- الفصل الأول -

34 4 22
                                    

استيقظت هانا بمشقة من سريرها بسبب نومها المتأخر ليلة البارحة إثر شجار أصبح غير مستغرب بينها وبين خطيبها الذي كان يعمل معها في نفس مكان عملها ، كانت هي وخطيبها لاري يعملان كمعلمين في إحدى المدارس الثانوية في المدينة.
لم يعرفا بعضهما إلا قبل حوالي سنة واحدة والتي أثمرت عنها علاقتهما الجادة بعد ثالث شهر من لقائهما الأول ، كانت هانا تعمل كمعلمة للغة والأدب للصف الثالث الثانوي بينما لاري كان معلم حاسب ليس في مكانه المناسب فقد كان محترفاً جداً وخبيراً كان يبحث عن وظائف في مختلف الشركات أثناء عمله الحقيقي في هذه المدرسة لأنه كان مدركاً بأهميته وكفاءته التي لا تستحقها مجرد مدرسة ثانوية ولكن بحثه لم يسفر عن وظيفة مرموقة إلا قبل حوالي الثلاثة أسابيع عندما وصلته رسالة على بريده الإلكتروني تخبره بأن يأتي لمقابلة عمل في إحدى الشركات في العاصمة وهذا هو سبب بداية شجاره الذي أصبح يتكرر يومياً مع هانا التي عندما أخبرها بذلك الخبر أول مره أي قبل حوالي الثلاثة أسابيع ، كان ينتظر منها تشجيعاً ودعماً لكنها قابلت ذلك ببرود غريب وعندما سألها في ذلك الوقت عن سبب برودها قالت له ببساطة لكنك لن تذهب إلى هناك صحيح؟ تجهّم وجه لاري باستغراب ثم أعاد ما قالته : لن أذهب؟
قالت موضحة أعني أنه في مدينة أخرى ونحن مخطوبين أفترض أنك لن تتركني هنا وتذهب صحيح؟ ثم نظرت إلى خاتم خطوبتها في إصبع يدها وهي تعض على شفتيها بتوتر وتخرج الخاتم وتدخله في إصبعها لمرات متكررة .. ساد الصمت لثواني ثم قال لاري هذا ما كنت سأخبرك به .. ثم جذبها من يدها وجلسا على أحد الكراسي في الممر خارج غرفة المعلمين وبدأ يشرح لها أنه يمكنها الانتقال معه إلى حيث مكان عمله وقال محاولاً إقناعها : أنا أعلم أنك ستجدين نفس العمل في مدرسة أخرى في تلك المدينة .. قاطعته قائلة ولم أنت متأكد إلى هذه الدرجة؟ ألا تذكر كم كنت يائسة عندما وجدت هذا العمل هنا؟ ألا تذكر عندما كنت أول شخص أخبره عن كم أن والديّ عارضا وظيفتي هنا بسبب بُعد مكانها عن منزلنا في الريف؟ هل نسيت هذا كله؟ كيف تقول ببساطه أني سأترك عملي وألحق بك فقط؟ حاول لاري تهدئتها لأن صوتها بدأ يعلو مما سيلفت الأنظار إليهما ثم قال بصوت هادئ وهامس : أنا لم أقل الحقي بي فقط ولكن قلت أني واثق أنك ستجدين عملاً بسهولة !
ولماذا تظن ذلك؟
- لأنك جميلة !
نظرت هانا  إليه باستغراب بعد أن مسحت دمعة كانت توشك على السقوط ليردف قائلاً وهو يمسك بكفيها لا تظني أنهم قبلوك هنا لأجل نقص ما ! أنا أعرف أنه كان بإمكانهم ضغط المعلمين الآخرين قليلاً والاستغناء عنك بسهولة ولكن الجميع يحب رؤية الجمال في مكان عمله يومياً ألا ترين ذلك؟ ابتسمت هانا وكأن كلامه كان له تأثير السحرعليها ولكنها لم تُخفِ قلقها .
انتهى شجارهما على ذلك الحال عندما رن جرس المدرسة معلناً عن انتهاء آخر حصة دراسية في ذلك اليوم مما جعل الطلاب ينتشرون كأنهم فراش خرج مسرعاً إلى النور ورأوا آخر جزء فقط من النقاش الحاد عندما كان معلمهم لاري يمسح الدموع من عيني معلمتهم هانا بحركة سريعة وبرسمية تامة لأنه لم يكن يرغب أن يكون حديث المدرسة هذه الفترة وهانا كذلك لم تكن ترغب بهذا فوقفت ومشت بسرعة ودخلت غرفة المعلمين وأغلقت الباب في حين تبعها لاري بعد أن تكلم مع إحدى الطالبات التي ذهبت لتسأله عن أحد الواجبات التي قد كلفهم بها بينما لم يكن ذلك غرضها الحقيقي وإنما كانت تريد أن تستشف الأمر الذي حدث بينه وبين المعلمة هانا من خلال تفحص نظراته وردود فعله ومدى توتره وارتباكه مما جعلها تستنتج لاحقاً أنهما متشاجرين بالفعل ..
بعد ذلك الموقف أصبح لاري يعتذر عن الذهاب للمدرسة كثيراً ليسافر للعاصمة لزيارة تلك الشركة ومعرفة باقي التفاصيل ونمط العمل هناك كما أنه بحث في عدة مدارس عن وظيفة لهانا دون علمها و التي كان يشك أصلاً أنها تريد الانتقال من مكان عملها الحالي ومع أن بحثه لم يسفر عن نتيجة لكنه كان يحاول أن يقوم بما عليه القيام به على الأقل ليكون على الأقل قد بذل ما بوسعه  .

بقايا كل يوم .. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن