١٢ " الخرافات "

4.3K 342 69
                                    

مرحباً أحبائي ، كيف الحال ؟
اليوم سنتحدث عن بعض الخرافات الشعبية بالنسبة لعلم النفس ~

الهر الأسود، لمس أو «طرق» الخشب، البومة، الغراب وصوته، الشخص ذات العينين الزرقاوين، «صيبة العين»، المشي تحت السلم، الملح على الطاولة، أو الملح على الثياب... وخرافات شعبية أخرى موجودة في تراثنا العربي.

على سبيل المثال، نجد أشخاصاً يخافون من نهار الجمعة، حيث يعتبرون أنّ في هذا النهار، يحصل الكثير من الكوارث والزلازل والفياضانات ويموت الكثير من الناس... طبعاً علمياً هذا الحديث غير صحيح... كما يعاني بعض الأشخاص من خوف مرَضي عندما يجتمع «رهاب نهار الجمعة» مع «رهاب رقم 13»، فيصبح «رهاب نهار الجمعة 13 «La paraskevidékatriaphobie». نعم، الخرافات الشعبية موجودة ولها دلالاتها النفسية.

لمَ هي موجودة؟

لكل بلد، لغته وتقاليده وطريقة تفكيره وتحليله... ولكل بلد معتقداته الشعبية، التي يتوارثها الناس أباً عن جد. هدف تلك الموروثات التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالعلم، تجنّب كارثة أو مرض أو حالة صحية، أو جلب الحظ السعيد... أي، هدف الخرافات هو التخفيف من حالة القلق التي يمكن أن تصيب أيّ شخص.

ويفسّر علم النفس الإجتماعي وعلم الإناسة Anthropology، بأنّ الخرافات تعود إلى آلاف السنين، حيث كان الإنسان يعيش ضمن قبائل وكانت لكل قبيلة أساطيرها وحكاياتها البسيطة لتفسير الكون والرضوخ للطبيعة القوية المسيطرة على الإنسان البدائي الذي كان يعبدها، طالباً منها المساعدة والتخفيف من مصاعبها (العواصف والزلازل والبراكين...).

ويُذكر أنّ بعض الخرافات الشعبية التي تجلب الحظ السيّئ عند بعض الشعوب، كانت جالبة الحظ السعيد لشعوب أخرى. فمثلاً، شؤم البومة عند الشعوب العربية، يقابلها إهتمام خاص ومودّة لهذا الطائر في البلدان السكاندينافية.

ويفسر علم الإناسة هذا التناقض من خلال الأساطير والإعتقادات التي كانت شائعة آنذاك بين مختلف القبائل. فمثلاً رقم 13، رقم الشؤم تعود تفسيراته بين قبائل أوروبا قبل إنتشار المسيحية، حيث كان يحتفل بإثني عشر إلهاً ولكن لسبب ما تدخّلت روح شريرة كانت تُسمى بـ«لوكي» وسببت صراعاً بينهم ومقتل واحد منهم. ومنذ ذلك الحين أصبح رقم 13 رمزاً للروح الشريرة والأذى.

وعندما يتخطّى أو يتجاهل الإنسان هذه الإعتقادات الشعبية، يسود في كيانه شعور من الإسترخاء والراحة وكأنه تخطّى مشكلةً ما، أو ربح صراعاً مع الشرّ.

علم النفس يفسّر هذه المشاعر من خلال القلق الكبير الذي يمكن أن يتخبّط به الإنسان بسبب الخوف من المجهول. فكل إنسان يخاف من المجهول وعندما يتخطّاه، يشعر بالعزيمة وبالقوة وبالتالي يخفّف ذلك من قلقه.

اللمس أو الـ «دق» على الخشب والخوف من «صيبة العين»

لمس الخشب أو دقّه، من المعتقدات الشعبية العالمية، الموجودة لدى معظم شعوب العالم. يُستعمل هذا التقليد لجلب الحظ أو لإبعاد عين الحسد، وهو واحدة من الخرافات الشعبيّة. الأنتروبولوجيا تفسّر هذا التصرّف بأنه يعود إلى آلاف السنين عندما كان الإنسان يؤمن بوجود إله في الشجر. فكان الإنسان يلمس الخشب ليطلب من الإله إبعاد الشرور عنه.

كما تلعب عين الحسود دوراً كبيراً في حياتنا اليومية ويعتقد البعض أنّ بإمكانه تفادي شرّها، من خلال لصق صورة لعين كبيرة أو تعليق خرزة زرقاء على كل ما يخشى عليه منها. ويفسّر علم النفس وعلماء الإناسة بأنّ الخوف من صيبة العين يعود إلى اللاوعي الجماعي عندما كان الإنسان يخشى من عيون الحيوانات المفترسة.

كيفية التغلّب على الخرافات الشعبية

من الصعب جداً، أن يتغلب الإنسان على بعض المعتقدات التي تسود في تفكيره الواعي واللاواعي. ولكن عندما تسيطر هذه المعتقدات عليه وترفع عنده نسبة القلق، يجب أن يتبع الإرشادات التالية التي تساعده ليسيطر على تفكيره «الخرافي» ويخفّف من قلقه، ومنها:

• التفكير بطريقة منطقية في الخرافات التي لا يمكن أن تفسّر علمياً.

• عدم التفكير بطريقة سلبية أمام الإعتقادات السائدة وطرح الأسئلة على الذات: «لمَ أخاف من هذا الشخص ذا العيون الزرقاء؟ فهناك الكثير من الخيّرين وعيونهم زرقاء!»

• إسأل نفسك عن موضوعات الخرافات، «ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي؟». هذه طريقة مثلى للتخفيف من القلق الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في حياة الفرد اليومية.

• كسر الروتين اليومي الذي يعيشه الإنسان وتجربة مغامرات جديدة وعدم النسيان بأنّ الحياة قصيرة ويجب إستغلالها بالطريقة الإيجابية والجيدة.

• عدم تنظيم كل شيء. بعض الأحيان، من المهم أن يعيش الإنسان يومياته بطريقة إعتباطية بلا تنظيم وترتيب مفرط. هذا التصرف يخفّف كثيراً من القلق الذي يمكن أن يعايشه الإنسان الذي يخاف من الخرافات.

أتمنى أن ينال الفصل إعجابكم احبائي ..
دمتم بحبٍ 💜


عِلم النفس | ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن