الفصل الثاني
_ما وراء الستار_
في صباح يومٍ جديد، كانت مِهاد قد نامت جيدًا، بهدوء رُغم أنه راودها كابوس حياتها للمرة التي لا تُعد..
وعدتني!
بأن يكون ما بيننا أبدي، ونسيت أن اسألك أهو حُبك أم وجعي؟
-نزار قباني
خطتها وهي تتذكر جيدًا ماضيها...
كان الحُب بينهم حاضر، وماضٍ، ومستقبل لم يكتمل، وكانت الحياة قد قست على طرفًا واحد في تلك العلاقة الفاشلة، ولم تكن الحياة وحدها بل كان هو والحياة ضدها هي...
اخبرتهم عنه أنه مختلف، أنه فارس أحلامها، أنه هو من سينتشلها من القاع ليرتفع بها للقمة، وأنها أحبته حُبًا أقل قليله اتساع السماء، عمق البحر وبطول حياة البشر جميعًا أي منذُ بدء الخليقة، حتى اظهر اختلافه فعليًا، وحشيته، واتباعه لشهواته، عقله المجنون، حياته الفاسدة، كم هو مختلف حقًا!
الحب احيانًا خادع وهذا ما حدث معها...
مُنذ ثلاثة أشهر
استيقظت مِهاد على وجهها ابتسامة ولكن قلبها يحمل قلقًا لا تعلمه، ربما من أجل أن تلك المرة الأولى لها التي ستقابل بها خطيبها وزوجها المستقبلي وهما وحدهما تحت موافقة والدها، وهذا ما يقلقها فهي تحبه ولكن ربما هذا سيكون أول مبدأ تتخلى عنه منذُ أن تمت خطبتهما...
نزلت الدرج ومع كل سُلمة تخطوها كان قلبها يأبى التنازل عن المبدأ يؤلمها وبشدة، تلوم نفسها، وتمني نفسها بألا يحدث شيئًا خطيرًا كذلك، اقتربت من والدها وقبلت رأسه وقالت:
-"عبدالرحمن مستنيني في العربية يا بابا يلا مع السلامة"
كان عبدالرحمن شابًا ذو عضلات، عيون بنية، بشرة بين السمراء والبيضاء، وطويل القامة، بِعُمر الثلاثين، تخرج من كلية اعلام قسم تسويق واعلان، زير نساء بمعنى الكلمة ولكن كان هذا يخفى على مِهاد..
استقلت مِهاد سيارته، ابتسم لها ابتسامة جانبية، وبداخله الكثير من الخبث، دلفت وركبت بالكُرسي المُجاور له، وما إن جلست حتى قال لها بنبرة حانية:
-"حبيبي عامل إيه؟"
نظرت له نظرة ثاقبة، رفعت حاجبًا من حاجبيها، وبنبرة شديدة وقوية قالت:
-"عبدالرحمن لِم نفسك، وبطل الكلام ده أحسن قسمًا عظمًا أنزل"
زفر بحنق، وبداخله يحترق من تلك التي ترفضه وهو من تتمنين الفتيات أن تلمحه دون أن يلمحهن حتى، وهو من كانت أُمه تزُف بسيرته التي تتغنى بها جميع اقربائه خاصةً الفتيات، ولكن خطته لا يجب أن تفسد الآن، ابتسم لها وقال لها بعبوس مزيف: