منعطف الطريق

234 20 36
                                    


إن كنت تظن أنك سيء الحظ، وأن حياتك لا تسير بالمنحى الذي ترغب به أن تكون، كشخصٍ لم يرتقي لتوقعات ذويه الآخرين يخالفكم الرأي، وأعني بحديثي هذا بطل روايتنا والملقب بجاذب النحس " ويل " والذي قال في إحدى المرات لمدرسته ردا منه على انتقادها اللاذع له ولطريقة تعامله مع مشاكله:

"عدم نجاحي في دراستي لا يعني نهاية الحياة، وعدم ظِفْرِي بمنصب العمل الذي يحلم به أغلب الأطفال منذ الصغر كذلك ليس بالأمر الجلل، والأمر سيان فيما يخص علاقتي بالآخرين، ففشلي في علاقة حب وتقشع غيوم أحلامي الوردية قد يجعلني ذو بصيرة وذو تفكير في المستقبل القريب، أنني عرضة للأن تتركني زوجتي إن أصبحت عاطلا كما أنا الآن، وقد يرميني أطفالي في دور العجزة إن حصل وقمت بعمل لم يعجبهم، وقد يخدعني الصديق ويتحصل على مالي، وعلى زوجتي بعد أن تطلقني.

أتعنين أنني شخص منعزل؟ نعم أنا كذلك فكيف لي أن أشكل ما تدعونه علاقات صداقة وحب وأفكر باحتضان تلك الجالسة في أول مقعد من الصف وأكذب عليها وأوهمها أنني أحبها وأنا في حقيقة الأمر لا أبتغي منها سوى أن تكف عن النظر لي بتلك النظرات المشبوهة".

تاركًا بذلك معلمته مصدومة من عدم مبالاته حتى لشعور أشخاص لا ذنب لهم في ذلك الحوار؛ انصرفت من الفصل محمرة الوجه تاركة تلك الطالبة التي أشار لها ويل تبكي، وبينما هي مسرعة للخروج من الصف، صاح ويل قائلا: " فقط لو أنك ترين فظاعة ما قمت بفعله الآن، وكيف أنك تجاهلت مراعاة مشاعر أحد طلبتك، كيف لك أن تكون قاسية هكذا؟ "، رجعت تلك المعلمة لتهدئ الطالبة، فصاح ويل مرة أخرى: " أنا لا أقصدها!! بل أتحدث عن نفسي، لقد أخرجتني من صفوتي، وراحتي، اعتذري حالا ".

صحيح قد يتراءى لأي شخص يسمع تلك الكلمات أن صاحبها ذو فلسفة عميقة في الحياة، بل له نظرة تتعدى نظرة دوستويفسكي، فقد تجاوز كل الحدود؛ لكن في حقيقة الأمر ويل ليس كذلك، فهو ذلك الشاب الكسول الذي يتهرب من ضربات الحياة المتتالية المشابهة تماما للكمات أعتى الملاكمين، والتي تكفي لأن تسقط أشدنا بأسا وأقوانا تحملا، هذا الشاب ينظر للحياة كنظرة عجوز نكد همه الوحيد إطفاء الأضواء تجنبا لفاتورة الكهرباء التي لن تنقص من ماله سوى القليل.

فكلماته لأستاذته نزعت عنه عباءة الشخص الشديد، ونظارة الرجل المفكر والذي لا يحب أن يعكر مزاجه أحد ما، فوجد نفسه أمام مجلس لا يهمه رأيه، نعم وجد نفسه يمثل امام مجلس التأديب الذي وافقت أغلبيته الساحقة على طرد ويل.

منتظرين بالطبع ردة فعل هذا الأخير ومحاولاته لعدم طرده، لكنه صعقهم مرة أخرى، فقد هم للخروج من القاعة، وعندما سأله أعضاء المجلس: " ألن تترجانا بأن نخفف عقوبتك؟ "، كانت إجابته سريعة جدا: " للأسف لا فأنا لا أهتم، وسأعيد ما قلته سابقا ليست بنهاية حياتي "

لقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن