2

212 25 6
                                    

ولا أجد وسيلة لكي أخبر ما بداخلي الا لقلمي وأوراقي
أشعر ببعض الأمان حين أكتب كأنّ الكتاب سيف لأحارب به اعدائي ،،أفتقرُ للأمان الأمان الذي كان يمنحني إياه جدي ،الأمان الذي رحل برحيل جدي  في الثالثة من عمري .....
ربما كنت صغيرة في ذلك الوقت لا أعلم معنى الأمان أو بالأحرى لا أفهمه، وكيف لفتاة بذلك العمر أن تعرف الأمان ربما كنت أشعر به لا أعلم ولكن منذ ذلك اليوم، اليوم الذي فقدت جدي الذي كان يرعاني بعد وفاة والدتي عند ولادتي وأبي الذي توفى قبلها بثلاثة أشهر ،ثلاثة أشهر تفصل بين وفاتهما وكأن أمي كانت تنتظر وضعِ ف دوامة الحياة وتذهب لوالدي فمن المؤكد أنها أحبته كثيرا.

يخيل لي في بعض الأحيان كيف كانت حياة والدي ، كيف كانت حياتهم من دون إنجاب أطفال يملئون دنيتهم بألوانا من الفرح  لمدة عشر سنوات كاملة نتيجة لبعض المشاكل التي عانت منها والدتي
، هذا الأمر وبقاء وأبي معها بالرغم من عدم قدرتها على الأنجاب يؤكد لي حب أبي الشديد لها.
أبي كان يقول وهو ينظر لعيني أمي بكل مشاعر الحب..( ريم تبدين جميلة اليوم والأجمل إشراقتك الداخلية هي التي تغلق كل الأبواب المظلمة التي بداخلي..إبتسامتك تشرق بداخلي كشروق شمس مشعة بعد مده من تلبد الغيوم في السماء..أو بلأحرى أنتي كزهرة كانت تنتظر نهاية الشتاء لتشق طريقها وتعلن بداية الربيع،ربيعي...زهرتي...غرامي..أنتي.

أمي في هذه الأثناء تنظر لأبي بتمعن وأبتسامتها المشرقة تملئ وجهها....يمسك أبي يدها ويقربها لقلبه ويهمس..ريم..أحبك) هكذا يخيل لي حديثهما في بداية الصباح أو بالأحرى في كل الأوقات ،أتمنى لو كنت معهم وعشت تلك اللحظات....

يأسفني في كثير من الأحيان أن أبي مات قبل أن يراني ، قبل حمله لطفلته الأولى بين يديه، وأمي كذلك لم تحملني بين يديها ولم تحتضني ولكن أتألم لأبي أكثر ف أمي على الأقل حملتني في أحشائها وشعرت ربما بشعور الأمومة ولو لمدة قصيرة ولكن أبي لم يشعر بهذا الشعور إتجاه طفلته ولكن شعر بقليل من شعور الأبوة  أظن لأنه كان أب وأم وزوجا وحبيبا وصديقا لأمي وخصوصا في غربتهما ، فلو لم يكن كذلك فكانت أمي لم تمت بعدها بهذه السرعة ..يزعجني أن أمي لم تحارب الموت للبقاء معي وتربيتي ويزعجني أنها تركت لجدي وزوجته شأن تربيتي،،صحيح أن جدي أعتنى بي جيدا لكن هذا لا يعوض دفئ وحنان الذي كان سيقدمانه لي والدي وخصوصا بأنني طفلتهما الأولى وثمرة حبهما، في بعض الأحيان يجول في خاطري وأقول الحمدلله على أنجاب والدي لي وبأن حبهما تترجم بي وبقى لحبهما أثر في هذه الحياة  ولن يندثر أبدا ، ف دائما حينما أجلس مع جارتنا تخبرني عن والدي تخبرني بأنهما عصافير العشق التي تغرد بكلماتها ، وتملئ حبهما في كل مكان يتواجدان فيه وكمية التفاهم الذي بينهما ف بمجرد نطق أحدهما كلمة فهم الأخر ما أراد قوله..

فقدان والدي والحكايات التي سمعتها عنهم جعلتني دائما أتخيل تفاصيل حياتهم ،وهذا الأمر أثر في تكوين شخصيتي ونفسيتي عموما، فتحت العنان لمخيلتي وفجرة ينابيع من المشاعر بداخلي ، مشاعر حزن..حب..ألم..أشتياق وربما أيضا الجفاء التي تبادلني به زوجة جدي، أبرر فعلها وأقول ربما الجفاء من خصائل شخصيتها ولكن دائما كان يدور في  نفسي تسأئل عن سبب رعايتها لي ولم تقصر بشيء من النواحي المادية تجاهي ولكن لماذا أعتنت بي ؟ وكانت تستطيع ببساطة بعد وفاة جدي أن تضعني ف دار للأيتام وتزيح همي من عليها ، طوال الستة عشر سنة التي رعتني فيها كان هذا التسائل موجود ووجدت إجابته ف السنة السابعة عشر أي السنة التي عانت فيها من بعض الأمراض وقبل وفاتها بأيام قليلة أخبرتني ووجدت الجواب لسؤالي ؛ تمنيت أنني لم أعرف جوابه لأنه كان صدمة قوية عليا....

مشاعر (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن