زجاج مُعتم يحيط بعيناها جاعِلاً أشعة الشمس تذهب خاسرة والعابرون جاهلون ما خلف هذا الزجاج من أعيُن.
خطواتها ثابتة ومُتقنة كإنسانٍ آلي دَبت بهِ الروح، وتستولى عليها بذلتها السوداء جاعلةً هالة من القوة تحوم حولها حتى يعرف البشر مع من يتعاملون. النظرات تُلقى عليها من حين لأخر و الهمسات تتعالى بجرأة من حولها.
صعدت السُلم متجاهلة المصعد بجانبه، دقائق قليلة و وصلت للدور الثاني عشر، إبتسمت إبتسامة باهتة للمساعد ليرتجف متذكرًا ما فعلته به من قبل حين حاول مغازلتها دون علمه بهويتها. تجاهل إبتسامتها المخيفة التي توحي إنها قاتلة متسللة لديها سابق مع مشفى أمراض عقلية، و إبتلع ما بجوفه متقدمًا بها إلى غرفة الإجتماعات.
——
الأسود والأبيض سيطر على الغرفة وما فيها، طاولة كبيرة ذات ثمانِ مقاعد تترأس الغرفة وجالسًا على إحدى مقاعدها من أتت لرؤيته.
تقدمتُ جالسة بالمقعد الثاني من الرُتب، ثم باشرت بالحديث. "أتيت لمعرفة كل ما تعرفونه، و إستلام المعدّات الخاصة." تنهد ذو الرُتبة الأولى ثم تحدث. "بالنسبة للمعلومات فستعرفيها تدريجيًا، هذا الفتى يفوق مستوى الذكاء البشري، فأحترسي، أما للمعدّات.." ضغط على زر بأسفل الطاولة لتنقسم لنصفين و يظهر جزءًا شاغر بالمنتصف به ما لذ وطيب من أجود أنواع الأدوات وأذكاها.
"أتعلم كم أحبك تشارل؟" إبتسامتها توسعت وهي تنظر للإسلحة بالرُكن الأيمن، هذه الأسلحة هي الأمكر، لا يستطيع أي أحد التمييز بينها وبين أي آداة يستخدمها الإنسان العادي في حياته اليومية، مثل القلمٌ ذو السكين الحاد!
يداها تقدمت للإمساك بما تحول إنتباهها له، فرشاة التبرج. "لما هذه؟ تعلم إنِ لا أحب هذا النوع من الأساليب.." قاطعها شارحًا الجزء الغامض لتلك الفرشاة. "تحتوي على مادة خانقة، إذا ضغطتِ عليها مرتين ستتعرف على بصماتك وستطلق غاز خانق سيموت اول من يستنشقه بأقل من ثانيتان، ولحسن الحظ، حاملها لن يؤثر به الغاز نظرًا للمادة التي تُفرزها أثناء حملكِ لها." إبتسامتها توسعت.
"كم أحب هذا العمل!"
——
إنتهت من معرفة بقية الأسلحة والأدوات ثم تحركت لخارج مكتب تشارل، "ڤيكسن." خطواتها توقفت منتبهة لما سيقول دون الإلتفات. "لديكِ شريك، آدم جوزيف، تسعة عشر عامًا، من معجبينك، وهو من أكفأ المتدربين، هو من مسؤوليتك الأن، تحملي مهمة تدريبه في تلك المُهمة." كادّت تتذمر لو لا علمها بما سيقوله. 'عملنا لا يحتوي التذمر، ڤيكسن.'
-
أوقفت سيارتها على بُعد كافي من الجامعة ثم حملت حقيبتها و بطاقة تعريفها المُزيفة وتقدمت بثقة للداخل. ضفيرتين من جانبيها، نظارة طبية، تقويم أسنان، ملابس طفولية، هذا ما تحتويه شخصيتها الحالية.
"ڤيكس.. ڤيرونيكا! مرحبًا!" صاح فتى من خلفها ثم بدل حديثه بتوتر وهو يلوح بيداه الأثنان. "آدم جوزيف." همس بأُذنها عندما إقترب منها. تفحصت هيأته، شعر بُني ذا خصلات شمسية، وجه يتميز بين الأشخاص بسمرته، عينان خضراء معتمة، لحية خفيفة، قميص مُترز، وإبتسامة بلهاء.
"رائع." سخرت بإستهزاء داخلها وهي تَسُب رئيسها تشارل. "من أين علمت إنها أنا؟" سألت وهي تضع إبتسامة مزيفة على وجهها حتى لا تظهر غضبها. "الرئيس تشارلز بعث لي معلومات بشخصيتك في هذه المهمة، صراحةً لم أتوقع منكِ تلك الشخصية.." قاطعته ناقرة على رأسه. " جونغكوك فتى خارق الذكاء كما قال تشارل، لذا هو بالتأكيد دودة كتب غبية ذو نظارات طبية مكعبة وحبوب حمقاء وشعر اشعث، وحتى أتقرب منه يجب عليّ أن أكون مثله." أومأ آدم ثم سأل بإستنكار مستوعبًا ما يدور برأسه. "ألم يعطيكِ الرئيس صورة له؟" نفت ثم أكملت. "أحب معرفة مُهماتي بنفسي."
"لكن.." لم يستطع الإكمال بسبب تجاهلها التام له و تحركها لمكانٍ بعيد عنه، مُمثلة دور الفتاة الحمقاء بمهارة، لذا جميع من حولها نظر لها بسخرية واشمئزاز، وهذا ما تريده.
سمعت الهمسات من الفتيات و بعض الدردشات التي شدت إنتباهها شيء واحد فقط منها، الإسم المستعار لجونغكوك، نوڤا.
إلتفتت حيث الهمسات لتحوّل نظرها لذالك الشخص الذي تتهامس الفتيات حوله، وللأسف لقد كان جونغكوك. ملامح آسيوية مؤكدة، شعر أسود أملس، وجه متناسق، بشرة ناصعة لا يوجد بها أي عيب، عينان حالكة السواد، وجه حاد، و جسد رياضي مثالي.