ذكريات

238 19 2
                                    

لَا أعلَمُ لمَ تراوِدُني تلكَ الفكرَة ،
أن أُحدِّثكم عن بعضِ الذِّكرياتِ
التي لطَالَما أرَّقت ليلِي ،
و بعثَرَت كيانِي !

أتَذكَّرُ يومًا أننَّا كُنا معًا في تجمُّعٍ  للأصدِقَاء ..
و حين نَظرتُ تِجاهك ، وجدتُك تَبتَسِم لِي ، ابتِسامَة مُختلِفة عن أيٍّ من تِلك الابتِسامات التي أراكَ تمنَحُها لأيّ شخصٍ آخر !
و أقسِمُ أن قَلبِي خُطِف وقتَها بنَفسِ السُّرعَةِ التِي خَطفتُ نَظرِي بعيدًا عنكَ خَجلًا من تِلك الابتسامَة السَّاحرة !

أتعلم أن تِلكَ المرة كانت واحِدة من ٣ مرَّات نظرتُ إليكَ فيهِن و وجدتُك تُبادِلنِي ، ٣ مرّات من أصل مئَات و مِئات المرَّات التي نَظرت إليكَ بها دونَ أن تُدرِك ، أُحاوِل النفاذَ إلى قلبِكَ و معرِفَةَ كُنهِ ذلكَ الشيء الذي تَحملهُ تِجاهي !

أتَعلَم ؟
أن تلك المرَّة كَانت قبل عامَين ؟

في فترَةٍ ما ، كنتَ تُمسكُ هاتِفك كثيرًا ، تحادِثُ شخصًا ما و تَبتَسِم ، ظنَنتُه صدِيق و مع ذلِك كُنتُ أغَار ، حتى أنني يومًا ما أخبرتك بخنق و ضيق " لا تنشغل كثيرًا بالهاتف  ، ربَّما يصيبك التوَحُّد !" و لكنك هززت رأسك مبتسمًا و لم تكَد تنظُر لي حتَّى و عُدتَ لهاتِفك ، و أراهِن إلى الآن أنَّها كانت سَببَ ابتسامتِك !
أتعلَم كم أشعَل هذَا قلبِي ؟

أتَذكَّرُ أنك كُنتَ مُولعًا ببرامِج الحاسُوب ،
و تظاهَرتُ أنِّي كذلِك و طلَبتُ منكَ تعليمِي ، كنتُ أجلسُ بجانِبك و لا أعي شيئًا ممَّا تقُول ، أستَمتِعُ فَقَط بنَبرَة صوتك الجِديَّة و حماسك و ملامِحك اللطيفَة دونَ إدرَاك ، و لا أدرِي كيفَ لم تكتَشِف أمرِي ، أتذكَّر يوم تلامَست أيدينا بالخطَأ و أنتَ تشرَحُ لي شيئًا على الحاسوب و أصابتنِي مشاعِر مختلطَة لأول مرةٍ و فقدتُ إحساسِي بالعالم ، و لكنَّك لم تلاحظ هذا التلامس حتى و لم تُبدِ ردَّ فعل و كنت مستمرًا بالشرح ، لأن الأمر لَم يعنِي شيئًا بالنسبة لك ، أليس كذلك ؟

في يومٍ اشتَرَيتُ قالبًا من الشُّوكولا ، أردتُ إعطاءَك قطعة و لكنني شعرتُ بالحرج ، حتى أنَّني اضطررتُ أن أوزِّع القالِب على الجمِيع حتى يتسنَّى لي إعطاؤك قطعة دون حَرَج ، تبقى قطعتان ، و حين جئت لأعطيك
القطعة أخذت الاثنتين المتبقيتين ..
و حيث أن الشُّوكولا شيءٌ مفضلٌ لي ، و أنني سرتُ كثيرًا لشراء اللوح حيث لا متاجِرَ قريبَة من هذا المكان ، فلَم أعِ بنفسِي إلا و أنا فاغرَةً فمي و أقفُ بجمود أمامَ الغُلاف الفارِغ .
لم أعِي شيئًا إلا عندما وجدتُك تتسائل عمَّا أصابنِي فأخبرتُكَ لا شيء ، و لكنك أصررت فاضطررت مُحرجةً لقول " كانت تِلك آخر قطعة شوكولا " لا أعلم كيف قلتها لكنني لم أستطع الكذب أمام عينيك ، أنت الوحيد الذي لم أستطع ارتداء الأقنعة أمامه ، لم تَعتَذر أو ترد و لكنك ذهبت و تركتني ، و وسط تجمُّع الناس لم أهتم إلى أين ذهبت ، كنت حانقةً حقًا ، ليس بسبب قطعة الشوكولا و لكن لأنك لم تهتم ، عن نفسي لكنت أعطيتك اللوح كاملًا !
لم تَمُر نصفَ سَاعَة و وجدتُكَ عدتَ مِن الخارِج و لكننِي تجاهلتُ الأمر ، وجدتُكَ تتقدَّم نحوي و لم أعرِف لمَ ، لأجدَك تُقدِّمُ لي لوح شوكولا آخَر ، حقًّا ؟
قمتُ وقتَها بتقسيم اللوح إلى نصفَين و أعطيتكَ أحدهمَا ، فقط لأنني أحببت أن أشاركُكَ ما أحِب ، لأنَّني كنتُ أحبك أكثر من أَي شيءٍ آخر !
أتَعلَمُ أنَّ ذلك اليوم كان من أسعَد أيَّام حياتي؟  أتعلَم أنني أدركتُ الآن فقَط أنّنِي لازلتُ احتَفِظُ بغلافِ ذلِك اللوح؟

حسنًا ، أتعلَم ؟
أن ذلك حدث منذ ٣ أعوام
أتعلَم ؟
أنَّ تلكَ الذِّكرياتِ حُفِرَت بقَلبي حتَّى أنَّني بعدَمَا توقّفتُ عَن حبك ،
لازلتُ أذكُر تِلكَ التَّفاصيل كأَنَّها البارِحَة !
الفارِق الوحيد أنَّها الآن مُجرَّد ذكريات كانت هُنا لوقتٍ طويل و أردتُ الاحتِفاظَ بها ، و الآن أنا لم أعُد أريدُها و لكنَّها علِقت بذهنِي ، و لكننّي متأكدَّة أنها ستزُول و تُمحى مع الوَقت ، كما ستزُول و تُمحى أنت !

أَنا و أنت - You & Me حيث تعيش القصص. اكتشف الآن