الحياة بفلك زجاجي 2

16 2 0
                                    



هى الحياة الزجاجية التى صنعناها وسجنا داخلها أنفسنا بمحض إرادتنا وأخذ كل واحد منا يبنى حوله بيتًا زجاجيًا، سجنا مُحكمًا، بل مدارًا كاملا مترامى الأبعاد يدور فيه حول نفسه، أحاطه بالتدابير الواقية متوهمًا بهذا حمايته من حرية الآخرين، متوهمًا الحفاظ على حريته متوهمًا أنها الحرية فى أسمى معانيها، بل مُطمئناً بأنه سيظل بأمان طالما هو داخل فلكه الخاص .. لا يعى .. لا يُدرك ..لا يشعر بمن حوله! ويفعل ما يحلو له .. يضحك على هذا .. ويسخر من ذاك .. من خلف أسواره الزجاجية .. شاكرًا عقله ونفسه على توفير الحياة المثالية له وحده وسط أولئك الغوغاء!. لذا صار الحوار المُشترك بين أى طرفين "تهديدا" لفلك حياة كليهما وتدميرًا لأوهامهما، فالحوار صار صـــدامًا وشـقـاقًا وتـصـدعًا وطردًا من فلكه بلا عودة.

وهكذا أصبح كل منهم يسير فى فلكه الزجاجى الخاص به غير مُكترث بما يجرى حوله بل غير مُلتفت البتة لأى شىء، بل صار شغله الشاغل ليل نهار تحصين أنايته المتمثلة فى فلكه الزجاجى بالمزيد من التدابير الأمنية فبات اللون أسود حتى لا يرى، غليظاً حتى لا يسمع وذا أسوار عالية حتى لا يشعر أو يستشعر ما جرى من حوله!.

الحياة بفلك زجاجيWhere stories live. Discover now