وصل رالف وساره الي غرفة الاستقبال في السفينة. اضاء النور ووقفت ساره قرب الطاولة في وسط الغرفة لم تشعر بالخوف بل بالكآبة. كان ينظر اليها ويتفحصها كأنه يراها لأول مرة نسيت للحظات الخطر الذي يحيق بها تفحصته ايضا عن كثب. كان شعره اسود وعظام وجنتيه بارزة وقساوته واضحة في ملامح وجهه. سمرته الشديده ورثها عن اجداده اليونانيين. في باطنه براكين متأججة تحت سطح هادئ يشبه بشكله تمثالا منحوتا من الحجارة. عبست ساره . هل سيكون هذا الرجل سهل الانقياد مثل شقيقه?
تذكرت خوفها منه وهي طفلة صغيرة تلهو علي الشاطئ..
شعرت بلهيب الغضب في داخلها يوازي خوفها منه. وتذكرت. لن تخاف من اي رجل.!
- اخبرني عن خطتك المعقدة التي صممتها. قالت وهي تجلس علي الأريكة وتضع حقيبة السهرة فوق الطاولة قربها. ام تفضل ان تفاجئني بها?
- لا ابدا.
جلس رالف علي طرف الطاولة ولف رجليه وهو يراقبها عن كثب. لم يكتم تعجبه من هدوئها الذي استقبلت به الوضع الراهن. فأجاب:
- الخطة ليست معقدة. انها ابسط مايمكن. الاتعتقدين ان الخطه البسيطة تكون اكثر فعالية?
لم تجبه ساره ولكنها هزت رأسها موافقة.
- ستبقين برفقتي هنا هذه الليلة. في الصباح الباكر سيحضر حبيبك ذو اللقب الرفيع ويجدك معي. ستكون النتيجة ان لا يحصل زواج بعد اسبوعين.
قال ذلك وقلب جريدته وبدأ يتصفحها بفضول كأن وجود ساره لايهمه.
- وكيف يعرف حبيبي ذو اللقب الرفيع اين انا?
- لقد اوقفت هذه السفينة
( حسناء المحيط) قرب يخت خطيبك. غدا مثل كل المتسابقين سيحضر باكرا... ولا أعتقد انك بحاجة لأشرح لك ماسيحصل?
طبعا لا لزوم. في السادسة صباحا سيكون رصيف المرفأ كخلية النحل مكتظا بالناس ككل يوم أحد.بعضهم سيحضر لمشاهدة السباق وبعضهم لممارسة هواية الصيد والأبحار في نهاية الأسبوع.
الجو مريح وبسيط تسوده روح الالفة والحرية واصحاب اليخوت يتزاورون لشرب القهوة او الفطور. قالت مستنتجة:
- من الواضح انك قابلت رودي.
- التقيته صدفة منذ يومين.
سألته:
- صدفة?
- حزرت. انتظرته حتى حضر. تحادثنا قليلا عن السفن والسباق ثم دعوته لتناول الفطور معي غدا صباحا.
سألته بفضول:
- وهل عرفته بأسمك?
- طبعا. لقد عرفته بنفسي. لم يكن يعلم بخطوبتك السابقة لشقيقي.
لم تجب ساره عن سؤاله هي لم تذكر خطوبتها السابقة الي رودي لأن هذا الأمر لايعنيه .ثم أخبرت رالف بأن عائله رودي قد انتقلت مؤخرا الي وثبي. سألها:
-اذن انت لاتعرفين رودي الا منذ فترة قصيرة?
اجابته باختصار:
- فقط منذ ثلاثة اشهر.
- كان غراما عاصفا بينكما. للأسف سينتهي كل شئ.
قال ذلك ثم عاود النظر الي جريدته وركز انتباهه عليها.
- اعتقد ان عليك ان تقدم لرودي البرهان علي انني امضيت الليل كله معك علي متن السفينة.
- هذا صحيح.
- ماشكل هذا البرهان?
-هذا سيكون مفاجأه لك.
لم تحاول ساره ان تستفسر عن الطريقة بل قالت له ببرود مزيف بأنها ستخبر رودي بأنها خطفت...وهو سيصدقها.
- لا أعتقد. أن رودي عاشق غيور.سيتصرف اولا ثم يفكر.
قالت مؤكدة:
-بل سيصدقني ويذهب الي البوليس ان طلبت منه ذلك.
- ولكنك لن تطلبي منه ذلك.
ثم تثاءب ونظر الي ساعته.
- ماالذي يجعلك واثقا من انني لن اطلب منه الذهاب الي البوليس?
- رأفة بوالدك العجوز المريض بالقلب. اليست هذه نقطة الضعف لديك? صحة والدك تهمك اكثر بكثير من اي اجراء تتخذينه ضدي.
-انت داهية ياسيد لينغارد. نعم والدي يهمني اكثر من الانتقام.
- اسمحي لي ان اسجل اعجابي باعترافك. كنت اعتقد انه ربما تحاولين المراوغة. هل انت قوية حقا كما تحاولين ان تظهري. هل عواطفك متحجرة وقلبك قطعة من الثلج?
- بل قلبي من صوان شأن قلبك. اخبرني ياسيد لينغارد لماذا انتظرت سنة كاملة لتبدأ في تنفيذ خطة الانتقام?
نزل عن الطاولة ووقف امامها كالمارد.تذكرت خوفها منه وهي طفلة تجلس علي الشاطئ كان عليها ان تركض ان تركض خوفا منه قال:
- كنت اعيش بعيدا ولم ار في قصاصك مايوازي تعبي وعذابي. ومع مرور الزمن سمعت من الأهل ماكابدته والدتي من الم وعذاب. لم تنس جرح اليكس وحزنه يوم غادرها لينسى صدمته واهانته. لقد حطمتها الصدمة.
- لا أظن اليكس قد جرح بهذا العمق. لديه الآن زوجة حميمة.
- كنت تنتظرين ان يأكل الحزن قلبه من أجلك? وأضاف مبتغيا أذلالها:
- اعتقد انه لحسن حظه ان زواجه منك لم يتم.
- ولحسن حظي ايضا. انك تلومني لموت والدتك!
هز رالف رأسه نفيا. لقد فاجأه سؤالها. ثم قال:
- الناس يموتون عندما ينتهي اجلهم اذا كانوا في الثامنة عشر او الثمانين. انا لا الومك علي موتها ولكنني الومك لتسببك في التعاسة التي عاشتها في آخر حياتها. بدأت عندئذ افكر بالانتقام ولم أحدد الوسيله وحين عدت الي هذه البلاد وعلمت بزواجك المرتقب اردت ان اجرعك من الكأس التي سقيتها لشقيقي.
نظرت اليه محدقة. تذكرت ماقالته عن تحدره من سلالة المتشردين وقطاع الطرق وعن اجداده القساة. ابتسمت وهي تستغرق بتأملاتها. حتما لا يمكنه ان يكون من سلالة الرموز اليونانيين لانهم لا ورعون ويعرفون الرحمة. ثم قالت:
- تود قصاصي من أجل ما قاست والدتك?
- وهل تطلبين الرأفة?
قالت تتحداه:
- انا لن اطلب الرأفة من أي رجل وبالأخص من أحد رجال آل لينغارد!
- من حسن حظك اننا نعيش في القرن العشرين. كنت أود ان اسحق روحك الوحشية. لو التقينا في الزمن الغابر لما كنت حظيت بهذه المعامله اللينة.
معاملة لينة.. لقد خطفها ورماها علي المقعد الخلفي للسيارة...سيدفع ثمنها مع الفائدة حين تسنح الفرصة. وجال بنظره من رأسها حتي اخمص قدميها وهز رأسه مستغربا:
- شئ مضجر. ما الذي رآه فيك شقيقي? ماالذي اعجبه فيك?
-اهاناتك المتكررة لشكلي الخارجي وعدم تمتعي بأي جمال تسعدني. انا اكره ان انال اعجاب رجل مثلك.
وكان رده المؤلم السريع:
- لو كنت تعجبينني لكنت الآن في ورطة مخزية تجعلك من النادمين..
- قلت لك سابقا انني قادرة علي حماية نفسي.
- اتعتقدين ذلك! انا اشك في قدرتك.
وضحك مازحا بينما كان ينظر اليها بنهم:
- ربما اكون مخطئا.. انا واثق انه سيسرني ان احملك معي الي اليونان واروضك هناك. نعم اعتقد ان ذلك سيكون ممتعا للغاية. من المؤسف ان يكون ذلك غير ممكن.. جبال اركاديان الوحشية تناسب اخلاقك.
- علي العكس انا أحب رفاهية المدينة الحديثة. لن احتمل الحياة البدائية في جبال اوليميبيا.
- اوليميبيا ليست منطقة جبلية مع ان منطقة كرفيون ترتفع فوقها.المناظر الطبيعية هناك خلابة...
وشرد بأفكاره بعيدا عنها ثم غاب في تأملاته ولانت قساوة نظراته وهو يتكلم عن منزله في اليونان. ساد الصمت فترة ثم كسرت ساره طوقه وهي تتعجب لان خصامهما قد هدأ. وسألته:
- هل تعيش في قرية اوليميبيا?
- اعيش فوق تلة صغيرة خارج القرية. جبال اركاديان ليست بعيدة. نظر أليها جادا وقال:
- نعم. اعتقد انه سيكون ممتعا ومسليا ترويضك... ولكنني لا ارغبك. جمالك لايروق لي ان ذوقي في النساء فريد ودقيق علي عكس ذوق شقيقي.
احمر وجه ساره وامسكت بحقيبتها بعصبية وقالت:
- اذا انتهيت من أهانتي ربما ترشدني الي غرفة نومي وجودك قربي يجعلني اشعر بالتقيؤ.
قال يستفزها:
- كم انت باردة الأعصاب .اللعنة علي أذا لم تعجبني شجاعتك. الا يهمك ان زواجك قد انتهي? وأنك خسرت اللقب الرفيع الذي كنت تحلمين بالحصول عليه?
سألته مسرورة:
- ماالذي يجعلك واثقا مما تقول?
- اعتقد ان اي زواج ينتهي أذا امضت الخطيبة ليلة مع رجل آخر بأرادتها...
- كيف يكون بأرادتي?
- لايمكنك ان تقولي انني خطفتك.
فقالب بأصرار:
- طبعا استطيع ذلك.
فسألها:
- حسنا . اترغبين الآن في النوم?
هزت ساره موافقة وارشدها الي غرفتها . المركب اكبر مما توقعت لقد عرفت فيما بعد ان فيه سبع غرف.
- هذه غرفتك. وفتح لها الباب وانتظرها لتدخل: اتمني أن تكون مريحة. الحمام خارج الغرفة. الماء الساخن متوفر دائما. اتمني لك نوما هادئا
أنت تقرأ
لن اطلب الرحمة_آن هامبسون_
Romantikاعلن تمرده على أوامرها ورفض الخضوع لمشيئتها وثار عليها رافعآ يافطات الاحتجاج في شوارع لياليها وايامها فقلب سكينتها صخبآ ووحدتها صراخآ ومزق كل ماكتبت من عهود واحلام وامنيات غير كل المقاييس والمواصفات واشعل في مخيلتها نارآ لانهائيه كيف تقاوم ساره ما...