أخذ جونغ كوك هيومي للساحة الخلفية للمدرسة حيث كانت أكثر الأماكن هدوءً آن ذاك ، كانت تذرف الدموع بصمت ممض و هو محتار لا يعرف ماذا يفعل معها، فقد كانت المسافة الشخصية بينهما هاجساً يدور في ذهنه فهو لم يعرفها الا قبل ساعة ، كسرت هيومي حاجز الصمت قائلة بصوت يشهق مع كل جملة : ماذا سيحصل له ....؟ هل سيموت ... ؟
طمأنها بقوله : لا لكن سيكون بحاجة الى علاج كي لا يتفاقم الأمر مستقبلا .
قالت هيومي و هي تنظر للأرض : أشعر بالأسى عليه ، فقد كان عاجزاً للغاية و مقيد ، لقد كان هزيلا لا يقوى على فعل شيء .
و انهمرت الدموع مرة اخرى من عينيها ، وقف جونغ كوك امامها واضعا يديه على كتفيها مشجعاً لها قائلا : يكفي بكاءً هيومي ، أعدك انه سيكون بخير ، انا فتى مثله و قد آلمني منظره و أشعر بالخزي لعدم منعي لهم لكني خشيت أن يمتد الامر لك ، شكرا لأنك استجبت لي حين قررت سحبك من هناك .
مسحت هيومي دموعها و أخذت ترفع نظرها له لتجده يحملق في تفاصيلها ، اهتز ثبات جونغ كوك و رفع يده عن كتفها و تراجع للخلف قليلا بادية على ملامحه علامات الخجل ، ابتسمت من ردة فعله و بجرأتها المعتادة قالت : أريدك أن تكون قريبا مني جون .
نظر لها بغباء : ماذا ؟!
اكملت : انا و انت لا ننتمي لهذه المدرسة بعد ، يجب ان نكمل دراستنا كي نتخرج ، أشعر ببعض الخوف فأنا لا أقوى على المضي وحدي ، لا أعرف ماذا أقول ...
قاطعها : صدمة عصبية ، هذا ما تمرين به ، ليس عليك الكلام الان ، لنعد لصفوفنا فقد تأخرنا .
أخذا بالمشي بهدوء متجهين لصفهم صاعدين الدرج يمشيان بجوار بعضهما و خلال صعودهما له كانت هناك فتاة بشعر طويل كثيف أشقر و قوام يشد العيون تنزل الدرج باتجاه معاكس لهما ، عبرت من بينهما متجاهلة انها يمشيان برفقة بعضهما ، لم تنظر هيومي لها لأنها كانت أطول منها لكنها شعرت بأن هالتها تشتت بسبب اقتراب تلك الفتاة منها ، بعدما تجاوزتهما بثوان لما تقوى هيومي الى النظر للخلف بينما كان جونغ كوك يتابع المشي على نفس الوتيرة ، دخلا الصف و اكملها دروسهما حتى سمعوا صوت جرس انهاء اليوم الدراسي الذي من بعده عادت هيومي الى منزلها متوترة من أول يوم دراسي لها .
في صباح اليوم التالي و بخطوات متثاقلة اتجهت هيومي نحو مدرستها التي تبعد عن منزلها قرابة العشر دقائق سيراً على الاقدام حتى وصلت الى بوابة مدرستها لتلتقي ب جونغ كوك الذي صادف وصولهما معاً .
ابتسمت مرحبة به بابتسامة : صباح الخير جونغ كوك .
رد بانزعاج حفيف : صباح النور ، يمكنك مناداتي جون .
اعتذرت بضحكة : المعذرة منك جون .
أردف : تبدين مفعمة بالحيوية بخلافي .
تنفست الصعداء قائلة : يبدو ذلك .
توجهت أنظارهما الى سيارة فارهة سوداء شديدة اللمعان تستعد للتوقف أمام باب المدرسة مباشرة تلى ذلك تحرك معظم الطلاب الذين كانوا بالجوار نحوها لتنزل منها فتاة طويلة ذات شعر أشقر كثيف منسدل للوراء مغطياً بذلك ظهرها و مؤخرتها من شدة طوله و كثافته ، قوامها الرشيق و حوضها المخصر قد شد أعين الفتيان و الفتيات معاً في حين أن ملامح وجهها الجذابة الحادة لا تترك للناظر مجالاً دون أن يحدق بها ، بسرعة التف حولها مجموعة من الفتيات احداهن حملت حقيبتها و هي تسير بشموخ و اتزان .
خلقت تلك الفتاة جواً من الهيبة عم المكان في حين ان هيومي و جونغ كوك غرقا في دوامة اسئلة تتمحور حول تلك الفتاة ، توقفت عن المشي فجأة و نظرت إليهما بسرعة مصيبة إياهما بهلع لحظي ، تقدمت نحوهما بنفس الثبات حتى توقفت و الفتيات اللاتي يحطن بها يقفن خلفها .
نطقت ببرود موجهة كلامها ل جونغ كوك : ملامحك .
رد بسرعة : نعم ، لست من هذه البلاد .
بهدوء وجهّت أنظارها الى هيومي لتحدق بها لثوان ، هيومي كانت تنظر لعينيها الرماديتين و تحملق في تفاصيل وجهها .
( تلك العيون ) هذا ما نطقت به تلك الفتاة قبل ان تغادر المكان داخلة للمدرسة تاركة هيومي و صديقها في حيرة أكبر .
دخل الجميع للمدرسة و أخذوا بتلقي دروسهم الأولى حتى حان موعد الغداء لتحمل هيومي طعامها الذي اعدته بنفسها تبحث عن جونغ كوك لتجده يجلس في نفس المكان ، بدون استئذان جلست و قالت و هي تنظر إليه مباشرة : ما رأيك ؟
رد بعدما بلع ما كان في فمه : لا يمكن الجزم بشيء حتى الان ، كل ما اشعر به انها نقطة البدأ لكن اعجبت بجرأتك هيومي حين ..
أنزلت هيومي بصرها بانكسار قائلة : كنت خائفة ...
باستغراب : ماذا ؟!
هيومي بنفس النبرة : كانت تريد قتلي واقفة .
حاول جونغ كوك التخفيف عنها بقوله : يبدو أنك تتوهمين ذلك ، لا يمكن ...
قاطعته بنفس الانكسار : جون ... شعرت ببرد قاتل في صدري و تعرق ظهري و تسمرت مكاني ، أعرف هذا الشعور الرهيب ...
تركت هيومي صندوق طعامها و غادرت المكان ليتبعها جونغ كوك طالباً منها العودة دون استجابة منها ، توقفت في حديقة المدرسة الخلفية و أخذت عينها تدمع ببطء ، انحنى جونغ كوك مكرراً أسفه على ما قاله لكنها أومأت بالنفي قائلة : لا عليك ، انها ذكرى قديمة فحسب .
الطريقة التي قالتها بها أشعلت لهيب الفضول لدى جونغ كوك الذي اعتاد أن لا يكترث للأمور الشخصية للآخرين فقد كانت هيومي بالنسبة له ذات شخصية متعددة الأنماط تارة صلبة ثابتة و تارة أخرى لطيفة لينة و كأنها ساق زهرة يتمايل مع الرياح .
صوت صرخة فتاة سمعاه كلٌ منهما قادم من المبنى المجاور لهما ، نظرا الى النافذة التي صدر منها الصوت فقد كانت في أعلى دورة مياه الفتيات ، نظرت الى جونغ كوك و طلبت منه الوقوف على ظهره ثم رفعها ببطء حتى تصل للعلو المطلوب ، جلس على احدى ركبه حتى صعدت على كفتيه جيدا و أخذ برفعها حتى وصلت للنافذة لترى تلك الفتاة الشقراء تقف أمام باب دورة المياه من الجهة الداخلية مانعة فتاة بطول هيومي من الخروج و هناك فتاتان تمسكان بها ، لم يكن ما تقوله تلك الفتاة الشقراء مسموعاً لهيومي بينما كانت الفتاة الممسك بها تصرخ : لا أريد ان اكون دمية بين يدك .
قامت الفتاة الشقراء بغرز سبابتها و ابهامها في خدي الفتاة الصغيران بقوة و تنظر لها بحقد ثم دفعتها للخلف لتسقطها أرضاً لتحمل دلواً كان بالجوار مملوء بمياه غسيل الارض المتسخة راق لها أن تفرغ محتواه عليها و تشبع ثيابها و شعرها و وجهها بالمياه القذرة و اختتمت برمي الدلو أمامها مما جعله يرتد لأنفها مسبباً في نزيفه ، أمسكت الفتاة أنفها بقوة من شدة الألم تكتم دموعها من نظراتهم المحتقرة لبؤس حالها طريحة الأرض ، على الفور قفزت هيومي من كتف جونغ كوك مسرعة للحمامات دون ان تخبره بما رأته مما جعل خوفه عليها سبباً للجري خلفها ، رأت هيومي الفتاة الشقراء في الممر لتقف في وجهها و تنظر لها بنظرات قوية و عيون لا تخاف ، ثبتت الفتاة الشقراء لوهلة لتقول متجاوزة هيومي تاركة إياها خلفها : تلك العيون .. أريدها لي فقط .
أكملت جريها لتدفع باب الحمام بقوة و تهرع بمناديلها الخاصة لتنظف نزيف أنفها و تشجعها على النهوض ، بعدما حملتها لخارج الحمام كان جونغ كوك بانتظارها ليساعدها في حملها ، طلب جونغ كوك من هيومي حملها لغرفة الممرضة لكن الفتاة على الفور فزعت و قالت لا سأكون بخير لا تدعو الأمر يخرج عن نطاق ما رأيتموه الان .
أصرت هيومي بشدة لكن صرخة عالية من الفتاة بالرفض اخرجت تلك الفكرة من رأسها و تثير أمراً آخر ، لماذا ترفض الذهاب للمرضة او اخبار احد المسؤولين هنا ؟! و كأن الأمر سيصبح أشد تعقيداً ، ما سر تلك الشقراء و ما الذي يجري في هذه المدرسة ، تبادر الى ذهن جونغ كوك نفس التساؤولات فهو و هيومي الذين يتصرفان بشكل طبيعي كما يرى .
تمالكت الفتاة نفسها و توقف النزيف و شكرتها على اهتمامهما بها و مضت تبكي بصمت بسبب اتساخ ملابسها ، نظرت ل جونغ كوك نظرة لا معنى لها لم يقوى على اثرها ان يدرك مغزاها منها ختمتها بقولها : جون ، أنا التالية .بصراحة لأي شخص يتابع القصة ، اتمنى تكتبوا تعليقاتكم و اقتراحاتكم عشان اقدم لكم أفضل أداء ممكن و أكرر شكري ل صديقتي العزيزة Raheflovers على دعمي و تشجيعي و اعادتي للكتابة ، دمتم بود .
أنت تقرأ
الرمق الأخير
Fanficهيومي فتاة لطيفة انتقلت الى مدرسة جديدة مع صديقها كونغ كوك مشهورة بالعنف ضد الطلاب و التنمر لكنها تناضل من أجل العيش و التخرج منها .