الجزء الخامس

2.5K 172 21
                                    

#الجزء_الخامس
✿ #عشر_ليالي_في_عالم_البرزخ ✿

وفي الليلة الخامسة رأيته بكيفية احجم عن ذكرها ووصف لي مزايا عالم البرزخ. شاهدتهُ في زاوية من ذلك القصر الواقع في البستان الكبير الذي رأيته في المنام في الليلة الأولى.
قال لي: ان هذا القصر وهذا البستان هما لي دون غيري ويعطى لكل روح من ارواح المؤمنين الشيعة مثلهما او افضل منهما. اترغب في التجول في البستان والتفرج في ارجاء قصري الجديد ؟
ابديتُ رغبتي في ذلك، فقام من مكانه فورا وتجول معي، كان البستان واسع الأرجاء. وكل ما فيه يغاير مانراه في الدنيا وكانت الرقة والشفافية تبسط ظلها على كل شيء. وتجري في وسطه عدة انهار احدها نهر من حليب خالص ذي شفافية مفرطة وطعم لذيذ جدا، وقد شربت من هذه الأنهار، ولذا لا اجد سبيلا الى وصفها. وهناك في الجانب الآخر من البستان نهر اخر من عسل مصفى وكان زلالاً سلساً وغير لزج وذا طعم لذيذ جداً وكان يجري وسط البستان نهر ثالث وماؤه الذ طعما واكثر شفافية من ذينك النهرين ويدعى نهر الكوثر وكان يضفي على البستان زينة وجمالا منقطع النظير وفي هذا البستان بلابل متنوعة ذات الوان مختلفة تبهر العيون وكانت اشجاره ذات ثمر كثير وكانت هناك آنسات تقوم بدور الخدمة وصبيان نطلق عليهم (غلامان) يقفون على أهبة الاستعداد لتلبية اوامر صاحب البستان وكان تراب البستان ذا عطر فواح حتى ان الإنسان يحسبه مسكا وزعفرانا. إلا ما حير لبي هو ان هذا البستان على رغم عجائبه وعظمته كان بالنسبه لي يقع في البعد والحالة الثانية لكوني لا زلت اعيش في الدنيا. فهو كالصور ذات البعدين تماما اذ حينما تنظر اليها من جانب ترى لها بعداً واحداً، وحينما تنظر اليها من الجانب الآخر ترى البعد الآخر لها. وحينما القيتُ نظرة على البستان رأيت النجف الأشرف وضواحيها، اعني مدينة النجف ووادي السلام والصحراء القاحلة التي تحيط بها.
ولكن لما ركزت فكري ونظرت الى ذلك المكان المقدس بالبعد الآخر كما يصطلح عليه شاهدت البستان والقصر وما فيهما.
ونستشف من كلام السيد (محمد شويشتري) ان هذا الأمر خلاف ذلك بالنسبة اليه، فهو يرى هذا المكان بحالة وبعد برزخي في المرحلة الأولى يعني انه يرى البستان والقصر معا ومن ثم يرى النجف الأشرف ووادي السلام في البعد التالي. هذا هو الإختلاف بيني وبينه، فهو يتمتع برهافة من العيش اكثر في البستان والقصر وكان يرى احيانا اشياء لطيفه ورقيقه جدا بيد اني ما كنت اراها بصورة واضحة ولم احس بها.
فقد قال لي مرة: انظر الى نهر الفرات الذي نحسبه في الدنيا ماء ملوثا بالطين والجراثيم، فما اصفاه هنا وانوره! وما اطيبه واعذبه!
ولما نظرت اليه من البعد الدنيوي رأيته نفس نهر الفرات الذي يمر بمدينة الكوفة، ولكن حينما نظرت اليه من البعد البرزخي رأيته زلالاً وشفافاً ومتلألئاً الا أني ما ادركت رائحته وطعمه..
وكانت اشجار الفاكهة في البستان تحمل كل نوع من الفواكه، أي تحمل شجرة واحدة احيانا انواعا كثيرة من الفواكه التي لا يمكن قياسها بفواكه الدنيا ابدا..
وكان نسيم هذا البستان عليلاً جدا، بحيث ان الإنسان يحس بلذة لا مثيل لها عند استنشاقه.
واما القصر فكان مزداناً بأنواع الزخرفه التي لا استطيع وصفها، وقد كنت واقفا وسط البستان وانا كالمنزول به.
وفجأة التفتُ الى نفسي ورجعت الى سابق عهدي، فرأيت نفسي وحيدا في غرفة نومي!!..
.
.

ـــــــــــــــــــــــــــ
كتاب: عالم الأرواح العجيب
للسيد حسن الأبطحي

عشرة ليالي في عالم البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن