الآثار الجانبية لأجهزة التواصل

90 1 2
                                    


(بسم الله الرحمن الرحيم )
✒اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

🔽الآثار الجانبية لأجهزة التواصل:

كون وسائل الاتصال الاجتماعي تقدم خدماتها الجليلة لزبائنها أفضل بعشرات المرات من الوسائل القديمة (الإلكترونية لا الوسائل الحيّة التي تبقى متصدرة المشهد)، هذا لا يعني أنّها (كاملة)، وإلّا لما أطلّ العلماء والخبراء علينا في كلّ آونةٍ بجديد يستكمل نواقص القديم. ومن أجل أن لا نسقط أمام حالة الانبهار بجديد الإلكترون، يتعيّن أن نلتفت أيضاً إلى النواقص مثلما نندهش بالتطورات، ولئلا تكون عين الرضا عن كلّ عيبٍ كليلة، كان لابدّ من التعرّف على بعض النواقص المرافقة أو المصاحبة للفضائل والإيجابيات، لا للتقليل من شأن وفاعلية هذه الوسائل، بل حتى لا نسلّمها كامل الزمام، أو نستسلم لها استسلام الأسير لآسره.

1- مطاعم الوجبات السريعة:

يطلق على عصر التقنية الحديثة بعصر السرعة، وقد اُتخذ هذا الشعار ذريعة لكلّ عمل (مسلوق) سلقاً وغير مطبوخ على نار هادئة. وإذا كان بعض الشبان والفتيات ممن يستهويهم الجديد والتغيير، يفضلون (السندويش) على طبخة الأُم، فهذا لا يعني أنّ قيمة السندويش الغذائية هي دائماً أفضل من القيمة الغذائية للطبخات التي تُصنع بيدي الأُم، حتى وإن كانت السندويشات أطيب مذاقاً!!

للسرعة إيجابياتها، ما في ذلك شك، فهي تختصر (الوقت) و(الجهد) و(المال)، لكن لها سلبياتها أيضاً، فهي تقلّل (الجودة) و(تزيد في الأخطاء والأخطار) وكما أنّ هناك إسهاباً مملاً، هناك أيضاً إيجازٌ مُخلّ، ولذلك كانت الوسطية والاعتدال خير الأمور (ليس في عصر الدابة والطاحونة فقط، بل في عصر المونيلكس والصواريخ أيضاً). إنّ أسلوب التعامل بـ(بين.. بين) بلا سرعة أرنبية مفرطة ولا بطء سلحفاتي قاتل، هو الأفق إذا لم يكن في كلّ حين، ففي أغلب الأحيان.

لاحظ التعليقات السريعة -غير المختمرة- على رسالة ما، أو موضوع ما، أو فيلمٍ ما، أو مادة إلكترونية ما، كيف تتباين في درجات الرفض والتأييد، ففي حين تتزايد علامات الإعجاب(Like)، يندر التأمّل في الرسائل المرسلة وقراءتها قراءة متمعنة، والنظر إلى أبعادها وآثارها وخلفياتها.. الانطباعات الأولى في وسائل التواصل كثيراً ما تكون هي الأخيرة، علماً أنّ ردّ الفعل المتسرّع يكلّف غالياً، على خلاف الردّ المتمهّل والمتعقّل، ألا ترى أنّ استجابات الكثير من الشبان غير المتأنية لرسائل المتطرفين هي التي أعطت للتطرّف هذه المساحة المرعبة المتمددة على خارطة حياتنا وبلداننا؟!

🔷2- التوحّد (العزلة المختارة):

يصطلح علماء النفس على التوحّد بـ(اضطراب الذاتوية) وهو إعاقة متعلقة بالنموّ السلوكي. فلقد لاحظ الأطباء النفسانيون أنّ المتوحّد يتميَّز بخلل في التعامل الاجتماعي، وبخلل في التواصل والنشاط التخيلي، وبقلة ملحوظة في نشاطاته واهتماماته، إضافة إلى سلوكه المتكرر آلياً، الأمر الذي يؤثر على النموّ الطبيعي للمخ في مجال الحياة الاجتماعية، ومسارات التواصل مع الآخرين، حيث عادة ما يواجه الأشخاص المصابون بالتوحّد صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي، والتعامل الاجتماعي، وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية. ومن أعراض التوحّد -وهو مرض اجتماعي نفسي- إنّ لغة المتوحّد إمّا أن لا تتطور بتاتاً، أو تتطور ببطء، وأنّه لا يسلّم على أحد ولا يستمتع بوجود الآخرين، ولا يشاركهم اهتماماتهم، ولا يحب أن يشاركوه عالمه الخاص به، ولا يستطيع أن يعرف مشاعر الآخرين (يفقد حساسية التقاط تلك المشاعر) ولذلك لا يتعامل معها بصورة صحيحة، أي إنّه لا يتفاعل مع المواقف العاطفية بصورة طبيعية، ويميل إلى استجابة غير معتادة للأحاسيس الجسدية، وتنتابه نوبات من السلوك غير السويّ كأن يضرب رأسه بالحائط، ولا يحب التغيير في ملابسه أو أنواع أكله أو طريقة تنظيم غرفته، وقد يخاف من موضوعات غير مؤذية، ولا يخاف من مخاطر حقيقية.

 وسائل التواصل الاجتماعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن