حيادية أجهزة التواصل

41 2 1
                                    


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

حيادية أجهزة التواصل:

يقودنا الحديث عن (الحرية) و(التحكّم) إلى نقطة محورية فاصلة في الإجابة عن سؤال حريّ بكلّ مستخدم لشبكات التواصل أن يطرحه على نفسه:

هل لأجهزة التواصل ذنب في الاستعمالات السيّئة لها؟

هل هي المسؤولة عن الوقوع في (الفِخاخ) و(الشِباك) و(المصائد) و(المقالب) و(المطبات)؟

هل هي (عاقلة)؟ بمعنى، هل هي التي ترشدني إلى هذا الاستعمال أو ذاك الاستعمال؟

هل هي (مريدة) تريد لي أن (أَخدع) أو أن (أُخدَع)، أم حيادية، بريئة، والمسؤول الأوّل والأخير هو أنا مستخدمها؟!

هذه الأسئلة عامة وليست مختصة بأجهزة التواصل وشبكة المعلوماتية فقط، فهي أيضاً قديمة – جديدة، تطرح كلّما طرح السوق الإلكتروني جديده من أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والجامعة.

خُذ الفضائيات -مثلاً- هي مبثوثة على الصحن الذي يقدّمها أو يضعها كلّها على مائدتنا وبين أيدينا.. بصالحها وفاسدها، ونافعها وضارها، ولكنّ (المشفِّر) لتلك القنوات الذي يغلق بعضها باختياره، ويسمح للبعض الآخر باختياره. هو الذي يختار ما يأذن له بالتسرّب إلى (بصره) ومنه إلى عقله وعواطفه وغرائزه، هو (أنا) المشاهد الحرّ المختار الذي يجب أن يصحح مقولة التحكّم عن بُعد التي تُطلق على جهاز السيطرة (الريموت كنترول) فيقول إنّهما جهازان وليس جهازاً واحداً! جهاز باطني عقلي حكيم وهو (جهاز التحكّم عن قرب)، وجهاز خارجي يدوي منفعل وهو (جهاز التحكّم عن بُعد)، لمن الإمارة والسيادة على الآخر؟! جواب هذا السؤال يتبع لشخصية وإرادة كلّ مستخدم، هو الذي يقدم ويؤخر في تحكّم هذا بذاك أو تحكّم ذاك بهذا، وهذا أشبه شيء بالجلوس إلى مائدة طعام عامرة أو مأدبة فيها ما لذّ وطاب، وعليها ما ضرّ وأصاب، فإذا تركتُ الأمر للعين واليد والفم أنهكتُ معدتي وأثقلتُ على صحتي من غير تدبر للعواقب، امّا إذا تحكّم العقل بالاختيار وبالمقدار وبحساب الفوائد والأضرار، نهضتُ من المائدة وقد أخذتُ منها قسطي في عافية ومتعة غذائية كاملة.

إذاً هي مسألة (عرض) و(طلب).. السوق (تعرض) لي كلّ البضائع على اختلاف أنواعها ومنتوجاتها النافعة والضارّة.. وأنا (لا البائع) أو (المعلن التجاري) أو (الدعاية) الشخص (المختار) و(المسؤول).

نسوق هذه الأمثلة لندلِّل على أنّ وسائل التواصل وأجهزتها وشبكاتها حيادية بحدّ ذاتها، وغير مسؤولة عن سوء استخدامها، وأكبر دليل على ذلك إنّ بعض الشبان والفتيات استخدموها واحسنوا استخدامها، وكان لتوظيفاتهم الحسنة والرائعة آثار طيبة، وإنّ البعض الآخر استخدمها فأساء استخدامها فساءت حاله وأساء لغيره. (المشكلة ليست في العنب فهي فاكهة لذيذة وصحية ولها فوائد وقيم غذائية كثيرة، المشكلة في مَن حوّلها إلى (خَمْرة) ضارة بالصحة ومسيئة للغير).

 وسائل التواصل الاجتماعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن