قاطعتها والِدَتُها قائلةً لها جوري هيّا تعالي لتناوُلِ العشاء يا عزيزّتِي ولكنها لاحظَتْ في عيني ابنتها جمراتٍ مشتعلة هيَ تعلَمُ انَ ما اصابها ليسَ ب قليل فاحتضنتها قائلةً لا بأس يا عزيزتي اهدأي انَ الله يختارُ للعبدِ خيراً ولا يُخيّرُه
هيا استجمعي قواك وانهضي لِنُعدَ مائدَةَ الطعامِ قبلَ مجيءِ والدِكِ منَ العَملْ كما انَ اخوتَكِ يمان ويوسُف وسلمىيشعرونَ بالجوعْ كانت امي قد اعدّت طبق البازيلاء المفضل لدي ! غمرتني سعادة مؤقتة استمرت اقلَ من بضعِ ثوانْ حتى سرَقتنِي ذكرياتِي الى ذاكَ اليوم حيثُ كانَ ماليك مخفِضا صوته مرتديا مريول المطبخ .. يأخذُ نصائِحَ من امي ليعد لي طعامي المفضّل اذ انّي كنتُ اُحبُ البازيلاء بالاضافه الى الكبسة والمنسف ! كان فاتناً جداً كان طويلَ القامةِ متوسِطَ الجسدْ لهُ عضلاتٌ بسيطة يمتَلِكُ عينانِ خضراوتان وشعرُهُ اسودُ اللونْ واسمرُ البشره يمتَلِكُ ابتسامةً خلابة كانت تسرقُني من نفسِي ل ساعاتٍ مطوّله في تلكَ اللحظه قامَ بخطفِ اخر قطرةِ بُعدٍ يُمكنُنِي ارتشافُها .. لا يمكنني الّا ان اقتَربَ منه واغمُرَهُ بشدّة كنتُ اتشبثُ بهِ ك الطفلْ الذي يعتَنِقُ والدِيهِ ليشعُر بالامانْ جووووريي هيااا صوتُ امي من خلفِي قاطَعني وبثَ في نفسِي الرُعب ف سقطت الاطباق والاوانِي من بينِ يداي معلنةً تحطمَها متفتِةً ك قلبي تماما في الوقتِ الذي قاطعتني امي وسرقتنِي من ذكرياتِي مع
هَمّت أُمي بالركضِ نَحوِي والقلقُ يظهرُ على ملامحِ وجهِها والخوفُ يسكُنُ عيناها جوووري هل انت بخيرٍ يا ابنتي !! ابتعدي يا عزيزتِي الارضُ ملأى بالزُجاج ستتأذى قدماكِ وتُجرح ابتعدِي بحذرٍ يا ابنَتِي .. هُنا قد بدأتْ جورِي بالصُراخِ على غير عادَتِها قائلةً : لااا اريددُ تناولَ الطعامْ ف انا اكرَهُه والبازيلاء لا اريدُ ان اكلها مجدداً .. شعرتْ والِدَتها بحُزنِها ف اقتربتْ منها غيرَ مُكتَرثَةٍ لنبرةِ صوتها العالية واحتضنتها ب شدّه ف ما كان من جوري الّا ان تُجهِشَ بالبكاءء .. مُرددة ما بداخِلهَا وهيَ تقول : .لماذا ؟ لما يا امي لماذا قد رَحل لِما فعلَ بي هذا لمَ ترَكنِي وحيده ألم يكفهِ حُبي وجنونِي وتعلقّي الشديدْ بِهْ لما كل ما حولي كُل ما يُحيطُنِي يعيدُني اليه .. لم يسكُنُنِي بهذا الشكل بهذا الجنون لماذا اراهُ في جميعِ تفاصيلِ ايّامِي !! الا يفترض ان يكون هذا عشاءً عاديا تقليديا هادئاً تُذكرُني بهِ حتى هذه الاطباقْ .. انظري هذهِ النقوشْ الخضراءْ تذكرُني بعيناه .. امي هل انا مجنونة ؟!طلاءُ غُرفتي البُني الفاتِح يا امي .. يذكرني بسمرتِه الفاتنة اشعرُ بالجنون يا امّي قلبي يتآكلُ بِبطءٍ شديد يا أُمي اشعرُ انّي جُننت هل هذا ما يفعَلهُ الحُبُ يا أُمّي هل للحُبِ ان يكونَ جُرحاً عميقاً لا يُشفى ؟ لمَ يا أمّي لمَ ؟ هُنا احترقَ قلبُ والِدَتِها السيّده مَنالْ على ابنتِها كثيراً قالتْ لها مُهدئةً مِن روعِها انا بجانِبكِ يا ابنتِي والآن ف لتخلُدي للنومِ قليلاً اخذتها أُمها وجلَستْ بالقُربِ منها على سريرِها تُلامسُ اطرافُ اصابِعها خُصلاتِ شعرِها شديدُ السوّاد وهي تقولُ لَها يلا تنام يلا تنام لادبحلك طيرْ الحَمام روحْ يا حمام لا تهدّي بضحكْ ع جوري لتنام ظلّت بالقُربِ منها حتا نامَتْ ثمَ خرجتْ لتقومَ بتنظيفِ الزُجاجْ ولكي تضعَ الطعام ل زوجِها السيّد محمد وابنائها لم يستغرقْ كُلُ ذاكَ ساعةً من الزّمانْ الى ان عاد زوجُها محمد ورد السلام عليهم قائلاً السلام عليكم يا احبتّي واخذَ يُقبِلُ ابنائَهُ يوسُف وسلمى الاخوّه الصغارْ ل جوري ويمان واعطاهم ما قد احضرَ لهم من مثلجاتٍ وسكاكِر وقبّل يمان يده ورحبت بهِ زوجَتُه الّا انهُ لم يرى جورِي وعندما طرحَ السؤالَ عليهم اينَ جورِي اخبرتهُ منال ب انها قد خلدت الى النوم اعترى القلقُ قلبه ولكن حانَ وقتُ الطّعام ثم جلسَ الجميعُ الى المائده لتناوُلِ الطّعامْ انتهو جميعاً وخلدَ الاطفال يوسُف وسلمى للنوم كانت الساعة تُقارِبُ العاشره مساءً وجلست السيّده امُ يمان منال مع زوجِها وابنِها يمان البالغ منَ العُمر خمسٌ وعشرونَ عاماً تحدثَ الابُ قائلاً ما بكِ يا حبيبتِي لمَ انتِ حزينةٌ ولونُكِ شاحِب وما بها جورِي لمَ هي نائمه ولم تتناول العشاءَ معنا ؟ ف اخبَرتهُ بما حدثْ انزعجَ الأبُ كثيراً على ما يحدثُ مع ابنتهْ ف ذهب اليها ليراهَا فوجدها تنامُ ب عُمقٍ وملامِحُها حزينة ف وضعَ يدَهُ على رأسِها وقرأ بضعَ اياتٍ قرآنيه ف استيقظت جورِي وعندما وجدتْ والِدها عادت للبُكاء من جديد واحتضنتهُ ب قوّه ف اخبَرها ب ان تهدأ قائلاً لها ما بكي يا حبيبتي الا تريدينَ معرفةَ ما احضرَ لكِ والدُك قالت وهل استطيعُ ان لا اعرف ؟ ف قالَ لها احضرتُ لكِ ما تُحبين قالت اعلم انهُ الوافل خاصتّي امسكَ يدها وذهبا معاً لتناولِ ما تُحبِهُ جورِي تناولَتهْ مع والدها ثمَ خلدَ الجميعُ الى النومْ الّا جورِي بقيت مُستيقظه تُفَكِرُ طويلا