الشيطان العاشق
الجزء السابع
بعد مرور عام ونصف.
فى بهو احد الفنادق الفخمة بدولة الأمارات، يجلس مازن بصحبة شاهى وماجد.
ـ مازن بهدوء: قولت أيه يا ماجد.
ـ ماجد بغموض: والمفروض أقول أيه.
ـ مازن بتلاعب: تقول رأيك فى العرض اللى قولته لك.
ـ ماجد بحدة: وياترى ده عرض فعلا ومستنى رأيى ولا قرار وحضرتك بتبلغنى به.
ـ مازن بعبث: وليه تفكر بالشكل ده، أكيد أنت عارف أنى مهتم بعيلتك وأمانهم، وأن أى فكرة بتكون عشان مصلحتهم، ولا أنت عندك شك فى كده.
ـ ماجد بسخرية: لا طبعا حضرتك عمرك ما قصرت فى توضيح مدى اهتمامك ب بعيلتى.
ـ مازن بهدوء: يبقى متفقين، زى ما فهمتك أنا من ساعة ما فضيت الشركة مع يوسف، صممت أخد الفرع هنا من نصيبى عشان أقدر أحميكم، لكن دلوقتى جدت ظروف ومضطر أتخلى عنه، وكده مش هبقى مطمن عليكم زى الأول، وعشان كده عرضت عليك تنزلوا مصر، وشغلك مضمون فى مستشفى أختى الدكتورة شاهى أو حتى فى المجموعة بتاعة جوزها، اللى يعجبك وهى قدامك أهى وردت على كل أسئلتك، واساسا محدش هيعرف أنك نزلت مصر لأنك الأول هتسافر السعودية تقعد شهرين وبعدين ترجع مصر بعد ما أكون ظبطت لك الأمور كلها، وأطمنت أنكم هتكونوا فى أمان.
ماجد بتحدى : اوك، يا مازن بيه هافكر وأخد رأى العيلة وهبلغ حضرتك
ـ مازن بعبث: بلغهم تحياتى، اه ودى تذاكر السعودية ومعهم تصريح بالحج بما أنكم هتكونوا هناك وقت العيد، ده طبعا لو فكرت وقررت تسافر.
نظر له ماجد بغضب، وتناول الأوراق من يده بشدة وذهب دون أن يرد، فالتفتت له شاهى وهى تقول : حرام عليك، أنت بتعمل فيه كده ليه، ده أنت بنفسك اللى سيبتها له.
ـ مازن بغضب: أنا مسبتهاش، ولا عمرى هاسيبها.
ـ شاهى بدهشة: أنت هتجننى، ده أنت بنفسك اللى قلت لى أنك بعد ما خليت يوسف يطلقها، وخلتنى أقعدها فى جناح عندى فى المستشفى، أنك جيت هنا وشرحت له كل حاجة وظروف جوازها وعذابها فيه، حتى النصيبة اللى طلقتها بها حكيتها له، وطلبت منه بنفسك أنه يتجوزها ويعوضها وأنك هاتحميهم من يوسف.
ـ مازن بغموض: طلبت منه يتجوزها أه، لكن كمان قولت له أنى بحبها، شوفتى واحد بيسيب واحدة وهو بيقول أنه بيحبها.
ـ شاهى بدهشة: امال خليته يتجوزها ليه.
ـ مازن بعبث: تقدرى تقولى سيبتها عنده أمانة.
ـ شاهى بصدمة: أمانة.
ـ مازن بجدية: أيوه أمانة، فى الوقت اللى اطلقت فيه الظروف مكنتش تنفع اننا نكون لبعض، وهى كانت محتاجة تهدى وتستجمع نفسها.
ـ شاهى بدهشة: تقوم تجوزها لواحد تانى.
ـ مازن بجدية: اللى بيحب بجد ممكن يعمل المستحيل عشان حبيبه يبقى سعيد، ووقتها كانت سعادتها معه.
ـ شاهى: أنت مازن أخويا بجد، معقولة أنت الشيطان.
ـ مازن بحب: شيطان لها مش عليها، جميلة هى الأنسانة الوحيدة اللى حسيت معها انى بنى أدم، أول مرة شافتنى عاملتنى بحنان عمرى ما حسيته من حد، الوحيدة اللى ما شافتش فى الشيطان، يمكن الأول أتعاملت معها غلط، بس دى مش غلطتى، أنا عمرى ما قابلت حد زيها، كنت هاعرف منين فى أنسانة ممكن تضحى بحياتها وجمالها عشان تحافظ على شرفها [بسخرية] أنا اللى أعرفهم بيعملوا علاقة مع دكتور التجميل عشان يظبطهم.
شاهى بحنان : وأخرتها
ـ مازن بحزم: هارجعها، أنا فعلا أبتديت أغير الظروف اللى كانت هتمنع جوازنا، سيبت الشلة من وقت ما فضيت الشركة بينى وبين يوسف، وأنا اساسا مليش فى الشرب قوى، أنا بس كنت باجارى الجو [بسخرية] وأساسا مكنش لى علاقات نسائية لأنهم بيخافوا منى.
ـ شاهى: وشغلك وعقل الشيطان.
ـ مازن بسخرية: مش هاخدعك وأقولك أنى هابقى ملاك، لكن بحاول اقلع توب الشيطان، أنت قلتى أن كل شغل فيه تجاوزات بس أنا بعدى كل الخطوط الحمرا، دلوقتى بطلت أعدى الخطوط الحمرا وعايش فى دور المستقيم زى شريف باشا جوزك.
ـ شاهى بصياح: وأبنها، وجوزها.
ـ مازن بحب: ابنها حتة منها، وهيقربنا من بعض مش هيفرقنا زى ما أنت فاهمة، كل أم أهم حاجة عندها، أمن ومستقبل ابنها ودول مش هتلاقيهم مع حد غيرى.
ـ شاهى: وجوزها ومشاعرها اللى معها.
ـ مازن بحدة: نص مشاعرها معه والنص التانى معى أنا.
ـ شاهى بدهشة: أيه.
ـ مازن بخبث: هى دى الحقيقة أنا سرقت نص مشاعرها من غير ماهى نفسها تحس، أهم مشاعر عند الست هما الحب والأمان، ممكن يكون معه الحب [بقوة] لكن أمانها معي أنا، سرقته منها لما بقيت تقعد فى أوضتها مطمنة أنى مش هسيب حد يأذيها، لما أديتها القوة أنها تقف تطلب الطلاق من يوسف وهى فى الحقيقة بتطلبه منى أنا وهى عارفة أنى مش هاخذلها ولا هاسمح له يأذيها، لما ركبت عربيتك وهى مطمنة لمجرد أنك قلتلها أن ده أمرى أنا، لما وافقت تقعد عدتها كلها فى المستشفى عندك لمجرد أنى طلبت منها ده فى الجواب اللى سيبته لها معكى.
ـ شاهى بصدمة: أنت أزاى كده.
ـ ماجد بهيام: لأنى بحبها، بحبها بجد، ومش هارتاح غير وهى فى حضنى.
ـ شاهى بحدة: برضه مصمم تتجاهل جوزها.
ـ مازن بعبث: أديكى شوفتيه، تفتكرى واحد زيه ممكن يعيش قد أيه.
ـ شاهى بحدة: تقصد أيه.
ـ مازن بصدق: لا متخافيش مش الى بتفكرى فيه، مش عشان مقدرش اعملها، عشان مقدرش أشوف نظرة كره فى عينيها.
ـ شاهى بحيرة: امال تقصد أيه.
ـ مازن بهدوء: ماجد أنسان مثالى، وفى نفس الوقت شغله فى الحسابات، فى وسط المختلسين والمزورين وغالبا مبيسمحوش للى زيه يفضل ما بينهم كتير.
ـ شاهى: بس أنت وعدته بحمايتك.
ـ مازن بلامبالاة : لا أنا وعدته بحماية عيلته، يعني جميلة وسيف ابنها، لكن شغله مسئوليته.
ـ شاهى: ولو ربنا سترها معه.
ـ مازن بخبث: فاكرة يا شاهى عم اسماعيل السواق دايما لما كان بيدعى ويقول اللهم اكفنى شر قهر الرجال، تفتكرى فى قهر لرجل أكتر من أنه يكون عارف أنه عاجز عن حماية مراته وابنه، ومضطر يطلب حمايتهم من واحد قاله فى وشه أنه بيحب مراته، لو شفتى الكسرة اللى فى عينيه وهو عارف أنه فى الأخر هيضطر يقبل عرضى لأن أمنهم وحياتهم أهم عنده من كرامته، لو شفتى الغل فى عينه وهو بياخد تذاكر السفر وهو متأكد أن مفيش سبب لسفره السعودية غير أنى عايزها تحج وأنا عارف ده هيسعدها قد أيه، وهيسعدنى أنا أن حلم حياتها أنا اللى أحققه لها، تفتكرى كل ده ممكن يعمل أيه فى واحد مثالى زى ماجد.
ـ شاهى بصدمة: أنت فعلا شيطان، وقامت وتركته وهى تهمهم بكلمات غاضبة.
لم يبالى بها مازن وهمس بغضب: أما نشوف هتستحمل قد أيه يا سبع ليشرد بذكرى مقابلته السابقة لماجد.
فلاش باك
يدخل مازن لاحدى الشقق بالامارات ليهب ماجد غير مباليا بمرافقيه من الحرس ممسكا بتلابيبه وهو يصرخ: فين جميلة يا مازن، وديتها فين يا شيطان.
يشير مازن للحراس مانعا اياهم من ضربه مكتفيا بارغامه على عودته لمقعده.
ـ مازن بسخرية: مازن وشيطان مرة واحدة ده الشجاعة اللى نزلت عليك مرة واحدة دى.
ـ ماجد بقوة: أنا عمرى ما كنت جبان.
ـ مازن هازئا: واللى يسيب حبيبته تسلم نفسها لرجل تانى والثمن ان هو يخرج من السجن ويتعين فى وظيفة محترمة يبقي ايه.
ـ ماجد بجنون وهو يحاول الافلات من محتجزيه: أوعى تجيب سيرتها يا خسيس، جميلة أتجوزت على سنة الله.
يستشيط مازن غضبا عندما يذكر أسمها: أوعى أنت اللى تجيب سيرتها أنا بتكلم عنك أنت يا سبع.
ـ ماجد بقوة : سبع غصب عن بوزك، هو لما تلفق لى قضية وتدخلنى السجن أبقى سيبتها، ولما أخرج القيها أتجوزت وأوافق أجى هنا لأنى عارف قد ايه هتتقى ربنا فى جوزها مهما كان سبب الجواز وأن وجودى هيبقي حمل على ضميرها وكمان هيعملها مشاكل ويحرمها تشوف أمها، ده غير أنى أتهددت أنكم تفضحوها وتلبسوها نصيبة، ابقى قبضت الثمن ولا دفعت غربتى وقهرتى ثمن لراحتها.
مازن بحدة وهو يكاد يجن وهو يري مدى تفهمه لشخصيتها واهتمامه بها: وبدل أنت شاطر كده وفاكر كل حاجة، خالفت التعليمات ليه، كنت متصور أنى مش هاعرف أنك طلعت بدل فاقد للباسبور، وحجزت وعايز ترجع مصر.
ـ ماجد بصياح: كنت قاعد طول ما هى بأمان ومطمن عليها، لكن فين جميلة دلوقتى عملتوا فيها أيه يا حيوان.
ـ مازن بشر: متهيألى أنك زودتها، وكده مش كويس عشانك.
ـ ماجد باندفاع: أعلى ما فى خيلك أركبه، هتعملوا أيه تانى أكتر من أنها بقى لها شهرين مختفية وأمها هتتجنن عليها ولما راحت تدور عليها فى بيتها الحيوان التانى طردها وأقعد يخرف ويتهم سته وتاج راسه فى شرفها بالكذب.
تحلى مازن بالبرود ليدارى به نيراته المشتعله فهو حين طلب منها فى خطابه الأختباء لدى شاهى حتى أنتهاء عدتها وأنه سيتولى رعاية والدتها و أخبارها بسفرها برحلة لم يتخيل أن قلب والدتها استشعر كذبه ليصدق حدسها حين أخبرها أحد الجيران تداول خبر بانفصال جميلة ويوسف على مواقع التواصل الاجتماعى وأنها ستسعى للتأكد ليحدث ما حدث.
ـ مازن ببرود: ومين قال أنه كدب.
ليصاب ماجد بثورة عارمة يستطيع على أثرها الأفلات من حارسه ليلكم مازن بوجه فينقض عليه الحرس وتنهال عليه اللكمات من كل صوب وعلى الرغم من ذلك ظل يصرخ قائلا: أخرس يا كلب، جميلة أشرف منكم كلكم، جميلة عمرها ماتخون.
وغاب صوته مع غيابه عن الوعى، ليتركوه ملقى أرضا ويدلف مازن خارج الغرفة والغيرة تأكل قلبه فمنذ قليل هاتفته شاهى لتخبره بأن جميلة قد طلبت منها المساعدة لاستخراج جواز سفر، وهو متأكد أنها تفكر فى الحضور لهذا الذى كان يسعى للعودة اليها، أى ترابط هذا، كيف أتخذا نفس القرار دون أى تواصل بينهما، بل ومن أين أتى ماجد بتلك الثقة لينفى عنها هذا التهمة بهذه القوة دون أن يعرف عن الأمر أى شئ، علاقتهم هذه تثير جنونه وتفسد مخططه، فهو كان يظن بأن قصتهما أنتهت بتخلى كلا منهما عن الأخر، ليجدها وقد قويت بتضحية كلا منهما من أجل الأخر، فى نفس الوقت الذى ضعف موقفه لديها فبرغم بأنه قد حررها الا أنه قد أفزعها وزادها رعبا من جانبه المظلم بسبب طريقته القذرة لتحريرها، ظل يبحث الأمر طول الليل، ليأتى الصباح وقد أستقر على حل لم يكون ليصدق أن يقدم عليه، ليدلف لغرفة احتجاز مازن ليجده مقيد، مكمم الفم، ليصرف الحرس ويجلس مواجها له قائلا بهدوء: ماجد أنا بحب جميلة، ويوسف ما كدبش، بس كمان جميلة ما خنتش.
تجاهل همهماته الغاضبة فهو فى مزاج لا يسمح له بتبادل أى أحاديث معه، سيلقى بما لديه ويذهب قبل أن يفقد أعصابه ويقتله أن تكلم عنها بما لا يرضيه.
ـ مازن بحدة: ممكن تخرس وتسمعنى للأخر، أنا اللى دبرت الموضوع كله عشان انجدها من أيده، يوسف عمره ما كان هيسيبها غير كده، غروره وجنون العظمة اللى عنده، كانوا هيمنعوه يسيب واحدة رفضته قبل ما يدمرها، والغرور والجنون دول هما نفسهم اللى لعبت عليهم عشان أنجدها وأنا متأكد أن غروره هيخليه يوافق أن يتنازل عن شرفه بس ما يتقالش أن مراته فضلت عليه رجل تانى [بهيام] أنا بحبها، بحبها لدرجة أنا مش مصدقها، لدرجة أنى بطلب منك دلوقتى أنك تتجوزها، وتعوضها عن كل اللى شافته.
نظر للذهول بأعين ماجد وسكونه التام على عكس ثورته وهو يسمع أعترافه بحبها، لتشتعل الغيرة بقلبه، ليصيح بنزق: بس جميلة بتاعتى، حقى، والشيطان ممكن يصبر على حقه بس عمره ما يسيبه، ليلكم ماجد بغضب ويهرول خارجا.
عودة من الفلاش باك.
خرج من شروده وأخرج من جيبه منديلا حريريا فتحه بحرص لينظر بحب لخصلة الشعر بداخله ليقربها من وجهه يقبلها وهو يتشمم رائحتها بنفس الوقت.
******************************
مكتب مازن.
بعد مرور عام.
دلفت السكرتيرة هى تقول بهدوء: مازن بيه فيه واحدة عايزة تقابل حضرتك.
ـ مازن: واخدة ميعاد.
ـ السكرتيرة: لا يا فندم وحاولت أفهمها أن لازم ميعاد، قالت لى أنى أبلغ حضرتك، ولو رفضت هتمشى.
ـ مازن بلامبالاة: تبلغينى أيه.
ـ السكرتيرة: أن مدام ماجد عبد الله محتاجة تقابلك.
صمت وهو لا يستوعب ما قالته، هل تكون جميلة هى من حضرت له بنفسها أم أنه مجرد تشابه أسماء، تجاوز صدمته بسرعة وهرول خارج مكتبه، ليجدها تقف أمامه كما عهدها، بجمالها الطاغى، وأناقتها المحتشمة، وهدوءها القاتل، ليهمس باسمها بلوعة حملت كل أشتياقه اليها: جميلة.
لتقول بهدوء: أزي حضرتك يا مازن بيه، أسفة لو جيت من غير ميعاد.
مازن بحماسة وهو يقودها لمكتبه: أتفضلي يا جميلة، أتفضلى، تفتكرى أنك محتاجة ميعاد [نظر لسكرتيرته شذرا] لولا أنى عارف أنك هتضايقي كنت ماشيتها حالا، لمجرد أنها سمحت لنفسها تسيبك بره مستنية الأذن.
السكرتيرة بارتباك وقد أدركت قيمة تلك المرأة لدى رئيسها: أنا أسفة والله يا هانم بس أنا كنت بنفذ الأوامر، لكن طبعا المرة الجاية لا يمكن تتكرر.
جميلة بهدوء: ماتقليقيش أساسا أنا مش هاجى مرة تانية، وبعدين ده الطبيعى والموضوع مش مستاهل.
أحزنه قطعها بأنها لن تأتى له مرة أخرى فقال لها بحزن: لا مستاهل ياجميلة، ووضع يده على قلبه، لما تدخلى احصن ابوابى من غير أذن، يبقى ما ينفعش تقفى على باب مكتبى مستنياه.
تهربت من نظراته وهى تتطلع لمكتبه بنظرات زائغة فقال : لو سمحتى يا سلوى أطلبى لنا اتنين موز باللبن [بحنان] لسه بتحبيه.
ـ جميلة بهدوء: أيوه بس بعد أذنك أنا دلوقتى محتاجة قهوة [بحدة] وتكون سادة.
أحنقه محاولاتها لأضافة صبغة رسمية لزيارتها له ولكنه قال بهدوء: أوك، من فضلك يا سلوى اتنين قهوة [بابتسامة عابثة] ويكونوا سادة.
خرجت سلوى فجلست هى على المقعد المواجه لمكتبه فتجاهل مقعده وجلس مواجها لها.
ـ مازن بحنان: أؤمرينى يا جميلة.
ـ جميلة بجدية: العفو يا مازن بيه، أنا بس جاية أفكرك.
ـ مازن بحيرة: تفكرينى!
ـ جميلة: أفكرك بحلفانك لى يوم الحريقة، لما قلت لى، حمايتك وسعادتك اللى كنت بساومك بهم على الخيانة دول تحت رجليكى من غير مقابل.
ـ مازن باستنكار: وأنا نسيته يا جميلة!
ـ جميلة بحدة: أيوه، صحيح فضلت تحمينى، بس مش من غير مقابل، الفرق أن المرة دى المساومة مش على الخيانة.
ـ مازن بحيرة: أنا طلبت منك حاجة!
ـ جميلة بحدة: ياريتك طلبت كان هيبقى من حقى أقبل أو أرفض، أنت أخدت علطول.
ـ مازن مستنكرا: أخدت أيه.
ـ جميلة ببكاء لم تستطع منعه أكتر من ذلك: خدت راحة بال ماجد، وأحترامه لنفسه، وصحته اللى دمرتها كسرة النفس، ماجد فى المستشفى عنده ذبحة صدرية، والدكاترة لحقوه بالعافية، ودى مش أول مرة يتعب ضغطه على طول عالى، وأكثر من مرة أتعرض لبوادر جلطة.
انفطر قلبه لبكاءها، خاصة وهى تبكى لوعة على غيره وهم بالحديث ولكن منعه دخول سلوى وهى تحمل القهوة التى وضعتها وأنصرفت، لتكمل جميلة وقد هدأ بكاءها بعض الشئ: مازن بيه، أنا لما قلت لسكرتيرتك تبلغك أن مدام ماجد عبد الله عايزة تقابلك، كنت أقصد المعنى حرفيا، أنا جاية لحضرتك بصفتى مرات ماجد، جاية أطلب منك ترفع أيدك عنا، الله الغنى عن حماية يدفع جوزى ثمنها من كرامته وصحته.
ـ مازن بصدمة: الله الغنى عنى أنا يا جميلة!
ـ جميلة بحزم: زمان وقفت قدامك، أدافع عن يوسف لمجرد أنه جوزى، مع أنك أكتر واحد عارف أحنا أتجوزنا أزاى، يبقى مش عايزنى النهاردة أدافع عن ماجد، وأنت عارف كويس قوى هو بالنسبة لي أيه.
ـ مازن بتلعثم: و أنا يا جميلة، أنا أيه بالنسبة لك، ولا حاجة.
ـ جميلة بهدوء: أنت انسان جواه خير هو نفسه مش شايفه، قبلت مساعدتك لأنى كنت محتاجها وكمان عشان أساعدك تكفر عن ذنبك، يوسف كان قايلى أنك اللى خططت له كل حاجة، يعنى حمايتك كانت من حقنا، بمبدأ من أفسد شئ عليه أصلاحه، فمينفعش أنك تدفعنا تمن تكفيرك عن غلطك فى حقنا.
ـ مازن بصدمة: يعنى طول الفترة دى وأنت شايفانى الشيطان اللي ظلمك، وأنك كده بتأخدى حقك منى.
ـ جميلة بصدق: لا طبعا، أنت ليه مصدق قوى كده أنك شيطان، مازن أنت أنسان كويس بس اللى حواليك طلعوا أسوء ما فيك، بدليل أنك لما قابلت حد مختلف عاملته بأختلاف.
ـ يوسف بحنان: عشان حبيتك.
ـ جميلة: أو حبيت الخير اللى شوفته جواك بسببي [بنفاذ صبر] وحتى لو حبيتنى مش كل الناس بتكمل مع حبها الأول.
ـ مازن بحيرة: يعنى أيه.
ـ جميلة بحنان: لو سلمنا بأنك بتحبنى فعلا، فالمشكلة أن فكرة أنك تحب فى حد ذاتها كانت مستبعدة بالنسبة لك، فأنك تحبنى، ده خلاك تتمسك بحبك رغم استحالته، ومش قادر تتخطاه، لأنك خايف متحبش تانى وتفقد أحاسسك بأنك أنسان مش شيطان.
ـ مازن باستعطاف: وليه بتقولى أنه مستحيل.
ـ جميلة: لأننا مختلفين يا يوسف لا أنا ملاك ولا أنت شيطان، بس احنا أتنين مش مناسبين لبعض.
ـ مازن باستعطاف: بس أنا أتغيرت
ـ جميلة بابتسامة: عارفة وسعيدة جدا عشانك، بس لو أتغيرت عشانى هترجع للى كنت فيه أول ما تحقق حلمك، أنت المفروض تتغير عشانك، عشان أنت فعلا عايز تتغير، زمان دايما لما كنت أشوف الفيلم اللي الزوجة المتوحشة تأكل القلم فى أخر لقطة فتتعدل، ولا فى الروايات اللى البطل الهلاس يقلب شيخ طريقة عشان قابل البنت الملتزمة، كنت بتريق، لأن محدش بيتغير كده اللى بيتغير لازم يكون عارف أنه غلط ومحتاج يتغير وعنده ارادة لده، لكن التغيير لاى سبب تانى بيبقى تغيير وقتى بيروح بنهاية السبب.
ـ مازن برجاء: طيب ساعدينى، خليكى جنبى.
ـ جميلة بحزم: الصح عمره مايجى بالغلط، ووجودى جنبك غلط، ومساعدتى مجرد حجة لتحليل قربنا اللى هو حرام أصلا، لكن اللى أقدر أساعدك بيه هو النصيحة، سافر يا مازن، سافر.
ـ مازن بدهشة: أسافر.
ـ جميلة: زمان سمعت قصة رجل قتل تسعة وتسعين بنى أدم ولما حس أنه غلط ولازم يتغير، راح لعابد يسأله فقاله لا أنت مجرم، شيطان، وملكش توبة، فأقتله وكمل به المايه، لكن من جواه كان مصمم أنه يقدر يتغير، فراح لعابد تانى وحكى له كل اللى حصل، فالرجل قاله أن التوبة ممكنة طول ما فيه نفس، بس طلب منه يساعد نفسه ويبعد ويسيب الناس اللى بيساعدوه ويفكروه بظلمه [بصدق] كل اللى حواليك شايفنك شيطان لغاية ما أنت نفسك صدقتهم، أبعد عنهم يا مازن، أبعد وأبدأ من جديد، ولما تبقى مستعد هتلاقى حب جديد، بس ساعتها هيبقى ممكن.
ـ مازن بأسى: يعنى مفيش أمل يا جميلة.
ـ جميلة بقوة: ده أخر كلام بالنسبة لى، ومن فضلك أدينى فرصة أنا كمان أحافظ على حبى، وزى ما قلت لك متشكرين جدا لغاية كده وأنا من النهاردة فى حماية جوزى، سواء من يوسف أو من غيره.
ـ مازن بخجل: مفيش يوسف ياجميلة.
ـ جميلة بدهشة: يعنى ايه.
ـ مازن بارتباك: يوسف ظبط سوزى مع واحد فى بيتهم، وباباها حاول يلم الموضوع، بس يوسف مرديش وفضحها فى كل حتة، وباباها انتقم منه ودمر له شغله لدرجة أنه كان هيتسجن وأضطر يهرب.
ـ جميلة بدهشة: من أمتى.
ـ مازن بخزى وهو ينظر للأرض: تفتكرى كان ممكن أطلب تنزلوا مصر وفى أى خطر عليكم.
أتسعت عينيها بصدمة وهى لا تصدق أنه جعلهم يعيشون كل هذه الفترة فى رعب مهددين بخطر وهمى، ليظلوا تحت رحمته، أستوعبت صدمتها فنظرت له بحنق، وأنتزعت حقيبتها من فوق المنضدة وخرجت راكضة.
أنسابت الدموع ببطء من عينيه وهو ينظر لموضع خروجها وقد أيقن بأنه قد خسرها للأبد وقطع ما كان يربطهم من خيوط بتصرفاته الشيطانية، وأسترجع كل ما قالته له ليزفر بعمق، وأخرج هاتفه ليفتحه على صفحتها الخاصة بالتواصل الاجتماعى التى استطاع مهندس شركته اختراقها له بسهولة، ليستطع الاطمئنان عليها ومعرفه اخبارها، لتطالعه صورتها باحضان زوجها وهى تحمل صغيرها والسعادة ترتسم على كل ملامح وجهها، ليقبل صورتها على هاتفه وهو يهمس، فاكر حلفانى من غير ماتفكرينى، وفاكر كمان أنى قولت لك أحلامك أوامر، شاورى بس وأنا على التنفيذ، يمكن أكون شيطان، لكن مع ملاك زيك لازم أحفظ عهدى، لأنى ملكك، شيطانك الحارس، الشيطان العاشق.
******************************