الفصل ١ (وجه من الماضي)

95 11 5
                                    

(ومثل جدة ليلى .. ماتت بين أنياب الذئب .. سأموت كمدًا على عمري الضائع بين براثن الكراسات)

هكذا صرخت المعلمة ولاء في صفها الخالي من الطلبة وهي تصفع غلاف آخر الكراسات التي انتهت من تصحيحها اليوم، ورغم تصريحها المتذمر، إلا أنها شعرت بالإنجاز كونها انهت تصحيح أكوام الأعمال التحريرية التي أمامها؛ لتقول لتصحيح الغد ها أنذا أنتظرك..

نظرت للساعة المعلقة على الحائط ثم جمعت أغراضها المتناثرة على الطاولة وتفقدت هاتفها المحمول.. كانت بطارية الجوال تلفظ أنفاسها الأخيرة مما ذكرها بضرورة الإسراع في المغادرة .. إن أرادت النجاة من موشح التأنيب الذي تجيده أمها خير إجادة..

التقطت مفاتيحها مسرعة وغادرت صفها متجهة لخارج المبنى تفكر في استعداداتها لتحضيرات دروس الغد، وحالما غادرت بوابة المدرسة تأخذ طريقها لسيارتها، استوقفها منظر الجسد الصغير لذلك الطفل الذي تعشقه وهو يجلس بثقل ويرمق بنظراته الطريق بملل

- حبيبي طلال أما تزال واقفًا هنا؟ هل أوصلك للبيت؟
- كلا معلمتي .. سيأتي أبي ليقلني.
- ولكن هل أخبرت أهلك عن موعد انصرافكم المبكر اليوم؟
- نعم، قلت لأمي وهي من أخبرتني أن أبي سيأخذني من المدرسة.
- لا بأس عزيزي .. سننتظر أباك معًا.

مضى على هذه المحادثة ما يقارب النصف ساعة، عندما اقتربت سيارة جيب بيضاء من بوابة المدرسة، كان طلال وقتها يجلس مع ولاء في سيارة هذه الاخيرة، ينتظران قدوم أباه، وانتبهت ولاء لقامة الشاب الفارعة وعرض منكبيه وهو يتجه لحارس المدرسة لمحادثته، وفكرت في سرها (هل يعقل أن يكون هذا الرجل هو والد طلال؟ فيه شيء يبدو مألوفًا بطريقة خطرة)
أجاب الصغير على سؤال لم تطرحه:
- هذا خالي وليد، ماذا يفعل هنا؟
- خالك؟

عادت ولاء تنظر ناحية الشاب في اللحظة نفسها التي التفت فيها إلى سيارتها حيث أشار له الحارس، ورغم نظارته السوداء.. ورغم مضي السنوات الخمس، إلا أنها عرفته.
شاعرة بالدوار في رأسها والطنين المستمر في اذنيها نقلت بصرها للصغير وسألت وهي تلهث: (هل أنت متأكد أنه خالك)؟
أجابها الطفل بكل براءة: (نعم.. إنه خالي وليد).
- حسنًا صغيري .. انزل إليه وسأراقبك من هنا.

قبل طلال وجنتها بمحبة، وفتح باب السيارة وهو يهتف (شكرًا معلمتي .. أراك غدًا).
وما إن تأكدت أن طلال وصل ليدي خاله، حتى أسرعت بمغادرة مواقف السيارات مبتعدة عن المدرسة، وعن ذاك الرجل الواقف أمام باب المدرسة، ومبتعدة كذلك عن تلك الذكريات التي تهدد بمعاودة غزو أفكارها..

*****
يا ترى من هو وليد؟
وماذا كان يجمعهما؟ ولماذا أصرت على الهروب منه؟

هذه محاولتي الأولى في نشر ما أكتبه على الورق .. فإن كان هناك من يجد في حروفي ما يستحق الإكمال فأرجو الدعم لي بتعليقاتكم وتشجيعكم

تحياتي

لا رأفة في الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن