الغرفة ٣٠٣ (الجزء_١ )

124 4 3
                                    


كانت أناملها تتحرك بمهارة شديدة صعودا ونزولا بينما تسترق النظر كلما نزلت لأسفل .. تدرك تماما أين تضغط وأين تسحب كأنها فعلتها ألف مرة قبل ذلك .. تنتقل أناملها برشاقة من موضع لأخر كأنها تعزف مقطوعة موسيقية
أنهت عملها بسرعة وقد عاد كل شئ كما كان .. شكرتها وناولتها بعض البقيشيش .. إنصرفت وأغلقت الباب
كانت تلك الليلة الأولي في الغرفة ٣٠٣ بذلك الفندق علي شاطئ الحمراء بجدة .. كل شئ يبدو طبيعياً بإستثناء تلك القطة السوداء التي رأيتها في الطرقة الطويلة بالدور الثالث .. اقشعر جسدي عندما نظرت إليّ عينيها .. دائما أشعر بعدم الإرتياح كلما نظرت لأعين القطط .. أشعر أنها أتت من عالم أخر .. ربما يمتلكها أحد النزلاء وقام بتسريبها ليستمتع بليلته .. لا أدري لماذا يصطحب الناس تلك القطط إليّ مضاجعهم الخاصة .. ولماذا يسمحون لها أن تشاهدهم في أوضاعهم الحميمية .. كنت قد إنتهيت للتو من تناول عشائي .. إتجهت لحقيبة سفري لأرتب ملابسي داخل الدولاب قبل أن أخدع للنوم .. عندما فتحت الدولاب وجدت حقيبة اخري من الجلد مفتوحة وتبدو منها قلادة كتلك التي رأيت رجل قبيلة المسايا يرتديها في كينيا .. بها الكثير من الألوان وفِي المنتصف سن ناب فيل وحوله أنياب حيوانات مفترسه أخري أقل حجما .. دفعني فضولي لأستكشف محتويات الشنطة وما أن إقتربت من حافتها حتي وجدت داخلها جمجمة بشرية .. شعرت برعشة تسري في أوصالي وقد تصلبت أطرافي لثواني فقدت فيها القدرة علي الحركة .. كانت روحي تحاول أن تخرج من جسدي لكن دون جدوي .. إتصلت بإستقبال الفندق فأرسلوا أحد الموظفين لإستكشاف الأمر .. قال أنه ربما نسيها النزيل السابق بالغرفة .. حمل الحقيبة وهمَ أن يغادر الغرفة فطلبت منه أن يستكشف الحمام فربما نسي النزيل جثه مشوهة الوجه في البانيو غارقة في دمائها! .. عظيم!! .. أنا فقط بحاجة للإستحمام بماء دافئ وسيكون كل شئ علي ما يرام .. أنهيت حمامي وعندما هممت بفتح باب الحمام لم يفتح .. يبدو أن القفل قد علق من الخارج .. حاولت عدة مرات لكن دون جدوي .. قلت لنفسي كل ما ينقصني الآن هو إنقطاع التيار الكهربي بينما أنا حبيس الحمام وتكون قد إكتملت كل ملامح الليلة السوداء حرفيا .. إتصلت بالاستقبال مرة اخري بإستخدام تليفون الحمام فأرسلوا عامل فلبيني من خدمة الغرف لفتح الباب .. كانت تلك هي المرة الأولي التي أدرك فيها لماذا تضع الفنادق تليفونا في الحمام .. هممت أن أطلب من الفلبيني أن يبيت ليلته معي في الغرفة لولا أني خشيت أن يسئ فهمي .. دسست جسدي النحيل تحت اللحاف بعدما أطفأت التكييف والأنوار ماعدا أباجورة قريبة من المكتب وغصت في تفكير عميق .. غرف الفنادق هذه قد سكنها الكثير من البشر قبلي ..المخدة تلك قد نام عليها كثيرون بل ربما إستخدمها أخرون في أغراض أخري .. ترحل الأجساد عن الأماكن ولكن تبقي أجزاء من أرواحهم تسكنها .. ربما يفسر ذلك حنينا لبيوتنا التي ولدنا فيها.. ففيها روح طفولتنا .. بينما أنا أفكر إنزلق باب الدولاب مفتوحا .. تمسكت بأطراف اللحاف وغصت داخله أكثر .. أغمضت عيني فأنا لن أبرح مكاني هذا حتي الصباح
#كتاباتي

سر الغرفة ٣٠٣حيث تعيش القصص. اكتشف الآن