الجزء الرابع

2.9K 173 6
                                    

#الجزء_الرابع
✿ #عشر_ليالي_في_عالم_البرزخ ✿

وفي الليلة الرابعة وما بعدها دعوت وكررت ذكر (لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ) لحضور روح السيد (محمد شويشتري) ولكن دون طائل. وبعد اربع ليال رايته امامي فجأة، وانا منكب على اداء صلاة الليل والتهجد، وكان يرتدي ثوبا جديدا يتلألأ نورا ويعلو وجهه جمالا منقطع النظير ويبدو عليه الوقار والرزانه، ذعرت اول الأمر الا انه سكن روعي بصوته الرخيم وهو يقول :
لا تخف جئت لأكمل لك بقية قصتي. ثم اردف كلامه بالقول: لقد كنت خلال الأيام المنصرمه منكفئا الى طلب العلم وتزكية النفس علاوة على زيارة ارواح الأصدقاء والأقرباء، كانت كلها هناك بما فيها اصدقائي القدامى وسائر ارواح شيعة امير المؤمنين (عليه السلام) واول من رأيته هو المرحوم فلان (احد العلماء) في اجتماع يضم ارواح الشيعة في وادي السلام قبل ثلاثة ايام. عرفني الى جمع من موالي امير المؤمنين (عليهم السلام) فأحدقُوا بي ثم بدا كل منهم يسئلني عن اصدقائه.
سألني احدهم: متى وفدتُ الى عالم البرزخ..؟
قلت: امس. لما سمع جوابي التفت الى سائر الأرواح قائلا:
لا تسألوه اسئلة معقده لأنه مرهق فقد اطلق سراح روحه توا.
قلت: كلا لا احس بأي اراهق فما تجشمتُ عناء السفر قط.
قالو: كيف اطلق سراحك من الدنيا؟
قلت: اصطدمتُ سيارتي بسيارة اخرى وما احسست بألم قط، وقد احضرني ملك الموت برفق وحنان الى رحاب المعصومين (عليهم السلام) فورا، ولم يتركني فريسة الآمي.
سألتني روح اخرى: من اين انت ؟
قلت: كنت اسكن مدينة كذا.
قال: اتعرف فلانا ؟
قلت: نعم لا زال حيا يرزق.
وسألتني عن شخص اخر فعرفته وقلت:
كان عهدي به في الدنيا منذ اشهر ثم سألتني عن اخر كان اثيما من اعوان الظلمة ورجال سلاطين الجور ويبدوا انه يمت بصلة اليه.
قلت: لقد رحل عن الدنيا قبل سنوات.
قال: لمَ لم يأتي الينا ؟ اذ لابد ان اعماله السيئة قد حالت دون ذلك وصيرته سجينا.
قلت: اين يحبس الآن..؟
قال: لا ادري فهنا سجون كثيره، ولعله مسجون في قبره..!!
قلت: ايمكنني الألتقاء به؟
قال: ان هذا الأمر لا يجلب لك سوى الشقاء والأذى ثم ان رؤيتك له لا تجديه نفعا.
قلت: اريد ان اعرف مدى جلالة حبي وولايتي اهل البيت (عليهم السلام)، كما ارغب في الوقوف على كيفية عذاب القبر.
قال: سأتي معك اذا فلربما يستحق العفو فنتشفع له بأميرالمؤمنين. انطلقنا معا الى المقبره فرأيناه - كما قال - رهين قبره فستأذنا الملائكة الموكلين به لزيارته فأذنت لنا بذلك.
بادرته بالسؤال: ماذا جرى لك بعد الموت..؟
فزفر زفره ثم قال: يكفيك منظري عن مخبري، إذ قد مضت علي سنين وانا سجين في هذه الزنزانه الضيقه والمظلمة.
لقد قبض ملك الموت روحي بشدة وواجهني بعنف واستقبلتني الملائكة بجفاء وجعجت بي كثيرا. وحينما اودعوني القبر رأيت نفسي كأني اثوي في حفرة من نار فطفقتُ اتلظى بالنار واعذب بوهجها حتى رأيتُ اميرالمؤمنين وسائر الأئمة (عليهم السلام) فأستغثت بهم.
قالوا: انك نسيتنا في الدنيا وتماديت في التعرض لموالينا فكابد الآن ما جنيت على نفسك الى حين كفارة لأثامك. لم يُصرخوني فتركوني اعاني العذاب واني الآن اطلب منكم انتم الأحرار ان تبلغوا عني وصيتي الى ولدي ليستبرىء من ذنوبي، ويرضى الناس عني، وان يمد يد العون الى الفقراء والمساكين ويتصدق بمالي الذي في حوزته وان يطلب ممن يعطيه مالاً ان يصلي على محمد واله عشرة الاف مره كحد ادنى ويهدي ثوابها الى روحي، فلعلي انجو من هذا العذاب.
توارى السيد (محمد شويشتري) عن نظري، واختفى ذلك المنظر من خلدي، فأكتنفني نور عجيب، وما رأيته بعد ذلك قط.
ثم طابقت ما سمعته مع الكتب واراء العلماء فوجدته متطابقاً.
.
.

ـــــــــــــــــــــــــــ
كتاب: عالم الأرواح العجيب
للسيد حسن الأبطحي

عشرة ليالي في عالم البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن