الفصل السابع / لا تملكُ شيئا

2K 104 18
                                    

لن تتخيل أبدا معاناة البعض ، فقط احمد الله على ما تملك فغيرك يحلم بمنزل كخاصتك أو حتى عائلة محبة كعائلتك ، و إن كنت لا تملك شيئا فغيرك أقصى أمانيه أن يحظى بصحة كصحتك ، فقط احمده ، احمد ربّك على ما أعطاكَ و لا تكن جاحدا أبدا .
**************

كان يشعر بالضيق الشديد لمَ آلت إليه الأحوال ،كيف انحرفت الأمور لهذا المسار ؟ ، لمَ كل الذين يتعلق بهم يرحلون و كأنهم سئموا منه ؟  هل العيب فيه فكر بينما تفكيره يعود به للماضي حين فقد جدة أمه البريطانية و التي كان متمسكا بها بشدة ، ثم تلك الفتاة التي كان يعتبرها أختا له .

و هاهو الآن سيفقد رفيف !

الثالثة صباحا ، قرأ بعدما شغّل هاتفه ، تركه ليتنهد بضيقٍ شديد ، لم يستطع النوم ، شدة التفكير جعلته يصاب بالأرق .

و ها هو الآن عقله يأخذه بجولة تفكير أخرى ، لكن هذه المرة أرجعهُ  لذلك اليوم المشؤوم الذي عرف فيه مرض رفيف...

أمها تلك متميزةٌ ، ابتسامة متألمة هربت منه دون إرادته و هو يتذكر رفضها لمبلغ ماليّ من الطبيبِ عمر  رغم إصراره الكبير ، و من دون إرادته أيضا تذكر رفض رفيف للمال في الحديقة .

تلك السيدة لم تشتك أبدا من حالتها ، ما لاحظه و ترك أثرا عميقا في نفسه هو إقرانها لعبارة
"الحمد لله" في أي شيء تقوله ، رغم ضيق حالها .

  " ...يَحْسِبُهُمْ الجَاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُفْ تَعْرِفُهُمْ بسِيمَاهُمْ لا يسْألُونَ النَّاس إلْحافًا.. ".    البقرة 273

تذكر تلك الآية التي يعشقها ، و كأنها تتحدث عنها ، وضع وسادته على رأسه لعله يوقف الأفكار التي تحتله و تجول فيه ، لكن بدون جدوى ، ابتسامةُ رفيف  البريئة لم تفارق خيالَهُ ، و النوم أبى أن يطرِقَ جُفونه .

****************

- " و هكذا أنقذها الفارس الشجاع من براثن الوحش ذو المخالب و الأنياب المخيفة و عاشوا بثبات و نبات...النهاية ".

أغلقَ الكتاب الذي كان بيدهِ ، ليتناهى إلى مسامعه صوت رفيف الفرِحُ :

- قصة رائعة .

أهداها ابتسامة صغيرة ، قبل أن يجثو أمام سريرها  يقبل خدها بحنان .

ما إن جلسَ على الفراش بجانبها حتى التفتت إليه بعينيها العشبيتين تردف :

- أين رهف ؟ ألم تُخبِرني أنّك ستُحضرها لتلعبَ معي ؟

- إنها بالبيت مع أخي تزعجه كالعادة ، لا تقلقي ستحضر عمّا قريب .

رفيف ( قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن