(١) خير قدوة (القسم الأول)

195 1 0
                                    







لم أمر بهذه التجربة التي وددت القيام بها ومن الممكن أن أخوضها في المستقبل، لطالما كان عندي الفضول بكيفيتها وكنت دائماً أريد معرفة ما يواجه الشباب والبنات وهم يؤدون هذه الخدمة. لربما علمت بعض التفاصيل التي حدثت والقصص والمواقف التي مروا بها ولكنّي أُيقن أن هناك متعةٌ أخرى في خوضِها، وحصولي على فرصة كهذه لمهاراتً لم تسبق لي ممارستها فرصةٌ لا تُعوض. وأهم ما في الأمر المسؤولية التي يشعر بها كل شاب وفتاة خاضوا هذه التجربة بعد الانتهاء منها.





استيقظ في تمام الساعة التاسعة صباحاً، يوم الأحد، اليوم الذي ينتظره منذ أن تخرج من الثانويةِ العامة. الحماس يملؤه، فهو ذاهبٌ أخيراً لتلبية نداءِ الوطن، مستعدٌ لتقديم خدمته الوطنية التي لم يعتبرها سُنةً بل فرضاً عليه كمواطن أن يخدم بلده، ليس إجباراً وإن كانت فرضاً، بل حباً، وذلك استناداً لقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: "حماية بلادنا مب سنة الدفاع عنها أبد، حماية بلادنا فرض الدفاع عنها!"

بدأ يستعد زايد بكل حماس ونشاط وحيوية، لبسَ ملابسه اليومية فهو لم يستلم بعد عدته التي يحتاجها هناك، ومن ثم ذهب للجلوس مع عائلته قبل توديعه لهم حتى يحين وقت صلاة الظهر. بعد أداء الصلاة طلب من أخيه أن يصطحبه لمكان تنفيذ خدمته. قُبيل الذهاب، وفي حين توديعه لوالدته أوصاها ألا تبكي أبداً بل أن تفتخر دائماً بأن فلذةَ كبدها ذاهبٌ لتأديةِ فرضه لبلاده الحبيبة، ولكن يأبى قلبُ الأم أن يتحمل فراق صغيرها الذي مهما كبر وأصبح رجلاً يبقى صغيراً في عينها.

الدموع تنهمر وصوت البكاءِ يختلط بحديثها موصيةً إياه أن ينتبه لنفسه كثيراً، ولكن تلك كانت دموعُ فرحٍ أكثر من دموع حزن، فهي قبل أن تحزن على فراق ابنها كانت فخورة لكونه جزء من الشباب المخلصين لوطنهم. قبل أن يعتب عتبة الباب نادته أمه والتفت إليها وقالت له:

"يا بني زايد، تذكر قول المغفورِ له الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله: "إن الدفاع عن الاتحاد فرض مقدس على كل مواطن. وأداء الخدمة العسكرية شرف.""

كانت هذه العبارة كافية لجعله فخوراً بنفسه قبل أن يبدأ، فما بالك إن كان والدنا زايد يوصي بالدفاع عن البلاد ويعتبره أمراً مقدس.

أسمته والدته زايد على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من شدةِ حبها لشخصية هذا الإنسان وصفاته وقيمه وأخلاقه. وضعت اسمه آمله أن يكون ابنها مثل هذا القائد الذي أحبه الملايين من الناس لأسبابٍ بسيطة منها فعل الخير، وبالفعل لم يخب ظنها فكان في نظرها ابنها زايد نسخةً مصغرة من زايد الأب وذلك بسبب زرع قيمه وأعماله وكثرة الحديث عنه في عقل ابنها وأبنائها الآخرين منذ الصغر.

نداء الوطنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن