الأبن سر أبيه

9.1K 255 4
                                    


سألته راشيل حالمة " ما الذي تفكر فيه ؟"
كانا في طريق العودة , بعد العشاء مع إيزابيل وريف . وكانا قد قطعا مسافة من الطريق من دون ان يتكلما .
لم يجب جاستين على الفور .
منذ حدثته راشيل الليلة بتلك القصة عن ريف وكيف تعمد ان يجعل إيزابيل حاملاً لكي يجعلها تتزوحه, تملكته افكار لايمكن تصديقها . إنه يعلم بأنه لا يحب راشيل . وكيف يحبها وهو مازال يحب ماندي؟ ومع ذلك هاهو ذا الآن يريدها ان تكون اماً لولده و زوجة له!
اتراه فقد عقله ؟ ام ان سؤال راشيل له عما إذا كان قد رغب في ان يكون له اولاد حين كان متزوجاً من ماندي , جعله يدرك كم يحب حقاً ان يكون له اولاد ؟ خسارته المرأة التي يجب لا تعني ان يخسر فرصة ان تكون له اسرة .
ملاحظة اخرى من راشيل الليلة عادت تداعب ذهنه وتعذب ضميره " يمكن لرغبتك البالغة في شيء ما ان تجعلك جريئاً"
هل سيكون من الجرأة بحيث يخبر راشيل بأنه يحبها ويريد ان يتزوجها ؟ ام ان تلك فكرة سيئة؟
- جاستين ؟
لكن جاستين لم يجبها متظاهراً بتركيز انتباهه على القيادة . من الأفضل ألا يجيبها الآن . يمكن للكذب ان ينتظر , الى ان يحين الوقت المناسب ..واخيراً سمع راشيل تنتهد , ثم تستدير لتنظر من النافذة الى الطريق . تلك الليلة لم يتمكن من النوم إلا بعد فترة طويلة , كان مشغولاً جداً في وضع خطة تجعل راشيل تقع في غرامه.
اصطحابها الى المنزل امه للغداء غداً هي فكرة ممتازة لكنها ستكون الاولى من افكاره كثيرة .
لم يدرك جاستين حتى هذه اللحظة كم بإمكانه ان يكون جريئاً عندما يرغب في شيء بشكل بالغ.
***
هتفت أليس وهي تفتح لهما الباب الأمامي " راشيل, يا عزيزتي , ارجو ان لا يجرحك قولي إنك تبدين رائعة . لا اكاد اصدق ذلك"
ضحكت راشيل ولم يجرحها هذا " لقد تحسنت قليلاً منذ آخر مرة رأيتني فيها , اليس كذلك ؟ لا مزيد من ارتداء الأسود الكئيب"
مراعاة لرأي أليس بأن اللون الأزرق يلائمها , ارتدت راشيل ثوباً حريرياً ازرق بدا مناسباً جداً للون بشرتها , امضت ساعات طويلة هذا الصباح لتسوي تسريحة شعرها و زينة وجهها , لكن مظهر  الدهشة و السرور على وجه أليس كان يستحق كل هذا التعب .ريحانة
- وانت يا جاستين , يا حبيبي.
وانتقلت عيناها الى ابنها تتأمله من رأسه الى قدميه " وانت ايضاً تبدو اصغر بعشر سنوات . مهما يكن ما بينك وبين راشيل , استمر فيه"
- ماهذا يا أمي؟
- آه , لا تتصنع البراءة امامي. انت تعلم انني لا استطيع احتمال هذا منك. هيا بنا الى الباحة الخلفية للمنزل . وضعت لكما هناك غداء بارداً طيباً.منتديات ليلاس
وصولا الى الشرفة الخلفية التي بدت وكأنها إضافة جديدة الى المنزل. كانت ذات نوافذ صغيرة نوعاً ما , لكنها مريحة كما رأت راشيل , وقد امتدت فوقها عريشة عشب عنب جميلة ووضعت فيها أريكة فسيحة من خشب الأرز.
كانت المائدة مليئة بكل انواع الأطعمة البحرية و السلطات.
قالت أليس " ساحضر الخبز من الفرن على الفور لا اود ان استعجلكما للطعام, لكن التنبؤات الجوية اعلنت عن قدوم عاصفة بعد الظهر , وانا قلقة من إمكانية ان تفسد كل شيء. منذ فترة لم تر الشمس واريد ان انتهز فرصة وجودها الآن "
ثم اسرعت خارجة تاركة راشيل لتتأمل بقية الفناء الخلفي الفسيح الذي ينتهي بمرج اخضر انتشرت في انحائه احواض الزهور . قالت راشيل لجاستين " انت محظوظ لأنك امضيت طفولتك في هذا الفناء الخلفي الكبير الجميل . كان والداي يعيشان في شقة في المدينة , وكانا يعملان ايضاً فكنت دوماً اشعر بأنني فائقة عن الحاجة . ولم ادهش عندما ارسلاني الى مدرسة داخلية فقد كنت دوماً اعرقل طريقهما . طبعاً حزنت لمقتلهما , لكنني لم اعرف حنان الوالدين إلا بعد ان عشت مع ليني . لقد احبتني حقاً, وكانت دوماً موجودة عندما احتاجها . لم اشعر بمثل ذلك قط مع ابوي , وهكذا , عندما احتاجت اليّ , وجدت من المستحيل ان اتخلى عنها "
اكتستحها موجة من الحزن وهي تفكر في ليتي ومرضها القاسي الذي اودي بحياتها . ولم تدرك ان جاستين كان قريباً جداً منها إلا بعد ان اخذها بين ذراعيه وهو يقول برقة " انت من النوع الذي لا يستطيع احد ان يتخلى عنه , انت امرأة غير عادية , وانا محظوظ جداً بأن وجدتك يا راشيل"
ورفع ذقنها ليعانقها بحنان بالغ بعث غصة في حلقها , هل هو عناق حب؟ هل يمكن ان تتحقق امنيتها بهذه السرعة؟
قاطعتهما نحنحة أليس , لكن راشيل لم تشعر بالارتباك على الاطلاق . كانت اسعد من ان تشعر بذلك . وبدت أليس سعيدة ايضاً, ربما كانت لها نفس امنية راشيل ايضاً.
لم تسنح لراشيل فرصة لتعلم ذلك إلا بعد انتهاء الغداء وذهاب جاستين الى غرفة الجلوس فيشاهد الدورة الأخيرة في مباراة الغولف على التلفزيون .
عند ذلك جرتها أليس الى غرفة الاستقبال متدرعة بأنها تريد ان تريها مجموعتها من الخزف الصيني . ولكن سرعان ماتحول حديثهما الى الأمور الشخصية.
سألتها أليس بهدوء" ألم يخبرك عن ماندي بعد ؟"
- إنه لا يحب التحدث عنها او عن زواجه على الاطلاق.
- هكذا كان ابوه بالضبط. لم يكن يتحدث عن مشاعره قط او آلامه. هل تحبين ابني حقاً , يا راشيل؟ ام انها مجرد مسألة تلاؤم بينكما؟
- انا احبه من كل قلبي, لكنني لا اجرؤ على البوح له بذلك. لقد اخبرني منذ البداية بأنه لا يريد حبي.ريحانة
ضحكت أليس بجفاء , فابتسمت راشيل " كما انني لا اجرؤ على ان اسأله عن ماندي . رغم انني اعرف انها تركته لأجل كارل تومبس. لكنني لا ادري السبب , ويمكنني فقط ان اخمن"
- فهمت . حسنا إذا لم يخبرك هو بماحدث , سأفعل انا إذن. تلك الساقطة القاسية, وليس هناك وصف آخر لها, اخبرت ابني بأن سبب تركها له انه لم يعد يجذبها قط فقط لأن وزنه ازدداد كليو غرامين او ثلاثة . في ذلك الوقت كان بائعاً يعمل ساعات طويلة , ويكدح في مشاريعه الخاصة في كل دقيقة تسنح له خارج عمله ليوفر لها احسن الاشياء. وعندما اتخذ في نفس الوقت عملاً آخر يتطلب جلوساً دائماً وذلك في إرسال الطعام الى المساكن , من دون ان تتوفر له طاقة للرياضة, عند ذلك طبعاً ازداد وزنه قليلاً. لكنه كان بعيداً عن السمنة , ومع ذلك هذا ما قالته عنه يوم تركته . قالت إنه سمين ومترهل وايضاً ممل يجلب السأم كما تذمرت من حياتهما معاً. ولكن من اين له الوقت الكافي للمرح واللعب وهو يقتل نفسه في العمل لكي يصبح غنياً لأجلها ؟ وهذا لا يعني ان بإمكان جاستين ان يصبح غنياً الى حد يكفيها , فلا مجال لمقارنته بكارل تومبس, ارادت ان تبرر سلوكها الشائن المخيف , لهذا ضحت بثقة واحترام ابني لنفسه . مافعلته به ذلك اليوم كان عملاً شريراً , شريراً!
وتمتمت راشيل " مسكين جاستين "
- بقي بعد ذلك محطماً وقتاً طويلاً جداً . ملجؤه الوحيد كان العمل والرياضة , والله وحده يعلم مقدار معاناته الجهنمية حينذاك , كرجل عقلياً وعاطفياً. لا استطيع ان اخبرك كم انا سعيدة لأنه وجد اخيراً فتاة محتشمة لائقة مثلك . فتاة يمكنها ان تقدره حق قدره وتعرف اي رجل ممتاز هو . انت تحبينه حقاً, اليس كذلك؟
- أليس , انا مجنونة به , اما بالنسبة الى ماندي , لابد انها غبية لم تقدر ما في يدها.
- ذلك هو الشيء الغريب . صدقيني ظننتها تقدره . عندما تزوجته كانت مغرمة به. ودوماً كانت تقول إنها ستنجب طفلاً طالما تستقر احوالهما المادية . بصراحة , عندما فعلت ما فعلته , صدمت مثل جاستين تقريباً , لم تكن تبدو من ذلك النوع من النساء , وطبعاً , هي من النوع الذي يتقاتل الرجال دوماً لأجلها .
فسألتها راشيل وقلبها يلتوي غيرة " هل هي جميلة الى هذا الحد؟"
- عليّ ان اعترف بأنها مذهلة الجمال , كما انها فاتنة الحركات . إنها ساحرة لاشك في ذلك , ولا يدهشني ان يلاحقها امثال كارل تومبس , اما الذي ادهشني فهو نجاحه في الحصول عليها , كنت حقاً اظنها تحب ابني , ويبدو انها كانت تخدعنا نحن الاثنين , ربما كانت دوماً , في اعماقها , من الباحثات عن الذهب , رغم انها والحق يقال , لم تأخذ من جاستين سنتاً واحداً عندما تركته , ربما بسبب تأنيب الضمير, او ربما لأنها كانت تحصل على مال كثير من عشيقها الثري , عشيقات مثل اولئك الرجال لا ينقصهم شيء. ومع ذلك , إذا كانت قد ظنت انه سيترك زوجته و يتزوجها , فقد ارتكبت غلطة كبرى.
واضافت أليس " لكن جاستين سيتزوجك "
وقفز قلب راشيل " لماذا تقولين ذلك؟"
- لأنه إذا لم يفعل يكون مجنوناً, وابني ليس مجنوناً , انتظري وسترين . لا اظنك اخبرته بأنك تحبينه .
- ابداً, لماذا؟ اتظنين انه كان ينبغي عليّ هذا ؟
- ليس الآن . الرجال يحبون ان يظنوا ان الحب و الزواج بأيديهم كلياً. إنها كرامة الرجل . وبذكر كرامة الرجل, اظن علينا ان نذهب الى كرامة الرجل المذكور كيلا تشعر بالإهمال منا.
ودخلت المرأتان وهما تضحكان الى غرفة الأسرة وإذا بكرامة الرجل المذكورة تسكنهما وهي تراقب الرياضة الرجالية على التلفزيون . تبادلت المرأتان النظرات ثم عبستا بوقار وانسحبتا الى المطبخ لتعدا شاي بعد الظهر ونتبادلا الآراء الحانقة عن السبب الذي يجعل النساء يزعجن انفسهن بالوقوع في غرام الرجال .

سهام من حرير _ ميرندا لي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن