7_ماذا يخبىء الظلام

1.4K 53 3
                                    


أبتعد عنها رون برادويل فورا , أستقام في وقفته وعدل وضع ربطة عنقه مبتسما بأنتصار:
" عزيزتي , ليس هذا الوقت الملائم , يجب أن تكبحي عواطفك الأنثوية وأنتظري حتى نكون وحدنا".
نظرة واحدة على دريك أعلمتها أنه فهم مغزى جملة رون برادويل , بدا الأحتقار والأشمئزاز ظاهرين بوضوح في نظراته المسددة لا نحو الرجل الجائر , بل نحوها.
عدلت ألونا فستانها , كانت خجلة لعثوره عليها في ذلك الوضع و غير أنها لم تحاول الدفاع عن نفسها... وبدا الأحتقار واضحا في سلوك دريك الى حد لم تجرؤ فيه على الحديث.
قال دريك محتدا:
" برادويل , سأكون ممتنا لو تفضلت بالعودة الى الآخرين وأختلطت معهم , أما أنت فسآخذك الى بيتك ,حيث وفيت بوعدي لك بتعريفك بعدد من الزبائن لمكتب الطباعة , ولا لزوم لبقائك فترة أطول ".
تباطأ رون برادوي مبتسما لغضب ألونا :
" ليس من المألوف طرد المضيف لمدعويه".
" حسنا جدا , تريد مني ترك المكان , ولكن أذا أخبرتني السبب قد أحاول بذل بعض الجهد للدفاع عن نفسي".
ضحك رون برادوي أستهجانا:
"حين تحاولين أغوائي في المستقبل , لتجعليني أقنع دريك بأعادتك الى عملك .... لا تختاري هذا المكان , فهناك دائما خطر الأنكشاف".
زاد غضبها الى حد لم تعد تر فيه شيئا , مدت يدها فجذبت مزهرية خزفية ورفعت يدها لترميها نحوه , غير أن دريك أندفع نحوها , أمسك بيدها وتناول المزهرية:
" سأروض النمرة فيك بنفسي ,أذا لم يحاول أحدهم ترويضك لن يعود في الأمكان السيطرة على أهوائك".
وسحبها الى الصالة حيث طلب من الوصيفة المذهولة جلب معطفها .
" لا تستطيع أيصالي الى الى البيت أذ سيأتي راي لأصطحابي".
قال رون برادويل الواقف وراءهما:
" وجدتها في مكتبك تحاول الأتصال بصديقها".
" لا تتدخل فيما لا يعنيك يا سيد برادويل , لم لا تطيع سيدك فتذهب لتسلية الضيوف و.....".
" ما هو رقم تلفون صديقك؟".
وأذ أمتنعت ألونا عن الأجابة قال:
" حسنا دعيه يأتي بلا فائدة".
فأخبرته حينئذ رقم الهاتف:
" سأسال الوصيفة الأتصال به وأخباره بأنني سأوصلك الى البيت".
تناول معطف ألونا ثم أعطاها رقم هاتف راي لتتصل به , ساد الصمت طوال طريق العودة ولم ينطق دريك بشيء حتى أوقف السيارة أمام باب الكوخ.
" حسنا؟".
نظر اليها منتظرا فأتضح ما أراده حين لاحظ نظراتها المتسائلة :
" أخبرتك في وقت مبكر من مساء اليوم أن وقت الشكر سيحين فيما بعد.... وأجد الوقت ملائما الآن".
" شكرا لتوصيلك أياي , شكرا لتعريفك أياي بضيوفك ... تصبح على خير ".
فتحت باب السيارة ووقفت في الخارج باحثة عن مفتاح البيت متمنية وجود القمر ليساعدها.
لحق بها دريك بسرعة ثم قال:
"ليس هذا ما عنيته وأنت أدرى بذلك".
فتحت الباب ودخلت مسرعة , محاولة أغلاق الباب في وجهه غير أنه خمن ما أرادته ففشلت.
فكرت بأن الضوء سيساعدها , سيخلصها من خطورة ما تحمله الظلمة من تجاوز للموانع , أشعلت عود الثقاب وقربته من المصباح غير أن أرتجاف يديها حال دون ذلك , فأخذ دريك الثقاب من يدها وأشعل المصباح.
" هل ترتعشين بسبب أغواء رون برادويل لك؟".
" هل تصدق كل كذبة يقولها برادويل؟".
" كذبة؟ رأيت بعيني ما حدث بينكما".
" صدق ما تريده".
أنحنى وأمسك رسغها , جاذبا أياها من الكرسي.
أحست بضغطه يقل فظنت أنه سيتركها لوحدها غير أنه خيب ظنها , لا بد أنه تأثير فستان لوسيا.
" عذبتني طوال المساء , أردت طول الوقت فعل ما أفعله الآن".
ثم همس بصوت متحشرج:
" عرفت أنني لن أحتاج وقتا طويلا لتليين مقاومتك".
فسرت ما قاله بأعتزازه بمودتهما وليس سخريته فبقيت حيث هي , رمق السلم بنظرة سريعة ثم قال:
" هل أحتاج الى وضع النقاط على الحروف؟".
" هل كان هذا هو السبب الوحيد لمساعدتك أياي؟ لتحصل على المكافأة في النهاية ؟ آسفة لكن( ونظرت الى فستانها) لا تدع هذا الفستان يخدعك , أنه ملك لوسيا وأقترضته منها , تذكر أنني لا أزال في داخلي الفأرة ذاتها وأن تنكرت بملابس أنيقة".
مد يده وأمسك بها ثانية , نظر اليها بحدة قائلا:
"حين أكون مع أمرأة , لن تهمني ملابسها كثيرا , أن ما يهمني بالدرجة الأولى هو أنوثتها".
حرك أصابعه بنعومة على كتفيها ففكرت بأن عليها التخلص من تأثيره قبل أن تقع ضحية حبها له.
أصبحت الكلمات حمايتها الوحيدة لتخلصها من أهوائه وأهوائها هي في نفس الوقت , أبعدت وجهه بأصابع مرتجفة وعلقت بتهكم:
" أنك رجل خبير , ولن تتمتع بخداع فتاة جاهلة مثلي".
" هل تدّعين أنك جاهلة؟ بعدما رأيتك تتصرفين بتلك الطريقة مع برادويل؟ ثم طريقتك معي, رغم وجود صديقك المخلص , لم يكن أستسلامك بعيدا منذ لحظات , ولا تستطيعين أنكار ذلك الآن".
بدا وكأنها نجحت في خلق ثغرة بينهما , حررها من قبضته نهائيا , وغادرها فأحست بالبرودة والوحدة يغزوان المكان.
ذهبت ألونا بعد ثلاثة أيام مع لجنة الأحسان لتوزيع نشرات الدعاية للأحتفال.
أسرعت السيدة براينت , في مقدمتهم , بخطوات أدهشت البقية لأنها بدينة.... وكانت ترتدي فستانا يليق بأحتفال ملكي , تبعها الكولونيل دينتون لاهث الأنفاس وأستدار ليشتكي من سرعتها ألا أنه أنتبه الى أختفائها عن ناظريه قبل أنتهائه من جملته.
عادت ألونا مع راي بشاحنته الى الكوخ , ثم دعته لتناول القهوة معها.... فجلست في كرسيها الهزاز بينما أحتل هو المقعد المجاور للطاولة في غرفة الجلوس.
" ما هي أخبار مكتب الطباعة؟".
" راي , لن تصدق ما جرى .... الأعمال متراكمة".
" عظيم , ما الذي سبب ذلك".
" هل تذكر ليلة أصطحابك الى بيت دريك ؟ كان المدعوون رجال أعمال من معارفه وأخبرني بأنه سياساعدني للحصول على بعض العمل , وأبدى الجميع أهتمامهم ووعدوني بأرسال الأعمال.... ووفوا جميعا بوعودهم , أستطيع الآن دفع قرضك ,والأيجار حالما يأتي جامع الأيجار".
" بدأت أذن صعود سلم النجاح , ويعود الفضل كله الى رب عملك السابق".
" نعم.... الرجل الذي طردني".
" ثم منعك برسائل التوصية من الحصول على عمل آخر ".
" الى حد ما , أذا كان من كتب الرسائل.....".
ودهشت لدفاعها عن دريك , ما فائدة ذلك ما دام لن يقدره ؟".
" رغم ذلك لم يحاول السيد دريك مساعدتك للحصول على عمل آخر".
هزت رأسها كارهة الأعتراف بأن من تحبه منعها من العثور على عمل .
" والآن.... ها هو يقوم بكل ذلك لمساعدتك , ما سبب التغيير ؟".
أحمر وجه ألونا بسرعة:
" هل هو الحب؟".
أطرقت برأسها قائلة:
" من جانبي فقط يا راي , أما بالنسبة اليه فأظن أنه أحس بتأنيب الضمير لسلوكه السيء معي ,خاصة بعد معرفته بأحتمال طردي من الكوخ لتأخري عن دفع الأيجار".
" شكرا لمصارحتي بالحقيقة يا ألونا".
رفعت رأسها بسرعة وأبتسمت شاكرة أياه تفهمه لموقفها , ثم نهض واقفا , منتظرا بصبر أنتهائها من كتابة الصك له بقيمة القرض.
" لا حاجة للعجلة كما تعلمين ولكنك كما قالت السيدة براينت , فتاة لطيفة ذات مبادىء عالية.
صححت ألونا جملته:
" ذات أخلاق عالية".
وضحكا سوية ثم حياها وأبتعد بشاحنته.
كانت ألونا مشغولة بالطباعة حين سمعت طرقا على بابها , ظنت أنها السيدة ميسي جاءت لأخبارها أنها مطلوبة هاتفيا فأسرعت لفتح الباب .
وقف رون برادويل أمامها ضاحكا فصفقت الباب في وجهه , غير أنه وضع قدمه بينهما فمنعها من أغلاق الباب.
" ليس بهذه السرعة .( وخطا نحو الداخل فلم تستطع منعه) لا تخافي , أنها زيارة ودية فلست هرا جاء لأبتلاعك".
نظر الى الآلة الطابعة والرسائل الموضوعة على الطاولة وكومة الأوراق الموضوعة جانبا.
" تحولت الى أمرأة أعمال ناجحة ,كل هذا والمكان غير مزود بالكهرباء .... الشرط الأساسي لنجاح عمل أي مكتب".
"كل ما أحتاجه هو الآلة الطابعة يا سيد برادويل".
" وما هي خدماتك المتوفرة لمديري السيد دريك واريك؟".
" أن تلميحاتك لا معنى لها يا سيد برادويل".
نظر حوله بسخرية :
" يا لها من كلمات مهذبة , لا وجود لشاهد فلا تستطيعين دحض ما أقوله , ما الذي يفعله لك السيد واريك ؟ هل يواصل تزويدك بالمال؟ ".
" لم لا تغادر كوخي؟ أعرف أنه كان مفتوحا لك.... لكن لوسيا لم تعد تقطنه ولا أحد هنا يرحب بك كضيف , , فأرجو منك الذهاب وألا ...".
" نعم؟".
وسار نحوها ببطء ونظراته القبيحة مركزة عليها.
" ما الذي ستفعلينه ؟ تطلبين النجدة؟ من سيسمعك؟".
جفف الخوف فمها وجمد أصابعها , ثبت يده حول عنقها:
" من سيسمعك أذا صرخت؟ أذا فعلت هذا ؟ وهذا؟".
وزاد من شد يديه حول عنقها فأدركت ألونا خطورة موقفها وذعرها من شؤاسته , وحن بدأ يعانقها جمدت في مكانها كالحجر الأصم , وصرخت:
" أبتعد عني ! عد الى زوجتك ... رغم أحساسي بالشفقة عليها ".
" أذا تلفظت بشيء آخر سترين....".
سمعت ألونا صوت وقوف سيارة أمام المنزل .... أنها شاحنة راي , خلصت نفسها وركضت نحو الباب , فتحته أذ لاحظت نزول راي من السيارة ورمت نفسها بين ذراعيه , بقيت في مكانها مرتجفة , هامسة:
" أنه رون برادويل , أنه يهددني...........".
" حسنا يا حبي.... أهدئي ( وضع يديه حولها) سيغادر المكان الآن , أبقي في مكانك حتى يذهب".
حين سمعت صوت سيارة برادويل تبتعد , تركت راي رغم أرتجافها المتواصل.
" تحتاجين فنجان قهوة ليعيد اليك هدوءك ".
ثم دخلا الكوخ سوية , وسألها راي بعد أن جلسا في المطبخ يرتشفان القهوة .
" ما الذي أراده رون برادويل؟".
" لا أدري , راي , أن ذلك الرجل يخيفني , جاء ذات مرة لحضور أحدى حفلات لوسيا وعاملني بشكل سيء , لا أدري ما كان سيحدث لولا وصولك في الوقت الملائم .
قلق راي لسلوك برادويل الا أنه حاول تشجيعها :
" لا أظن أن برادويل سيلحق بك الضرر , خاصة وهو يعمل لدريك وأذا ما حدث لك شيء من قبل برادويل.....".
قالت ألونا بسرعة:
" أنا لا أعني شيئا لدريك , ساعدني مرة لأحساسه بالذنب لا غير ".
نظر راي حوله كما فعل رون برادويل من قبل :
" لكن دريك ساعدك , أليس كذلك؟ ونتيجة لجهوده أصبحت ميسورة الحال , تستطيعين دفع الأيجار ولن يهددك صاحب الكوخ بالأخلاء".
أسترخت ألونا في كرسيها الهزاز فأحست بتلاشي صورة برادويل ونظراته المخيفة , وصوله غير المتوقع وتهديداته لها.
" نعم , أنها الحقيقة , كان دريك طيبا في معاملته لي , أشعر بأنني مدينة له بالشكر لكل ما فعله لي".
" أوافقك الرأي".
" كما أشعر بأن علي أن أفعل ذلك بسرعة قبل أن يخبره برادويل بأكاذيب أخرى عني ويصب السموم في أذنيه".
" أذهبي للقاء واريك أذن".
" أراه؟ لا أظن أنني.....".
ولم تستطع أخبار راي بما حدث بينها وبين دريك , وكيف تخاصما في كل مرة ألتقيا فيها , تنهدت:
" يجب أن أحاول رؤيته بطريقة ما , لا فائدة من الأتصال بمكتبه , فأما أنه غير موجود أو أنه في أجتماع مهم".
" أنك على معرفة وثيقة به الآن , لم لا تتصلين به في البيت ؟ ثم أن كل ما ترغبين فيه هو شكره على ما فعله لك".
كان الوقت مساء تقريبا حين غادرها راي الا أن االشمس كانت لا تزال مشرقة والجو حارا , لم تلاحظ ألونا الجو الصاحي , بل أحست بحرارة الشمس رغم أرتدائها فستانا صيفيا.
ذهبت الى كوخ السيدة ميسي للأتصال بدريك تلفونيا , وتمنت لو لم يكن موجودا , بدا أن السيدة ميسي غير موجودة فبحثت ألونا عن مفتاحها , دريك كان موجودا وحين أخبرته عن سبب أتصالها تساءل:
" هل أنت متأكدة؟".
ترددت في الأجابة فواصل:
" أذا كنت تودين التباحث بصدد العمل فأريد أخبارك بأنني لا أرتدي الملابس الملائمة , بل في الحقيقة لا أرتدي الآن غير القليل ".
" هل أنت متأكدة ؟".
تردد ت في الأجابة فواصل :
" أذا كنت تريدين التباحث بصدد العمل فأريد أخبارك بأنني لا أرتدي الملابس الملائمة , بل في الحقيقة لا أرتدي الآن غير القليل ".
" هل كنت في الحمام؟ آسفة , سأنتظر حتى.....".
ضحك بصوت عال:
" كلا , أنني أرتدي بدلة السباحة ..... أذ أننا نأخذ حماما شمسيا".
" أنتما؟".
" نعم , ديانا موجودة معي".
كيف لم تحدس وجود فتاة معه ؟ دعاها دريك لمشاركتهما فقالت :
" كلا لن أزعجكما في وقت راحتكما".
" لن تزعجي أحدا , أتوقع رؤيتك خلال نصف ساعة , هناك باص تستطيعين اللحاق به خلال عشر دقائق , أن معرفتي لمواعيد الباصات المحلية يثبت لك بأنني رجل أعمال ناجح , أليس كذلك؟".
غيرت ملابسها فأرتدت قميصا يعقد عند الخصر وبنطالا أزرق اللون , ثم غادرت المنزل للحاق الباص , لم تستغرق الرحلة وقتا طويلا وسرعان ما وجدت نفسها متوجهة الى شقة دريك.
فتح دريك الباب مرتديا قميصا أبيض فوق ثوب السباحة .
" هل جلبت معك بدلة السباحة ؟".
هزت ألونا رأسها نفيا.
" يا له من أمر مؤسف".
أمسك بيدها وقادها نحو غرفة الجلوس:
" لماذا أردت رؤيتي؟".
" لأشكرك على مساعدتك , أذ نجح عمل المكتب وأصبحت قادرة على دفع الأأيجار و....".
غير أنه قاطعها قائلا:
" حسن جدا , أنا مسرور لأستطاعتي مساعدتك".
وواصلا حديثهما في طريقهما الى الشرفة , كان أسلوبه في مقاطعتها وتغيير الموضوع هادئا , ودفعها منظره الى الأضطراب وتمنت لو تستطيع الأرتماء بين يديه , غير أنها نبهت نفسها الى أن مظهره البارد يخفي رجل الأعمال العتيد.
أستدارت ديانا في مقعدها قائلة:
" ألونا!".
بدا عليها السرور لمرآها , فخاطبت ألونا نفسها : ل كنت مكانها فلن أرحب بوصول أمرأة أخرى في تلك اللحظة , كانت ديانا ترتدي بدلة سباحة بيضاء مكونة من قطعتين , وبدت جميلة بشعرها الذهبي الملفوف خلف رأسها , كل شيء فيها كان جذابا , وأيقنت ألونا من فشلها في منافسة ديانا.
قادها دريك نحو كرسي قريب ثم عاد الى مكانه , خلع قميصه وأغمض عينيه مسترخيا في كرسيه , متمتعا بأشعة الشمس.
سألت ألونا:
" هل سبحت يا ديانا؟".
" كلا , لم أرغب بذلك , فأكتفيت بالحمام الشمسي , دريك سبح قليلا".
أحست ألونا بالمودة السائدة بينهما , كما لو كانا يعرفان بعضهما الآخر منذ سنوات.
تساءل دريك مرتديا نظاراته الشمسية السوداء:
" ماذا عنك يا ألونا؟".
" قلت لك لم أجلب معي...".
" لا تقلقي بصدد ذلك , أنني رجل ناضج يا عزيزتي".
كيف أستطاع قول ذلك بحضور صديقته؟
ضحكت ديانا قائلة:
"دريك , توقف عن أحراجها".
" حقا!".
وأستدار نحوها فتمنت ألونا لو تستطيع رؤية عينيه:
" آه , أنظري الى أحمرار وجهها".
صاحت ديانا:
" أنتبه يا دريك , سينطلق صاروخ موجه نحوك , أنتبه ستغضب....".
أزدادت أبتسامة دريك أتساعا , فقالت ديانا مخاطبة ألونا:
" خذي بدلة سباحتي".
" لا تقلقي , سأذهب لتغيير ملابسي الآن , دريك ستتضايق أذا قلت أنني لن أستطيع تناول العشاء معك؟ أعرف أنك حجزت مائدة لنا ولكن.........".
بدا الأهتمام واضحا على وجهه:
" هل تحسين بالتعب؟".
هزت ديانا رأسها أيجابا .
" آسف لذلك ولكن لا تهتمي , ستكون ألونا بديلا عنك".
شهقت ألونا متعجبة:
" أتناول العشاء معك؟".
" رجا ألونا .... حينئذ لن أشعر بالذنب لخذلي دريك( نهضت واقفة) سأغير ملابسي , أن مقاييسنا متماثلة , أنا متأكدة أن البدلة ستلائمك".
جلسا صامتين بعد مغادرة ديانا , أحست ألونا بالخجل لوجودها مع دريك , بماذا ستجيبه أذا تحدث اليها؟
كان الصمت مزعجا فتمنت لو حطم دريك الحاجز بينهما , ألا أنه حافظ على قناعه الصامت ولم ينطق بحرف واحد .... فأحست ألونا بالراحة عند عودة ديانا , وناولتها هذه بدلة السباحة.
" لا لزوم لمصاحبتك أياي حتى الباب ".
ثم أحتجت بعنف عندما عرض عليها توصيلها بسيارته.
تدخلت ألونا قائلة:
"لا تقلقي من أجلي رجاء , لن أبقى طويلا , كل ما جئت من أجله هو شكرك....".
أمرها دريك:
" أبقي في مكانك , سأعود خلال خمس دقائق , هناك مكان لتغيير الملابس( أشار نحو الغرفة) خلال تلك الغرفة ثم أستديري يمينا , أسبحي الى أن أعود , أعتبري المكان بيتك , تخيلي أن كل شيء ملكك وأنك تخلصت الى الأبد من كوخك البدائي الصغير".
" لا أريد مغادرة كوخي الى الأبد .... شكرا".
أجابته بثقة وتحد ألا أنه أكتفى بالأبتسام ثم أحاط خصر ديانا بذراعه .
أبتسمت ديانا :
" الى اللقاء يا ألونا , أرجو أن نلتقي قريبا , أتمنى لك الحظ السعيد في عملك.... أخبرني دريك عن نجاحك".
راقبت ألونا أنصرافهما سوية , وذهبت الى الصالة باحثة عن غرفة تغيير الملابس , لاحظت وقوف دريك الى جانب ديانا قرب الباب تم توديعه أياها.
" سأراك غدا صباحا".
" شكرا لطلبك سيارة الأجرة من أجلي".
" يجب أن أهتم بسكرتيرتي".
خلعت ألونا ملابسها وأرتدت بدلة السباحة , ولكن أشعة الشمس سرعان ما غابت , هل كانت حقا تأمل أن يفكر بها دريك؟ عليها أن تيأس تماما من الفكرة.
لم تكن هناك مرآة , ولكن بدلة السباحة ناسبتها رغم أنها كانت أكثر أمتلاء من ديانا ولم تماثلها كما توقعت.
كان دريك جالسا في كرسيه حين عادت, حافية , الى خارج الصالة , لا بد أنه سمعها , غير أنه لم يستدر وحتى حين أصبحت في مجال رؤيته لم يظهر عليه أي رد فعل.
وقفت عدة لحظات قرب حوض السباحة , ترددت أذ فكرت بأنها لن تتمتع بالسباحة لوحدها , أجبرت نفسها على سؤاله:
" هل ستسبح معي يا دريك؟".
" أنتهيت لتوي من السباحة ".
بقيت مترددة فسألها:
" ألا تستطيعين السباحة؟".
" نعم , قليلا".
خطت نحو الحوض بتحد , ثم بدأت السباحة واعية بأنه يراقبها من تحت نظارتاته السوداء.
وحين لم تستطع تحمل نظراته أكثر تسلقت االسلم القصير ونظرت حولها باحثة عن منشفة , أشار دريك الى واحدة موضوعة على الكرسي , لفّتها حولها فأحست بالراحة لأحتمائها من نظراته.
منذ لحظة خروجها مرتدية بدلة سباحة ديانا , لم تفارقها نظراته , مع ذلك لم يعلق على ذلك , لم كان يعاملها بتلك البرودة؟ هل أتصل به رون برادويل , رغم قصر الفترة الزمنية الفاصلة بين مغادرته كوخها ومجيئها الى بيت دريك؟
أرتجفت للفكرة فقال دريك:
" لن يبقى النهار حتى الأبد , أنخفضت درجة الحرارة فأذهبي لأرتداء ملابسك".
" ماذا عن بدلة السباحة؟ ديانا...".
" سأعيدها اليها غدا".
نشفت ألونا نفسها في غرفة تغيير الملابس وتذكرت أنها لن تغلق باب الغرفة , أذ لم يكن هناك أحد بأستثناء دريك في الشقة , لم تقلق لأنه لن يتبعها هناك.
لكنها كانت مخطئة , أذ أنفتح الباب فقالت قلقة:
" لم أنته بعد.... أحتاج عدة دقائق........".
" ولم تزعجي نفسك ؟ أنني أريدك يا أمرأة وأنت تعرفين ذلك , تعرفين أنني راقبتك أثناء سباحتك , أخبريني أنني محق يا جميلة".
" كلا , كلا يا دريك".
ودفعته عنها فجأة فأبتعد , أنحنى , تناول المنشفة وناولها أياها بحركات هادئة , تغير وجهه وبدا وكأنه أرتدى قناعا , كما تغيرت نظراته وأصبحت باردة كالجليد.
لفت المنشفة حول نفسها ونظرت اليه مذهولة:
" دريك , ماذا حدث؟".
" هل تريدين مني األأستمرار؟".
أرتعشت لبرودة سؤاله:
" لن أفعل شيئا ما لم تطلبيه ,كان برادوي محقا , أنك ضعيفة الى حد الأستسلام لأي رجل حالما يرفع أصبعه طلبا لذلك".
" هل جئت متأخرة أذن؟ عرفت أنه سيأتي راكضا لأخبارك أكاذيبه , لكنني لم أقدر سرعته الخارقة".
" ولهذا السبب جئت هذا المساء؟ لا لتشكريني بل لتبلغيني أكاذيبك أولا؟".
" لم يجب أن أكون المخطئة دائما ؟ لم تدعو ما أقوله كذبا بينما تصدق برادويل؟ هل أخبرك أنه أهانني في بيتي اليوم؟ هل أخبرك أنه كان على وشك خنقي لولا مجيء راي هيل بشكل غير متوقع؟".
" الآن , سمعت القصة من قبلكما و من بين الأثنين , أفضّل تصديق برادويل ,أذ أن قصته خالية من الكذب والأختلاق والأستعراض المسرحي".
" حسنا , وماذا أذا أخبرتك أنني أصبحت أخاف الرجل , وأخشى أن يهاجمني ذات ليلة و...".
لم تستطع أنهاء الجملة , أذ أرعبتها صورة ما سيحدث أذا نجح في دخول الكوخ ليلا.... ثم أستمرت:
" أنه شرس( وسحبت المنشفة نحو صدرها في محاولة لأيقاف أرتعاشها) وعاملني بشكل سيء ذات مرة و وبحضور عدد كبير من الناس , أنه متزوج من أمرأة طيبة ولديه طفلان وسيمان , وصورتهم موضوعة على مكتبه , ويوحي للجميع بأنه رب عائلة ممتاز , وحتى أنت وقعت ضحية مظهره الخادع , أذ تراه كما يرى الرجل صديقه , ولأنني أمرأة فقد رأيت وجربت الجانب الآخر , السيء فيه".
بقي دريك في مكانه يستند الى الباب , كان من المستحيل الحكم أستنادا الى مظهره عما أذا صدق حكايتها أم لا.
وكمحاولة أخيرة لأقناعه وتوضيح موقفها قالت:
"أفترض أنه أخبرك بأنني ركضت لألقاء نفسي بين ذراعي صديقي؟".
" ألم تفعلي ذلك؟".
" نعم.... ( وأزداد أرتجافها غير أنها حافظت على مظهرها الهادىء أمامه) , ركضت طلبا للحماية , أذا ما حاول أحدهم خنقك ألن تركض للأحتماء بأول شخص تلتقي به؟ خاصة أذا كانت المرأة أضعف من رون برادويل".
لم تساعدها أبتسامته الساخرة كثيرا.
" أنك تتهمني , بينما أنت الآخر متهم , فمنذ لحظات كنت تغازلني رغم عدم مضي وقت طويل على مغادرة ديانا الشقة".
" قلت من قبل أن علاقتي بديانا خاصة بي لوحدي".
أستدار ليغادر الغرفة ,ثم عاد ليقول لها:
" لن تكوني بحاجة للمعاناة ومصاحبتي للعشاء , أذ ألغيت حجزي للمائدة , لكنني سأوصلك الى البيت".
" كلا , شكرا لك , سأعود بطريقة قدومي ذاتها , ولا تزعج نفسك بطلب سيارة أجرة كما فعلت لديانا , أذ أن الباص كاف لفتاة مثلي".
وتحدته بنظرتها , للحظات راقبها وهي ترتعش , هل ندم على ما فعله؟ هل سيحيطها بذراعيه ليوقف أرتعاشها. لم يحدث ذلك بل أكتفى بهز كتفيه أستهانة وقال:
" أفعلي ما يحلو لك".
وتذكرت كلمات برادويل لها في حفلة دريك :
" أنه يثير المرأة ويخترقها كالنار لتسري بسرعة في بيت خشبي , أنه يشعل نيرانها , يحصل على ما يريده ثم يراقبها تحترق كالرماد , ويبتعد بدون تأنيب ضمير".
فكرت ألونا بأن تلك الكلمات كانت أصدق ما نطق به برادويل.
خرجت من غرفة تغيير الملابس بهدوء , آملة مغادرة الشقة دون أن يلاحظها دريك , غير أنه كان في أنتظارها , فتح لها الباب , وأنحنى أمامها بسخرية ثم راقبها وهي تبتعد".

سيدة نفسها للكاتبة ليليان بيك  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن