الجزء الرابع

13.5K 243 12
                                    

الشيطان العاشق
الجزء الرابع
فى غرفة جميلة.
جميلة تجلس على سريرها وهى تبكى منذ أن تلقت مهاتفة يوسف التى أخبرها فيها بعدم أستطاعته العودة لعدة أيام بسبب رحلة عمل مفاجئة، ونظرا للاصوات الماجنة التى كانت تسمعها حوله أثناء المكالمة أستطاعت أستنتاج
نوع العمل الذى سيسافر من أجله، ومع ذلك رفض أقتراحها بأن تقضى أيام سفره لدى والدتها، متحججا بأنه ليس من الأصول أن تذهب بدونه الى البيت الذى تسكنه أسرة خطيبها الأول، شهقت مذعورة حين شعرت بظل يسقط عليها لترفع رأسها بفزع لتجد مازن يقف بجوار سريرها ينظر اليها بشغف قائلا: أنا مش قلت لك أن دموعك غالية متنزلش على رخيص.
أنتزعها صوته من صدمتها لتقول بصوت مرتجف: أنت دخلت هنا ازاي.
ـ ليهمس بصوت كالفحيح: حد برضه يسأل الشيطان دخلت ازاى [بانبهار] هو أنت صحيح حلوة كده ازاى.
لتنتبه بفزع لهيئتها أمامه فقد كانت ترتدى بما يسمى بالهوت شورت جينيس وبدى أحمر بحمالات رفيعه وكان شعرها الطويل مسترسلا على ظهرها، فهبت فزعة تنتزع شرشف الفراش تستر به جسدها كله.
ـ ليقول ضاحكا: بتغطى أيه ياقمر ما أنا شفت خلاص.
تحاول التظاهر بالشجاعه وهى تقول: أتفضل أطلع بره، أحسن أصوت والم عليك الناس.
ـ مازن ضاحكا: يا جامد [بغمزة ايحائية] جامدة قوى، بس هو أنت متعرفيش أن يوسف عامل الشقة كلها عازلة للصوت عشان الخصوصية.
ـ جميلة بصوت مرتجف: أنت عايز أيه.
مازن بعيون تتأملها وكأنها تخترق الشرشف: ولاحاجة بس لقيت أن فى السهرة بتبقى الدنيا دوشة ومش بنعرف نتكلم وخصوصا وأنت مبتخرجيش من الأوضة، قلت أجى على رواقة ونتعرف براحتنا وأعرف اجابة السؤال اللى مردتيش عليه.
ـ جميلة بحدة: أنت بتستظرف، بتتسحب زى الحرامية، وتتهجم على بيتى من غير استئذان، عشان نتكلم ونتعرف
مازن بخبث وهو يقترب خطوة فيزيد انكماشها على نفسها ويزداد تمسكها بالشرشف: أنا متسحبتش أنت اللى محستيش عشان بتعيطى [بوقاحة] وأنا أتهجمت عليكى ولا دى دعوة مستترة.
ـ جميلة بصدمة: أيه.
ـ مازن بغمز: زعلتى عشان فهمتك علطول.
ـ جميلة بحدة: أنت أكيد مش طبيعي.
مازن بشرود وهو يقترب خطوة: حد يشوف الجمال ده كله ويفضل طبيعى.
ـ جميلة بشجاعة زائفة: خليك مكانك.
ـ مازن منتبها من شروده: ولو قربت هتعملى أيه، متخافيش، قلت لك جاى أتكلم ونتعرف وبس، وهامشى، بشرط.
ـ جميلة بحيرة: شرط.
ـ مازن: تسمعينى للأخر، وتردى على ونتناقش، وتجاوبينى على السؤال وبعدها هامشى علطول.
ـ جميلة بحدة: مناقشة أيه وأنا على السرير وبالمنظر ده
ـ مازن بهدوء: نخرج نقعد بره، ومالك كده ده أنا شايف عنيكى بالعافيه.
ـ جميلة: هاتمشى علطول، وعد.
ـ مازن: وعد.
لم تجد جميلة مفر من مجاراته حتى تجد وسيلة للفرار من حصاره، جلس هو على مقعده المعتاد فجلست هى على أبعد مقعد ممكن.
ـ مازن بهدوء: مرتاحة كده.
ـ جميلة بحدة: أكيد لا، أيه وجه الراحة وأنت مقعدنى نتكلم بالتهديد وأنا ملفوفة بملاية زى اللى عاملة نصيبة.
ـ مازن بنظرة وقحة: لو مضايقكى فكيها.
ـ جميلة بنفاذ صبر: عايز أيه.
ـ مازن بهدوء: تجاوبى على السؤال اللى مردتيش عليه.
ـ جميلة: ممكن أعرف أيه هو السؤال عشان مش فاكرة أنك سألتنى عن حاجة.
ـ مازن: تفتكري لو كنتى فى حمايتى أنا كان يقدر كلب زى ده يتجرأ على أوضتك.
ـ جميلة بغضب: مش المفروض لا كون تحت حمايتك ولا حمايته عشان ميحصلش اللى حصل، المفروض أنى مكنش موجودة فمكان زى ده مع ناس زيكم، عشان أبقى فى امان
ـ مازن بهدوء: وجودك هنا ومعنا، خلاص بقى أمر واقع وأتفرض عليكى، السؤال وأنت فى الواقع ده الأحسن تبقى تحت حماية يوسف اللى بعد ثالث كأس مبيشوفش قدامه ومخدش باله حتى من اللى دخلك، ولا تحت حمايتى أنا.
ـ جميلة بحزم: أبقى تحت حماية جوزى، لأن موافقتى أنى ابقى تحت حمايتك متفرقش كتير عن أنى كنت أرحب بالحيوان اللى دخلى.
ـ مازن هازئا: جوزك ده على اعتبار أنى معرفش أن جوازك كان تضحية.
ـ جميلة بصدق: أى كان سبب الجواز، لكن بقى جوزى وربنا هيحاسبنى عليه، ومافيش سبب فى الدنيا يبرر الخيانة، حتى خيانتك ليه، أنت صاحبه، شايف أنه يستاهل تعمل فيه كده.
ـ مازن بهمس: فكرى بطريقة عادلة هو أغتصب حقك فأنك تعيشي الحياة اللى عايزها، وعيشك حياة أنت رافضها، وحتى الحياة دى مش قادر يحميكى ولا يسعدك فيها، يبقى من أبسط قواعد العدل أنك لو مضطرة تكملى فى الحياة اللى فرضها عليكى والا يدمر حبيبك أنك تعشيها سعيدة وفى أمان، ولو على الخيانة فهو كمان بيخونك ولا أنت مش عارفة هو هيقضى اللى كام يوم الجايين ازاى، ورغم كده ما فيش خيانة ولا حاجة، هو أجبرك تتجوزيه، وأنا هاجبره يطلقك ونتجوز، منتهى العدل.
ـ جميلة: المفروض لو انا مخطوبة حرام تطلب منى أسيب خطيبى فما بالك وأنا متجوزة، لو دى مش خيانة أمال الخيانة تبقى أيه [بسخرية] وحكاية أنه بدل خانى يبقى حقى أخونه، ده على أساس أنى بحفظ نفسي عشانه وبس مش عشان ده أمر ربنا لى بحفظ العرض وأن الزنا من الكبائر [بهمس] عارف أنت ليه بتتكلم كده مع اننا لوحدينا لانك مش بتوشوش أنت بتوسوس، أنت فعلا شيطان بتزين المعصية وبتلاقى لها مبررات.
بقدر سعادته حين نفت عنه لقب الشيطان فى لقاءهما الأول أحرق وصفها لو بالشيطان قلبه، هو يسعد بهذا اللقب من أى شخص سواها ولكن منها شعر وكأنه طعنه بقلبه، طعنة المته فأوعز له شيطانه بأن يرد لها الالم مزينا له الأمر، مجسدا له بشكل رائع، فهى من النوع الذى لابد أن تخضعه للأمر الواقع ليتقبل أى أمر تريده، وهذا ما فعله يوسف ونجح فى ترويضها، أجبرها على الزواج فخضعت للأمر الواقع وهاهى تجلس مدافعة عنه كزوج حقيقي له حقوق، لذا لما لا يفرض وجوده عليها لتتقلبه كما تقبلت يوسف، لو نالها الأن غصبا، ستتوسل اليه هى أن يتزوجها، معلوماته عن وسطها أنهم يقدسون ارتباط العلاقات الحميمة بالزواج فأن تمت خارج هذا الأطار فهو عار لا يمحوه غير الدم أو الزواج أصابته فكرة زواجهما بالنشوة والحماسة، وقف نظرا لها بشهوة وخرج صوته محشرجا وهو يقول: أنت اللى أخترتى، أنت شايفانى شيطان، والشيطان مبيحفظش وعود، قبل أن تستوعب الأمر كان قد وصل اليها ويده تقبض على الشرشف منتزعا اياه، وحين حاولت الوقوف دفعها لتسقط أرضا ليسقط فوقها محاولا نزع ملابسها، لم تجد حل غير أن تنهش وجنته بأسنانها، ليبتعد مصدوما متألما وهو يسب، حاولت أستغلال الفرصة واللجوء لغرفتها لغلق بابها وربما الوصول للشرفة للأستغاثة بالمارة، ولكنه تغلب على صدمته بسرعه ليلحق بها ممسكا بها من شعرها قبل ان تصل لباب الحجرة دافعا اياها لتلتصق بالحائط خلفها محاصرا لها بجسده وهو يحاول تقبيلها، ليفاجأ بها تركله بين قدميه ركلة قاسية، ينحنى على أثرها متألما لتدفعه عنها وتفر هاربة اللى أقرب الأبواب اليها وهو باب المطبخ، تحامل على نفسه ووقف متتبعا لها، ليجدها تقف مرتجفة بجوار الموقد وشعر برائحة غريبة تتسرب الى أنفه، كان سيقترب الا انه وجدها تشهر قداحة أمام وجهها وهى تقول بصراخ هستيرى: لو قربت هاولع فينا سوا، وقف متسمرا مكانه من الصدمة للحظات، ليقول بعدها بهدوء: سيبى الولاعة اللى فى ايدك دى، وبطلى شغل عيال.
ـ جميلة بهستيريا: قرب وهاوريك جد ولا لعب عيال.
أخفته تلك الشرارات المتقدة بعينيها فحاول تهدئتها قائلا: أهدى يا جميلة، واقفلى الغاز ده، كده غلط.
ـ جميلة بصراخ: و أنك تغتصبنى ياحيوان هو ده الصح وظلت تصرخ فتركها حتى تهدأ.
ـ مازن بهدوء: يعنى أنت مش عارفة أن الانتحار حرام.
ـ جميلة بهدوء: ومين قال أنى هانتحر،بما أن مفيش صوت بيخرج، التسرب بطئ هيعمل ولعه صغيرة هتعمل اشارة ضوئية زى بتاع السفن، ده غير أن انذار الحريق هيشتغل فى العمارة كلها، وهيلحقونا بسرعة.
ـ مازن محولا افزاعها: بس أكيد قبل ما يوصلوا لنا هنتصاب بحروق، يعنى جمالك هيضيع.
ـ جميلة بثقة: مش أحسن ما شرفى يضيع.
كان يتحدث معها وعينيه تقيم الموقف كاملا، ليحسم أمره محددا أهدافه الثلاث، الشرشف الثقيل الموضوع على المائدة الخاصة بالخدم، محبس الغاز الموجود خلفه بجوار الباب، وأخيرا أنبوب الأطفاء المجاور له.
ـ مازن بهدوء: خلاص ياجميلة اهدى أنا خارج أهو، ليرجع بظهره للخلف بتروى وعندما يصل للمحبس وبخفة يرجع يده للخلف ويغلقه ويمسك بأنبوب الأطفاء و بحركة سريعه مفاجأة يتجه بسرعة اليها ولكنها كانت منتبهه متوقعه غدره فأشعلت القداحة لتمسك النيران بشعرها وستارة النافذة بالمطبخ، فى نفس الوقت الذى أمسك هو بالشرشف الثقيل ملقيا به فوقها ليمنع الهواء عن النيران فتنطفئ وأستخدم الانبوب لأطفاء الستارة لينتهى الأمر بلحظة قبل أنطلاق أجهزة الأنذار وهو مازال محتضنا لها، وهى مازالت تحت الشرشف تصرخ وتقاومه وهى تسعل بشدة، لتفلت من يده وتجلس على الأرض ملتصقة بالموقد وهى متكومة على نفسها تدفن رأسها بين قدميها وهى ترتجف ويسمع صوت نحيبها العالى، أقترب يحاول نزع الشرشف للاطمئنان على حالتها، ولكنه توقف عندما أصابتها حالة من الهستريا فقد أخذت بالصراخ وهى تغرز أظافرها بيده مدافعه عن نفسها وهى تظنه يحاول أكمال ما كان ينتويه، ليبتعد وهو يقول مهدئا: خلاص أهدى ياجميلة والله ما هاعملك حاجة، عايز بس أشوف حصلك أيه [ليتعالى صريخها لسماع صوته الكريه] هشش هششش مش هلمسك خلاص هقعد بره وهاتصل بدكتورة تيجى تشوفك.
خرج ليجرى مهاتفة وهو يقول لمحادثته: شاهى، تعاليلى حالا فى شقة يوسف، لا دلوقتى حالا، وهاتى معكى شنطتك، وحاجات لحد أتعرض للحرق، وكحة تقريبا بسبب الطفاية، وكمان اى مهدئ عندها هيستريا وعمالة تصوت، انهى المهاتفة ليعود اليها ليقف فى أبعد مكان عنها وفى الوقت نفسه يسمح له برؤيتها، ليقول من بعيد، أنا هو بعيد يا جميلة، الدكتورة جاية حالا، أرجوكى أهدى، نطق جملته الأخيرة لتفاجأه دموعه بالانهمار لأول مرة بحياته، ولكن لم تكن دموعه فقط هى أغرب ماحدث له فى هذه اللحظة بل ذلك الخافق بصدره الذى ظنه مات منذ زمن ليبعث من جديد مرتجفا لكل ارتجافة تصدر عنها متألما لكل تأوه أو نحيب يسمعه منها، هو كان يدرك أن تأثيرها عليه مختلف منذ رأها ولكنه لم يستطيع تفسير ذلك التأثير أوأنه كان يحاول أنكار أحساسه الى أن وجدها والنيران تشتعل بها امام عينيها ليوقن وقتها أنه قد وقع أسير هواها، فلأول مرة يهتم بأى شخص سوى نفسه حتى أنه كان مستعدا أن يحتضنها مطفئا نارها بجسده غير مهتم سوى بانقاذها، قطع أفكاره طرقات على الباب، ليذهب مهرولا لفتحه، ليجد شابة جميلة يدخلها وهو يهمس لها: شاهى أوعى تعرف أنك أختى، أنت دكتورة وبس
ـ شاهى بصدمة: أنت كنت بتعيط.
ـ مازن: بطلى عبط، ده من الطفايا حرقت لى عينيا.
ـ شاهى: أوك، طيب ممكن أعرف الموضوع بالضبط.
ـ مازن: واقفة فى المطبخ النار ولعت ومسكت فى شعرها والستارة، طفيتها بمفرش والستارة بالطفايا، معرفتش النار عملت فيها أيه لأنها مستخبية تحت المفرش ومنهارة وعمالة تكح.
ـ شاهى: أوك، وهى فين دلوقتى.
ـ مازن: هى منهارة على الأرض فى المطبخ [بتوتر] بس هى خايفة منى ورافضة وجودى.
ـ شاهى بحدة: ليه، أوعى تكون عملت لها حاجة من عمايلك.
ـ مازن : لا ياشاهى دى حاجة تانية، شوفيها وهافهمك كل حاجة.
تركته ودخلت اليها لتناديه بعد دقائق، ليجد جميلة تصرخ وتقاومها وترفض الأستماع لها أوالتحرك معها.
ـ شاهى: مازن، أمسكها أديها المهدئ مش قادرة أتفاهم معها ولا أسيطر عليها، ليزداد صراخ جميلة بدخوله اليها، لينفطر قلبه حزنا على خوفها منه والحالة التى أوصلها اليها.
ـ مازن بحدة: سيبيها يا شاهى من فضلك وأخرجى انتظرى بره.
ـ شاهى: بس لازم ت
ـ مازن مقاطعا بحدة أكبر: بعد أذنك يا دكتورة قلت لك أستنى بره.
لتخرج وهى تهمهم ببعض الكلمات الحانقة، ظل بعيد ولكنه نزل بمكانه جالسا على الأرض ليكون بمستواها، ونظر لوجهها الذى يختفى معظمه خلف شرشف المائدة، ويرفع يديه مستسلما، وهو يقول بحنان: أنا بعيد أهو ومش هلمسك تانى، مش هامسكك عشان تخدى الحقنة، ولو خايفة تخديها وتنامى وأذيكى، متخديهاش، لو هديتى مش هنبقى محتاجينها [للمرة الثانية وبدون سيطرة منه يجد دموعه تنهال ليقول وصوته يغالب دموعه] أسف يا جميلة أسف، والله ما هاضايقك تانى، ولا هاجرحك ولو بنظرة، بس سامحينى [تشجع حين وجدها قد هدأت قليلا وأنتظم تنفسها بعض الشئ فأكمل] سامحينى وأنا هاعوضك، حمايتك وسعادتك اللى كنت بساومك بهم على الخيانة، دول تحت رجليكى من غير مقابل، وفوق منهم أحلامك أوامر، شاورى بس وأنا على التنفيذ [زداد بكائه وهو يقول] أرجوكى أنت مش عارفة حزنك وخوفك منى عاملين فى أيه، الشيطان ولأول مرة فى حياته يعيط عشان زعلك [برجاء] خلى الدكتورة تساعدك وتشوف حروقك، وتطمنى عليكى، وانا هامشى، والله ما هارجع، وأنت أقفلى بالمفتاح وسيبي المفتاح فى الباب، وحتى والله لو سبتيه مفتوح هقف عليه حارس [يمسح دموعه بيده كطفل ويقول باغراء] طيب لو سبتيها تهتم بيكى هاثبت لك كلامى وهاحقق لك أول أوامرك، أنا كنت بره لما يوسف كلمك وسمعت لما طلبتى تروحى لمامتك وهو رفض، خلى الدكتورة تساعدك وهاخليه يوديكى زى ما انت عايزة [أسعده أن يتوقف ارتجافها وترفع عينيها لتنظر لعينيه بتساؤل فأكد لها بأمأة من راسه وهو يقول مؤكدا] جربينى ولو مقدرتش مش هتشوفى وشى تانى [أسعده سكونها التام، فقام وهو يحاول محو أثار دموعه ونادى قائلا] دكتورة شاهى [لتدخل اليه شاهى متبرمة] المدام هتيجى معاكى من فضلك ساعديها. اتجهت شاهى اليها فوجدها ترتبك وهى تتمسك بالشرشف خوفا من أن يظهر جسدها حين تنهض فخرج ووقف ناظرا للحائط معطيا لها ظهره، ليشعر بها وهى تمر سريعا من وراء ظهره ليبتسم بسعادة ويزفر بارتياح، لتخرج له شاهى بعد دقائق فيهتف بها: سيبتيها ليه.
ـ شاهى: دخلت تاخد شاور ورفضت أكون معها ساندتها ودخلت.
ـ مازن باهتمام: شوفتى حروقها.
ـ شاهى: شعرها هو اللى أتحرق من تحت، تقصه وتساويه، وفى شوية حروق ظاهرية فى كتفها ودراعها، هاهتم بهم لما تخرج، وأن شاء الله مش هيسيبوا أثر.
شعر بغصة بقلبه فقد فتنه شعرها حين رأه وأنبهر بشده طوله ونعومته بين يديه عندما جذبها منه وأحزنه أن يكون السبب فى أفساده وحزنها فقال بغضب: متساويهوش أنت، هاتصل بمتخصصة تيجى تظبضه [نظر للفوضى حوله] وكمان هاجيب حد ينضف البهدلة دى، وأنت باتى معها.
ـ شاهى بحدة: هو أيه اللى أبات معها، و أقول لشريف أيه، أنت عارف أنه محرج على أورط نفسى فى تصرفاتك، وأنه واخد موقف منك ومن طريقة حياتك.
ـ مازن بغضب: وبيبقى فين موقفه ده لم بيبعتك جرى أول ما تقابلكم مشكلة فى شغلكم، وهو عارف كويس أنى هاحلها بطريقتى اللى واخد منها موقف.
ـ شاهى: انا اللى.
قاطعها بصوت غاضب ولكن منخفض وهو ينظر لها بطريقة ارعبتها: اللى قولته هيتنفذ، وبلاش تجربى زعلى [بتهديد] ولو أنا شيطان فانت وجوزك مش ملايكة، وعلى فكرة انا كمان عارف تصرفاته كلها بس سايبه يعيش دور المستقيم.
ـ شاهى بصوت مرتعد: كله شغل فيه تجاوزات، بس أنت بتعدى كل الخطوط الحمرا.
ـ مازن بحدة: وكلكم بتفرحوا بده لو لكم فيه مصلحة، من زمان قوى من أيام بابا وأول ما ذكائى ظهر محدش وجهنى أستخدمه صح وكنتم مبسوطين باى تجاوزات تفيد البيزنس مهما كانت وبتعترضوا بس لو التصرفات دى لمزاجى، ولو أنا شيطان فانتم اللى خليتونى كده، فبلاش دلوقتى تعملوا ملايكة لأنى ما قابلت ملاك غير اللى جوه دى [أمسك ذراعها بقوة ونظراته تزداد حدة وصوته يزداد غضبا] وهتباتى معها وتحطيها فى عينيكى وهتوصليها الصبح لبيت أهلها [وبتهديد] واياكى، اياكى، تتكلمى معها عنى بطريقة متعجبنيش، مفهوم ولا مش مفهوم [أومأت براسها ايجابا برعب، فترك ذراعها ولان صوته وهو يقول] ولو عرفتى تكسبى ثقتها وتصحبيها ليكى عندى هدية كبيرة، يالا ادخلى لها.
فرت مسرعة من امامه، فاخرج هاتفه وأتصل بمصففه الشعر وخادمته، ثم اتصل بيوسف
ـ مازن: الو، أيوه يا يوسف،.. كنت عايز أعرف عملت الحاجات اللى طلبتها منك عشان أتابع انا الباقى لو طولت فى الرحلة، .. ترجع بالسلامة، صحيح كلمت جميلة بلغتها بسفرك، .. واتخانقتوا ليه بس، .. أنت غبي يا يوسف، كده بتحسسها انك معندكش ثقة بنفسك، وقلقان من حتة جربوع مش موجود اصلا، .. وأنت تفتكر أهله ممكن يبصوا فى وشها بعد ما اتسببت فى حبسه وغربته، .. أيوه طبعا كده هى تنبسط منك وممكن هى اللى تقلق وتحس انها مش فارقة معك وتتعدل، .. خلاص كمل سهرتك انت ورحلة سعيدة.
وأغلق الهاتف وهو يبتسم لتتسع بسمته حينما يسمع رنين هاتفها يصدر من غرفتها.
******************************
بعد مرور ساعتين.
ـ شابة: خلاص يا باشا المكان زى الفل.
ـ مازن: خلاص يا منال روحى، وخدى بكرة أجازة عشان سهرتك.
ـ منال بسعادة: انت تأمر يا باشا عن أذن حضرتك.
لتخرج من باب الشقة ليفتح فى نفس الوقت باب غرفة جميلة وتخرج منه شابة رائعة الجمال شديدة التزين قائلة: أوك مازن باشا، خلاص ظبطته وبقى تحفة.
ـ مازن بقلق: يعنى ماباظش يا مدام روكا.
ـ روكا بدلال: لا كده أزعل منك، روكا تمسك حاجة وتبوظ، وبعدين هو أساسا كان رووعه مش محتاج اى عناية هو بس أجزاء فى أطرافه اتحرقت وأنا شيلتها وكمان عملت لها قصة روعة.
ـ مازن بلهفة: طيب وعملتى اللى قلت لك عليه.
ـ روكا بابتسامة وهى تخرج كيس صغيرة من حقيبتها: ايوه طبعا، دى كل الأجزاء اللى قصيتها، وزى ما أمرت من غير ما تاخد بالها.
تناول الكيس بلهفة وسعادة وأخرج مبلغ ضخم أعطاه لها وأوصلها الى الباب ثم عاد ليقف وراء بابها وهو يفتح الكيس ويدس أنفه بداخله يشم رائحته بنشوة ويخرج منه خصلة يقبلها بحنان ثم يخبئ الكيس بجيبه وينادى بهدوء: دكتورة شاهى.
لتخرج له شاهى بهدوء فيسألها: هى عاملة أيه دلوقت.
ـ شاهى بتبرم: دى المرة المليون اللى تسألنى وأقولك أنها زى الفل وأن من ساعة يوسف ما كلمها وقالها حاجة فرحتها وهى هادية ومتعاونة، وكمان مدام روكا ظبطت لها شعرها بطريقة تجنن وبقى شكلها يهوس، صحيح كانت زعلانة وهو بيتقص بس لما شافته عجبها، وهو لسه طويل قوى برضه.
ـ مازن بارتياح: طيب الحمد لله، ادخلى قولى لها أنى ماشى وأسأليها اذا كانت عايزة أى حاجة منى.
ـ شاهى بنفاذ صبر: حاضر.
وذهبت وعادت وهى تقول: بتقولك شكرا.
ـ مازن بهيام: قولى لها تصبح على خير.
وخرج بشرود دون أن يلقى عليها التحية.
******************************

الشيطان العاشق - بقلم منى الفولي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن