ان ترقص.
علقت احد الأغنياء فجمعت منه بعض المال, وكانت بطبيعتها مقتصدة, ولم تكن تصرف من اجرها يوم كانت تعمل راقصة إلا اقله, فجمعت من هذا وذاك ثروة صغيرة , حاولت استثمارها في مخزن للأزياء , ثم ضاقت بالعمل ذرعاً, فوقعت في حبائل محتال سرق اكثر مالها وهرب به, فاستأجرت هذا المنزل, واعلنت عن رغبتها في الحياة الهادئة, لا تستقبل فيه إلا من يرضيها من الجنسين, ومن تختاره من كرام الناس الذين يطلبون العبث ولا يبالون ما يدفعون في سبيل ذلك.

العاشق القاتل - روزانا مارشال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن