بداية جديدة

18.2K 458 19
                                    

تتسابق اقدامها لتصل بسرعة ضنا" منها انها قد تأخرت عن المقابلة، خصلات شعرها الداكنه تتطاير خلفها واشعة الشمس تشرق على وجهها لتبرز بياضها وبريق عينيها
وقفت امام ذلك الباب الحديدي الكبير
وضعت اصبعها النحيل على مكان الجرس وضغطته ليصدر صوته  في الداخل
فتح الباب وابتسم قائلا"
-اينجل هيلتون؟
ابتسمت له بالمقابل وقالت
-روبرت سميث؟
مد يده وصافحها
-نعم تفضلي بالدخول
اشار بيده لتدخل وتقول
-اعتذر لأني تاخرت
عقد حاجبيه وهو ينظر لها
-لم تتأخري سوى اربع دقائق لابأس بهذا
سار امامها لتتبعه داعبت انفها رائحة الازهار المنتشرة في كل مكان بقيت تنظر حولها بأعجاب لأشكال الازهار والوانها المختلفة
اشار على الكرسي الموضوع امام طاولة صغيرة فجلست وجلس امامها
شبكت يديها على الطاولة وقالت بحماس واضح
-اذن هل قبلتني للعمل؟
رفع حاجبه وقال
-اجل قبلتكِ لكن هناك شيء يثير دهشتي حولكِ
رفعت حاجبيها وقالت بتساؤل
-وماهو
-لقد قرأت سيرتكِ الذاتية التي ارسلتيها على البريد لقد تخرجتي  قبل سنتين من كلية الاداب ثم قبلوكِ للعمل في شركه اعلانات ثم عملتي كمدرسة في الثانوية والان تنوين العمل في متجر للازهار ! أليس الامر غريبا" برئيكِ كونكِ تعملين في مجالات غير مترابطة!
ضحكت بخفه وقالت
-في الواقع انا لاالومك  فأنا احيانا استغرب مما تعطيه الحياة من مفاجئات متناقضة، بالنسبة لعملي في الشركه كان جدي يعمل بها ولم يرغب بأن اعمل في مكان بعيد عنه فتكلم مع مدير الشركه ولااعرف كيف قبل بأن اكون مساعدته رغم أني لااملك الخبرة الكافية للعمل في هذا المجال لكني استقلت قبل ان اعمل لأسباب شخصية اما عملي في متجرك فأنا تركت وظيفة التدريس قبل اسبوع لأنه يرهقني
ولااشعر بالانتماء اليه فقررت ان ابحث عن عمل بسيط وضهر امامي الاعلان الذي وضعته في الفيسبوك حول انك تحتاج لشخص يرعى الازهار في متجرك
ابتسم وقال
-يبدو ان حياتكِ مثيرة للأهتمام
وضعت شعرها خلف اذنيها وقالت
-اجل انها كذلك
نهض من مكانه وقال
-تعالي معي لأخبرك بطبيعة عملكِ
نهضت واتبعته
-ستأتين كل يوم في الساعة السابعة صباحا"  لتعتنين بالازهار وبوسعك المغادرة ما ان تنتهي لكنكِ ستعودين مساء" ايضا" لتفقدهم والاعتناء بهم وسأمنحك يوم الجمعة اجازة
-يناسبني متى سأبدأ؟
-متى مااردتي
-هل الاحد مناسب؟
-مناسب
مدت يدها وصافحته
-نلتقي الاحد
خرجت من المتجر وسارت في الشوارع والابتسامه تشق ثغرها ف هاهي عثرت على عمل جديد ولطيف قرب منزلها وتعيش في مدينه جميلة أناسها لطفاء حياة جديدة بعيدة عن كل المشاكل والضغوطات النفسية التي كانت تتعرض لها  هي تظن الان ان حياتها مثالية والسلام يعم داخلها لكن مالاتدركه بعد هي ان لحظات السعادة التي تعيشها الان ماهي الا لحظات مؤقته ستتلاشى بعد ايام او ربما لحظات وقفت امام بائع المثلجات وابتاعت واحدة جلست على احدى المصطبات وتناولتها بهدوء وكانت تغمض عينيها كلما
لفحتها نسمات صيفية دافئه لم تكن ترى او حتى تشعر بتلك النظرات الموجهة اليها
فهو لايزال يراقبها ويرافقها كظلها
حتى الظلال من الممكن ان تتخلى عنها في الظلام لكن هو لم ولن يتخلى عنها مطلقا" يقف بعيدا عنها يراقبها ويحدق اليها لدقائق او حتى لساعات دون ملل او تعب وكأنه يحدق الى لوحه انتهى فنانه المفضل من رسمها للتو، يحفظ ادق واتفه تفاصيلها ،يعرف كل ماتهواه وكل ماتكرهه
يعرف عنها اشياء قد تكون هي بنفسها تجهللها نهضت من مكانها واكملت سيرها نحو منزلها سار خلفها وكان هذه المرة اقرب بكثير من المرات السابقة لدرجة ان خصلات شعرها المتطايرة خلفها داعبت انفه تباطئت حركتها عندما شعرت ان صوت طرقات الحذاء على الارضية خلفها يبدو مألوفا" استدارت لتنظر خلفها
فرأت العديد من الاشخاص يمشون خلفها وهذا الصوت المألوف اختفى!
عقدت حاجبيها بشك واكملت سيرها
لو انها تراجعت خطوتين للوراء وقتها كانت لتراه وهو يختبئ في احد الازقة، لكنه القدر قرر ان تكون لحظة لقائهما في وقت اخر ...
رمت جسدها النحيل على الاريكه والتقطت هاتفها لتتصل بصديقتيها
مكالمه جماعية،اجابتها سمانثا فورا لكن روز لم ترد على الهاتف فقالت بملل
-متى ستأتيان بحق الله؟
-سننطلق بعد الضهيرة ونكون عندكِ مساء" ف ميامي ليست بعيدة
تنهدت بأرتياح وقالت
-لما لم ترد هذه الغبية على الاتصال
-لابد انها اخذت ابنها الى المدرسة
استقامت في جلستها وقالت
-هل هي بخير بعد الانفصال؟
زفرت سام بانزعاج وقالت
-بالطبع ليست بخير هي بحالة مزرية وضعها يثير اشمئزازي
وضعت اينجل كف يدها على خدها وقالت بقلةحيلة
-سنحاول ان نقف معها ونساندها لايجب ان ندعها تضعف
-ارجو هذا
فقالت اينجل وهي تتجه للحمام
-يجب ان اغلق سأذهب لأستحم
-حسنا نلتقي مساء"
انهت الاتصال ودخلت للحمام ملئت حوض البانيو ودخلت فيه بقيت لساعة ثم خرجت وجففت نفسها وقفت امام المرآة وازاحت عنها البخار جففت شعرها امام المرآة لكنها لبرهة شعرت ان هناك شخص يحدق اليها عبر المرآة وهذه ليست بالمرة الاولى التي ينتابها شعور كهذا
فهناك لغزا محيرا في هذه المرآة وكأنها بوابه لغرفة سرية يراقبها احدهم من خلالها!  ابتسمت على افكارها الخيالية
ورفضت هذه الفكرة المجنونه
نظرت الى الساعة الجدارية ولايزال هناك الكثير من الوقت حتى قدوم صديقتيها فقررت ان تشاهد التلفاز وبينما كانت تشاهد فلما معروضا على شاشة التلفاز انسدلت جفونها وغطت بنوم عميق
ثم استيقضت على صوت طرقات على الباب انتفضت من مكانها ونظرت للساعة التي كانت تشير لل5 مساء"دعكت عينيها
ونهضت لتفتح الباب فقفزت عليها صديقتيها معانقتان اياها
ابتسمت بسعادة وبادلتهما العناق
-وااو منزلكِ رائع يافتاة
قالت سام بعد ان فصلت العناق واخذت تجول في المنزل
ضحكت اينجل ثم سكتت ما ان نظرت الى ملامح روز الذابلة وضعت ذراعها على كتف روز وقالت
-كفاكِ عبوسا" هو لايستحقكِ
ابتسمت بذبول وقالت بنبرة يشوبها الحزن
-ارجوكِ لااريد ان نتحدث عنه في هذين اليومين فقط لنستمتع معا"
اومئت لها اينجل ليدخلا غرفة المعيشة
جلسن على الاريكه وطلبن البيتزا وبقين يثرثرن عن كل ماحصل معهن في الفترة الاخيرة ..فقالت سام وهي ترمق اينجل بشك
-اينجل هل مازال يلاحقكِ؟
فهمت اينجل مقصدها لكنها ادعت الغباء وقالت
-من تقصدين؟
رمت روز سمانثا بالوسادة ورمقتها بغيظ
-اصمتي واللعنه
فقالت سام 
-جيمي؟
ارتجف قلبها عندما سمعت هذا الاسم
وتوترت فقالت وهي تحاول البقاء ثابته قدر الامكان
-لا لكن لما سئلتي هذا السؤال في هذا الوقت بالذات فنحن نلتقي كل شهر ولم يسبق وأن سئلتني عنه؟
ابتسمت سام ونظرت للكتاب الذي بيدها
-مجرد فضول
قالت روز بحدة
-اقرئي كتابكِ واكرمينا بصمتكِ
نظرت لها سام بغير اكتراث وعادت تنظر للكتاب
تناسيت اينجل الموضوع وفتحت موضوعا اخر مع الفتيات فهي لاترغب حتى بالتفكير به لأنه يتعب اعصابها ويوترها
هي لاتنكر انها تشعر به وبوجوده قربها احيانا" لكنها غير متأكدة من ذلك
وتقنع نفسها انها مجرد اوهام وانه غير موجود حتى وأن لم يكن كذلك.....
مر يومان فعلت خلاله اينجل الكثير من الاشياء مع الفتيات وتجولن بكل مكان في المدينه وقررن ان يذهبن لحضور حفلة صاخبة في أخر يوم لهما
ارتدين الفساتين ووضعن الميك اب
وذهبن للحفلة رقصن واستمعتن
وشربت اينجل حتى ثملت
قالت روز وهي تسحب الكأس من يد اينجل
-هذا يكفي لقد شربتي كثيرا
امسكت اينجل بالكأس وسحبته قائلة بغضب
-دعيني استمتع لاتفسدين مزاجي
تنهدت روز بيأس وقالت بينما تنظر لسام
-يجب ان نعود
اومئت سام بتفهم وقالت
-اينجل نحن علينا العودة للمدينه لانستطيع البقاء اكثر  سنأخذكِ للمنزل وبعدها سنعود
عانقتهما اينجل وقالت
-لالا ابقيا يوم اخر ارجوكما
ربتت روز على ضهرها وهي تقول
-ليتنا نستطيع  هذا لكني لااستطيع ترك ابني ليوم اخر كما ان سام اخذت اجازة من عملها ليومين فقط وان لم تذهب غدا سيتم طردها
عبست اينجل بطفوليه وابتعدت عنهما
وهي تترنح بمشيتها
-حسنا اعيداني للمنزل
اوقفت سام سيارة اجرة واخبرته بعنوان بيت اينجل وصعدا معها وعندما وصل للمكان عانقتهما اينجل وقالت
-نلتقي الشهر القادم
ترجلت من السيارة ولوحت لهما وانطلقت السيارة مبتعدة، وضعت المفاتيح بصعوبه في القفل فكانت رؤيتها مشوشه
دخلت للمنزل ورمت بجسدها على الاريكه
دون ان تكلف نفسها حتى بخلع حذائها
فكانت تشعر بصداع ورغبة  بالنوم...
فتحت عينيها على اشعة الشمس التي تنير غرفتها عادت لتغلقهما لأنها لم تكتفي من النوم بعد تحسست قماش السرير الذي كان ناعما" عقدت حاجبيها وهي تتذكر انها نامت على الاريكه ذات القماش السميك وليس السرير!  رغم انها كانت ثملة لكنها لم تثمل كثيرا لدرجة ان تنسى  ماحصل ليلة امس فكان لديها الوعي الكافي لتتذكر ماحصل فتحت عينيها بفزع واستقامت في جلستها نظرت الى ملابسها حيث كانت ترتدي بيجامتها المفضلة
وضعت يدها على شعرها وكان ناعما كأنها قامت بتسريحه للتو نهضت بسرعة ووقفت امام المرآة تنظر لوجهها الذي كان خاليا من الميك اب كيف هذا وهي نامت قبل ان تقوم بأزالته او حتى تغير ملابسها
وضعت يدها على راسها وهي تشعر بالحيرة والخوف سؤال واحد تسلل الى ذهنها وكانت تعرف اجابته جيدا"
-من فعل هذا؟
لكنها سرعان مااجابت عقلها باجابه زائفة لم يقتنع بها
-سامانثا و روزي لابد انهما اشفقتا علي ولم يتركاني بهذا الوضع
ابتسمت بسذاجة وهي تقول بصوت مرتفع
-سمانثا وروز من غيرهما قد يفعل لي شيئا" كهذا؟
اتجهت للمطبخ فتسمرت في مكانها ما أن رأت اطباق طعام موضوعة على المائدة
ويبدو وكأنه تم تحضيرها قبل ساعة او ربما اقل وجميع الاطعمه والمشروبات الموضوعة كانت من اكلاتها المفضلة
وقعت عينها على تلك القصاصةالصغيرة الموجودة قرب الطبق فأخذتها بأصابع مرتجفة اتسعت عيناها وهي تقرأ محتواها
-كنتِ مرهقة ليلة امس ففكرت بأنكِ لن تكوني قادرة على اعداد الفطور وستتأخرين عن العمل فقررت ان احضر لكِ بعض الاشياء البسيطة
حظا" طيبا" في أول يوم لكِ في العمل
يا ملاكي
ياله من عمل مشؤم ويوم مشؤم لتضهر به
افسدت شهيتي ليس للطعام فقط بل للحياة ايضا"
قالت بصوت مرتفع يشوبه الغضب والخوف معا" مزقت الرسالة ويديها لاتزال ترتجف جلست على الكرسي اسندت مرفقيها على الطاولة  ووضعت كلتا يديها على رأسها تفكر كيف ستنقذ نفسها مجددا" من هذا المريض فها هو قد عاد
كابوسها الحي قد عاد........






ملاكي (my angel)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن