كانت لينة وحيدة غائبة عنهم تسرح بعيدا في عالم الأخيلة الفاتن ذاك العالم للذي لا تقيده اصفاد ذلك العالم الأزرق بتدرجاته المختلفة التي تنعش النفس ....جلست بينهم و بعد فترة قصيرة من شرودها صمت الجميع و نظروا اليها دون ان تشعر
....لقد ... كانت تبتسم ...
ابتسم الجميع يناظرون بعضهم و تركوها في سعادتها العجيبة .
ترى ماذا كان سبب ابتسامتها يا ترى ؟
لا أحد يعلم ....لكن هناك شيء واحد معروف الآن ....بدأت لينة تتخلص من حزنها ...شيئا فشيئا ...لكن لابأس ...هذا القليل أحسن من لا شيء ....على الأقل هذه الفترة...هدوء ...لكن هذه المرة بعد العاصفة ....أهو كذلك؟أشرق وجه أمها حين رأت السعادة ترتسم في عيني الجد حمادة بينما تأففت رانيا في خفاء لذلك ....
بخفة و بينما كانوا يستعدون للقيام من الطاولة أسرعت رانيا وتأبطت ذراع لينة بمرح مشكوك فيه ...
_ ستأتين معي للمركز التجاري يا لينة سنجعل السائق يقلنا و ينتظرنا هناك مارأيك ؟
حاولت لينة التهرب لكنها لم تنجح فحتى والدتها تدخلت في تلك اللحظة تشجع الفكرة ...لقد كانت ستحصل كارثة ...لولا أن جواد سمع حديثهم صدفة ...
_ لا تبالغي يا رانيا ...الفتاة مريضة و تحتاج بعض الهدوء مارأيكن بزيارة حديقة أو متنزه في الهواء الطلق ...
ردت رانيا متجهمة الوجه تنظر لأخيها باستخفاف ...
_ متنزه ........هواء طلق .....حقا ؟ أتظننا عجائز أم ماذا؟
كان مستندا على الحائط أمام النافذة واضعا يديه في جيبه ينعكس قبس من نور الشمس ليضيىء جزءا من وجهه و يظلل الباقي ....
رفع يده بحركة عفوية و نظرته الواثقة زادت الشمس من بريقها ....
_ لينة لن تذهب الى المركز التجاري ابدا مادمت هنا .
لن تتمكن رانيا الا من الابتسام لشدة وسامة أخيها الأكبر و لأنه تغلب عليها فعلا ....
حسنا ....لكن لدي شرط ..
_ و ماهو؟
_ ستأخذنا بنفسك .
ضيق جواد عينيه بغموض لكنه قال بهدوء مع الحفاظ على ذاك التعبير ....أين تريدون الذهاب ؟
ممممم أطرقت رانيا تفكر ...الى أن تفاجئا بلينة التي نطقت حينها ....
_ تيكجدة
ماذا ؟ قالا بنفس الصوت ....
_ ماهذه التيكجدة ...قالت رانيا بتعال فأجابها جواد...
انها منطقة جبيلة رائعة يذهب اليها الناس من كل مكان في فصل الشتاء حين تكون مكان مثلجا سياحيا بامتياز رغم قلة الامكانيات الا أن جمال المنطقة يعطيك احساسا بأنك في عمق الطبيعة ....أما الآن فسيكون باردا فقط ...أردفت رانيا بصوت عالي حماسي.....آووو الطبيعة ..أحب الطبيعة جدا ...
_ كفي عن الادعاء رانيا كلنا نعلم أنك لا تحبين تلك المناطق النائية ....
اذا لما ستجرونني الى هناك ...أصلا لقد فوتت موعدي مع الكوافير اليوم و لا أريد أن أخسر المزيد ....نظر إليها جواد بتحذير ففهمت بسرعة و أغلقت فمها بعد هذا الخطأ....
لالا أقصدد سوف أذهب مع لينة حيث تشاء ....بالطبع لينة أليس كذلك ؟ هيا بنا نجهز أنفسنا ....لما اخترتي بالذات تيكجدة يا لينة ....
غادرت الفتاتان و صوت رانيا تثرثر وحدها في الرواق هو كل ما يمكن سماعه ....
أما جواد فقد بقي على نفس الوضعية يفكر بحيرة....
هل سأفعل ذلك حقا؟ ما كان يجب علي أن أوافق ....لقد اعميت برغبتي ان اساعد لينة ....مستحيل لن آخذ فتاتان الى الجبل في هذا الوقت ....واحداهما ابنة عمي ...ليست أختي و لا رخصة لي برفقتها .....
حمل جواد هاتفه و اتصل بأبيه الذي خرج منذ قليل ...أخبره برغبة لينة و سأله ان أمكن أن يأخذ الجميع ...ستكون رحلة عائلية لطيفة يستمتع الجميع بها ....فهذا الجو الأجمل من السنة لزيارة الجبال بالنسية الى جواد ....
نهاية الصيف ...بدأت الأجواء بارسال نسائمها المنعشة لتحيي الخريف و اكتست الجبال بزي الكآبة الجميلة ...ذلك الجو الشبه مغيم مع القليل من الأنوار الصغيرة التي تزيد اأشجار بهاء ...يمكنك أن تستمتع دون برد ولا حر و لا ضجيج ولا ازعاج آخر أيا كان نوعه ...انهى جواد مكالمته مع أبيه بعد ان أعطاه موافقته و ابتسم لنفسه من اختيار تلك الفتاة ....كان حقا يحب زيارة تيكجدة في هذا الوقت من كل عام .....
أنت تقرأ
أحلام طفولتنا
Romanceقد نمضي أحيانا في درب الدنيا متأكدين من مدى نضوجنا قد نستمر في تقوية أنفسنا بكلام كاذب ...أنا أكبر من أفعل ذلك ....أنا أعقل من أن أسقط في هذا الفخ ....أنا أقوى من أتعرض لذاك لكن ماذا ان لحدث لحياتنا ما يقلبها رأسا على عقب فجأة و انهار كل ما ظننا أن...