الفصل الثاني

80 3 0
                                    


نظر شادي إليها بهدوء عكس الإعصار الذي بداخله و بعد صمتٕ كبير ، أردف شادي و هو يدخل إلي غرفته
- تصبحي علي خير يا شروق .
رفعت شروق إحدي حاجبيها بذهول فهل بعد كل هذا الكلام المملوء بالأمـل يتركها و يذهب هكذا ؟ ، أهـذا هو كل شئ ؟! .
***
" في المستشفـي "
- اللوكيميا اللي عند حضرتك هي من النوع الليمفاوي ، و طبعاََ هنعالجك منه عن طريق جلسات الكيماوي .
أومأ برأسه دون أن يتفوه بكلمه ، فيكمل الطبيب كلامه ...
- الجلسات دي بيبقي ليها أضرار كتيرة زي وقوع الشعر و الإحساس بإلم كبير لا يحتمل علي الإطلاق ، و أول جلسة لينا هتبقي بكرة بإذن الله .
شادي بتعجب
- بكـــرة ؟ ، ده كده بدري أوي يا دوك ! .
الطبيب بجدية
- لازم يا شادي نبدأ بأسرع وقت ممكن لأن مرض السرطان بطبيعته بينتشر بسرعة كبيرة خلال وقت صغير
شادي بتفهم
- أوكـــي .
***
شروق بمشاكسة
- إن شاء الله هتخف و تبقي زي القرد كده و تتنطط و تلعب  .
شادي بصدمة
- زي القــررد و تتنـطط و تلعـب ؟ ، إيه الكلام ده يا بت ده انا كنت بقول عليكي رقيقة و كيـوت . ثم تابع بتساؤل .. وبعدين إيه أتنـطط و ألعـب دي ، ليـه ؟ شايفاني عيل صغير قدامك .
قهقهت شروق ملئ شدقيها ثم إستطردت بحماس
-ده انت كده مش عارفني خاالـص فاالـص و لا كأننا عايشيين مع بعض في بيت واحد ، و من ناحية شايفاك عيل صغير فـ أنا شايفاك كده فعلاً يا شرشر .
شادي بصدمة اكبر
- طب خاالـص و فاالـص دي و عديناها إنما إيه شرشر دي ؟
شروق بضحكٕ عالي
- ده دلعك يا شرشر ، حلو مش كده ؟! .
أغلق شادي عينيه بنفاذ صبر ثم تمتم بخفوت
- يـااارب صبررنـي .
***
أمـل بقلق
- ها يا ولاد عملتوا إيه ، هتتحسن يا شادي مش كده ؟
شادي بإبتسامة مزيفة
- أيوه يا ماما ، إطمني إنتي و ادخلي ناامي بس .
أمل بقلقٕ أكبر
- شادي ماتكذبش عليا و قول الدكتور قالك إيه ؟
همت شروق بإن تتحدث و لكن صمتت بسبب نظرات شادي الغاضبة لها ، ثم أردف هو بنفس الإبتسامة
- الدوك قالي إن لسه اللوكيميا في أول مراحلها و هبقي كويس قريب إن شاء الله
أراحت أمل رأسها علي الأريكة بإطمئنان ثم سرعان ما غطت في سُبات عميق .
نهض شادي عن مقعده ثم إتجه إلي شروق و همس بجانب أذنها
- أنا رايح أوضتي ، عشر دقائق و ألاقيكي واقفة في البلكونة بتاعتك
إرتعش جسد شروق من هذا الإقتراب و لكنها همست بصوت مهزوز
- ح.. حااضرر
***
شروق بتساؤل
- كنت عايزني ليه بقي ؟
شادي بصوت غاضب
- إووعـي ثم إووعـي إنك تقوولي لأمل أي حاجة عن مرضي ، فاااهمـة .
إرتجفت شروق بخوف بسبب صراخه العالي ، و ترقرقت الدموع في عينيها و هي تردف بصوت يغلبه البكاء
- فاهمـة .
ثم سرعان ما دلفت مجدداً إلي غرفتها و هي تغلق الباب من خلفها .
و بعد مرور عدة دقائق سمع شادي صوت شهقاتها فنهر نفسه علي إسلوبه معها و لكنه تمتم بغضب
- أحسن تستاهل ، لما أمل يحصلها حاجة مش هتفيدني ! .
ثم دلف هو أيضاً إلي غرفته و أغلق الباب خلفه
***
سمعت صوت طرقات علي باب غرفتها فنهضت مسرعة من علي فراشها و أعدلت من ملابسها و شعرها ثم فتحت الباب لتجد شادي يقف أمامها بملابس الخروج ، تهجم وجهها من رؤيته ثم أردفت بضيق
- أفنــدم ؟ .
شادي بجمود
- أنا رايح المستشفي علشان جلسه الكيماوي ، مش هتيجي معايا ؟! .
نظرت شروق إلي عينيه فقرأت سطور الندم بينهما و لكنها قررت الإنتقام لكرامتها فقالت ببرود و هي تغلق الباب
- سـوري انا مشغـولة .
***
بعد جلسة الكيماوي ، شعر شادي بالألم يحتاجه و بالمـرض الشديد ، و كاد أن ينهض من مكانه و لكن إستوقفه الطبيب قائلاً
- إرتاح يا شادي و ماتقومش إنت أكيد دلوقتي حاسس بألم كبير جدآ ، و خطر عليك إنك تتحرك من مكانك .
أنصت شادي لكلام الطبيب و راح في سبات عميق عله يرتاح من كمية الألم التي تحتاجه .
***
ندمت شروق أشد الندم علي رفضها للذهاب معه ، فها هي الساعة قد أصبحت العاشرة مساءً و لم يأتي شادي بعد !!
و قلبها يلومها علي فعلتها تلك ، فهل كان يجب أن تنتقم لكرامتها علي حساب مرضه ؟ .
سمعت صوت طرقات علي باب غرفتها فنهضت مسرعة تفتحه لعله يكون شادي ، و لكن خاب أملها عندما وجدتها أمل و إرتسمت ملامح البؤس مجدداً علي وجهها .
بينما أمل فـ تسائلت عن وحيدها قائلة بقلق واضح
- أماال شادي راح فين ده كله يا شرروق ، ده برا من الصبح يا بنتي ! .
كادت أن تخبرها أنه ذهب لجلسة الكيماوي و لكنها تذكرت شادي و هو يصرخ بها " إووعـي ثم إووعـي إنك تقوولي لأكل أي حاجة عن مرضي ، فاااهمـة " .
فتراجعت عن قرارها و هتفت بتوتر
- ال انا لسه مكلماه يا ماما و هو قالي إنه هيسهر في الشركة شوية لإن عنده شغل كتير لازم يخلصه
أمل بشك
- طيب يا حبيبتي ، تصبحي علي خير .
غادرت أمل الغرفة و وقفت شروق متخبطة بين أفكارها ، لتحسم قرارها في النهاية ثم نهضت لتبديل ملابسها !!!! .
***
" أمام غرفة شادي بالمستشفي "
وقفت شروق تنظر من النافذة عليه بشرود ثم فتحت الباب و دلفت إلي داخل الغرفة ، و ما أن إلتفت لتجده قد فتح عيناه و ينظر لها بنظرات معاتبة ثم أردف بضيق و غضب
- أفنــدم ؟ .
و في هذه اللحظة تذكرت أول كلمة قالتها له في الصباح ، فتبتسم و هي تهتف بغيظ
- بتردهاالي يعني !
شادي بغضب
- انا لا برد و لا بهبب ، إخلصي قولي عايزة إيه علشان تغـووري من هنـاا .
إبتلعت شروق إهانته و تقدمت نحوه ثم جلست علي المقعد المقابل للفراش الطبي ، ثم هتفت في هدوء و كبرياء
- ماتفتكرش إني جاية علشان خاطر سواد عيونك ، بالعكس أنا جاية علشان ماما أمل قلقانة عليك بس ! ...
أُظلمت عينان شادي بشده فور سماعه لكلماتها الأخيـرة ، ثم سرعان ما صرخ بصوتٕ عالي
- إووعـي تكـ ...
قاطعته شروق ببرود
- وطي صوتك و بطل زعيق ، أنا قولتلها إنك سهران في الشركة عشان الشغل .
إرتخي جسد شادي علي الفراش الطبي مجدداً براحة ثم أغلق عينيه متجاهلاََ تِلك الجالسة أمامه .
بينما نفخت شروق ثم أردفت بغضبٕ و ضيق
- والله .. إيه البـرود ده كله ؟ .
فتح شادي عينيه ثم نظر إليها دون أن ينطق بكلمة مما أغاظ شروق أكثر فتمتمت بحنق لنفسها
- بـــاااااارد .
شادي ببرود
- تسلمي .. ده من ذوقك والله !
جحظت شروق عينيها بصدمة ثم سرعان ما هتفت بتوتر
- هـ .. هـوو إنت سمعتنـي ؟
شادي بإستغراب
- طبعـاََ سمعتك ، هو أنا إطرشـت و لا حاجـة لقدر الله ! .
شروق لنفسها
- يعني بارد و كمان مستفز ، إيه الاشكال اللي بشوفها دي بس يااربـي .
شادي بضيقٕ مصطنع
- ممكن بعد إذن سعادتك تبطلي تغلطي فياا ؟ ...
شروق بصدمة
- هو إنت بتقرأ الأفكـار و لا أنا إتجننت !!
شادي بهدوء
- انا لا بقرأ الأفكـار و لا نيلة ، ده إنتي اللي إتجننتـي .
شروق بغضب و صراخ
- شـااااااااادي
شادي ببراءة مصطنعة
- الله إنتي بتزعقيلي ليه ، هو أنا عملت حاجـة ؟ ...
سمعا صوت طرقات باب الغرفة فـ أذن شادي للطارق بالدخول فـفُتح الباب و دلفت الممرضة قاطبه حاجبيها بإستغراب ثم هتفت في تعجب
- فيه حاجة حصلت يا أنسـة ؟ .
شروق بإحراج و توتر
- ل .. لأ ده كـ آآ كـاان الـ آآآ
شادي بهدوء
- لأ ، دي هي وقعت من علي الكرسي فـ كانت هتتكسر بس الحمدلله جت سليمة .
الممرضة بإستغراب
- وقعت من علي الكرسي فـ كانت هتتكسر ؟! ...
شادي بإنزعاج
- أيــووة ، ممكـن تسيبيني أرتـااح ؟
الممرضة بإحراج
- أه .. طبعــاََ ، بعد إذنكم !! ...
خرجت الممرضة من الغرفة و هي في موقف لا يُحسد عليه ، بينما نظرت شروق إلي شادي ثم هتفت بضيق
- وقعت و كانت هتتكسـر هـااا .
ثم تابعت بحنق ..
يا أخي يعني يوم أما تكدب تقوم تقول حاجة ماتتصدقش ؟!!
شادي بنـدم مصطنع
- تؤتؤتؤ .. يعني بتهينيني بدل ما تشكريني ، بقي ده جزائي إني أنقذتك من الكسفة اللي كنتي فيها !! .
شروق بتذمـر
- يــووووه ، خلااص بقي يا شــرشــر .
ضغط شادي علي عينيه بقوه ثم هتف قائلاً بضيق
- قولتلك مش بحب أم الإسم ده ، ليه مصرة إنك تستفزينـي ؟...
ضحكت شروق بصوت عالي علي تعبيرات وجهة بينما حدق شادي إليها ثم أردف بضيق و حدّه
- شــرروق ، وطي صوت ضحكتك دي و لمّي نفسك ! ...
صمـتت شروق ثم سرعان ما بدأت في الضحك مجدداً قاصدة إغاظته مُعتقدة أنها بذلك تحرك نيران الغيرة  بداخله .
***
إنتهي الطبيب من فحصها ، ثم إرتسمت شبح إبتسامة علي محياه و هو يردف بجدية
- كويـس أووي ، واضح إنه في تحسن جامد يا أنسـة رقيــة .
إبتسمت رقية الراقدة علي الفراش الطبي دون أن تعقب علي كلامه ، بينما أنهي الطبيب عمله ثم خرج من الغرفة ، و تابعته رقية بأعينها إلي أن خرج فأغلقت أعينها و راحت في سُبات عميق .
***
أزاح شادي يدها عنه ثم هتف بغضب
- اللــه .. ما تسكتـي بقي يابنتي ، و إهمــدي !
شروق ببـراءة مصطنعة
- إيـه يا شـرشـر ، بهـزر معـاك .
شادي بضيق
- بتهزري معايا تقومـي تضربيني ؟...
شـروق بضيق مماثـل
- خـلاص ، أنا أسفـة .
نهض شادي عن الفراش الطبي ثم إتجه إلي باب الغرفة ليخرج منها ، بينما هتفت شروق بذهول
- هـو مالـه ده كمـاان ؟ .
***
أخذ شادي يتجول في طرقات المستشفي  إلي أن وقف أمام باب غرفة من الغرف ثم نظر من النافذة ليجد فتاة في مقتبل العمر راقدة علي الفراش ، و لفـت نظره شعرها البُني المتناثر حولها بطريقة جذابة فوقف ليتأمل تلك الحُورية الصغيرة
***
شعرت شروق بأنها كالـ " حمقـاء " و هي تجلس هكذا في الغرفة ، لذلك نهضت عن مقعدها ثم خرجت من الغرفة ، و بينما هي متوجهة إلي باب المستشفي وجدت شادي يقف أمام غرفة من غرف المستشفي و ينظر من النافذة علي شئ أو شخص ما بالداخل فأثارها فضولها لمعرفة ما ينظر إليه ، و لكن لن تستطيع الذهاب إليه هكذا و سؤاله عما ينظر إنها فكرة حمقاء قليلاََ .. لذلك قرأت رقم الغرفة ثم ذهبت إلي الإستقبال ثم سألت الموظفة قائلة
- لو سمحتـي ، هي أوضـة 25 فيهـا مريض إسمـه شادي محمد المحمدي ؟! .
الموظفة بجدية
- لأ يافندم ، الأوضـة ديه لمريضة إسمها رقية أحمد المهداوي .
شروق بإستغراب كاذب
- بجــد ؟! ، أمـال أوضة المريض ده فيـن ؟...
الموظفة و هي تنظر للدفتـر
- في اوضـة رقم 30
شروق بإبتسامـة
- شكـراََ
ذهبت شروق مجدداً إلي غرفة شادي ، ثم جلست علي مقعدها و هي تشعر بنيران الغيرة تنهـش في قلبها دون رحمـة ، و ظلت تتوعد لذاك الـ " شادي " و هي تشعر بإنها فشلت في أن تلفت إنتباهة إليها ، و لكـنها قررت أن " تقلب السحر علي الساحر " و أن تستخدم إسلوب جديد معه عله يشعـر بتلك المُحبـة الوحيـدة .......................
.............................. يتبــع

لوكيميا بقلم الكاتبة مي عمادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن