الفصل الاول

29.4K 425 55
                                    

تلون الشفق بألوان الغروب وبدأت أطراف السماء تستدعي الظلمة بحلكتها الليلكية إيذانا ببداية ليلة طويلة خصوصا لسكان ذلك القصر الريفي العتيق والمحاط ببساتين النخيل بوفرة تظلل حديقتيه الأمامية والخلفية ليبدو وكأنه وسط بستان . أربعة أدوار من القدم والعراقة بشرفة علوية مقوسة تحملها أعمدة أربعة تجاورها شرفات تجاوزت الست بالعدد وهناك الشبابيك الفرنسية التي أضفت على قدم المكان روعة وأصالة بالاضافة للمدخل الذي ارتفع عن الأرض بمايفوق المترين من الدرج الحجر الذي جاءه من الجهتين ليلتقيان أمام بوابة خشبية عظيمة بنقوش حمت صورا تمثل حيوانات ضارية تتقاتل فيما بينها وعبيد ركعوا أمام أسياد عظام والعديد من الآيات القرأنية التي تعانقت حروفها في لوحة بديعة . ذلك كان قصر آل الشريف ، الأغنى والأرقى والأكثر سلطة في المدينة ، وبالداخل كانت تدور معركة ليست كأي معركة دارت يوماً في أروقة هذا القصر العتيد والذي مرت عليه الكثير من الحروب والمآسي الشخصية وبقي صامدا كصمود أخر نسل من ساكنيه . معركة اليوم كانت مختلفة كانت تقودها وعلى غير العادة فريدة منير ، زوجة قطب العائلة ورأسها الكبير ؛ ذياب الشريف ، ضده شخصيا

فريدة :ذياب عليك أن تسمعني .
هدر صوتها الصارم وهي تحاول الالتفاف حول زوجها لامساك عينيه واللتين تجاهلتاها بإصرار وهو ينهرها بغلظة لم تكن معتادة بينهما أبدا

ذياب: لقد سمعتك فريدة وردي الوحيد هو لا .

كانت تعرف معنى هذه النبرة أن الموضوع مغلق للنقاش دون أمل ، ولكن ليس هذه المرة هذه المرة هي مستعدة لأن تقاتل باستماتة ففرصة كالتي وقعت على حجرها لاتعوض أبدا .
فريدة: بلي سوف تستمع من جديد وتفهم . صرخت لينظر اليها بعينيه الرماديتين بقسوة

ذياب:مالذي تريدينني أن أفهم ؟ ؟ أتفهم رغبتك بجري الى لعبتك السخيفة لمواساة الفتاة الفقيرة الضعيفة ؟

تراجعت فريدة وهو يزمجر بعصبية

ذياب: أنا لست طبيباً نفسياً فريدة اذا ماكانت تلك الفتاة تقبع حزينة فاشتري لها هدية ولاتزعجيني بمثل هذا الموضوع العفن .

فريدة: اسمعني ياذياب ؛ انها فرصتنا الوحيدة .

هتفت مخنوقة ليغمض عينيه بيأس ويترك مابيده من أوراق عمل كان يراجعها بهدوء قبل أن تأتي زوجته التي كمايبدو قد فقدت عقلها مؤخراً وتمعن في ايقاف جنونه

ذياب: فرصتنا ؟ ؟ عن أية فرصة تتكلمين ؟ لايعقل أن تكوني جادة ؟

استنكر بحدة لتقترب وتجلس الى جواره على الاريكة وهمست وهي تضم كفيه اليها
- أرجوك حبيبي أرجوك لاتحرمني ولاتحرم نفسك من هذه النعمة ??!

نعمة ??!!
صرخ وهوينهض نافضاً يديها ؛
- أنت تتكلمين دون منطق كيف تسمينها نعمة ؟

فريدة :انها نعمة أن استغللناها كما نريد .

ورد_لعبير قائدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن