في السيارة وبضغطة بسيطة لدواسة البنزين انطلقت رحلة المواجهة بدوي محركها بقوة وعنف يعلن عن هدير عاصفة
قادمة لا محالة وكأنها تستجيب لروح قائدهاراقبهما بشكل جانبي وقصائد الصمت الدائر حوله بموشحاتها وقوافيها الثنائية الجانب لا تعجبه منذ استقرار الثنائي الغامض بالسيارة كما أطلق عليهما بداخله مريم تجلس بجانبه وكل حين تلتفت إلى الوراء تبادل فدوى في كرسيها الخلفي النظرات وكأنهما تتفقان على أمر يخصه وهذا ما لا يستسيغه الغموض و كمحامي هو يعشق التفاصيل .....فهل له نصيب منها هذه المرة؟
ليتساءل بهدوء تكتنفه حدة على وشك الاشتعال
(هل ستخبرني إحداكما سبب توجهنا إلى المركز أم هو لغز ويفترض بي فك شفراته من نظراتكما المتبادلة ؟)
تأتأة فدوى بالأنا المتلعثمة ولم تزد عليها لتنكس رأسها بخجل شديد تستغربه عن نفسها وخصوصا بحضور الفهد وهي من تعودت ان تكون جريئة وصريحة معه ......فهل تعود ايام الصبا يوما ؟
وهو ما اتخذته مريم إشارة إيجاب وإيذان لها
(اسمعني بني )
" إستعد فهد إنها إشارة التأني والتروي للأخر ..... حين تستعمل لفظ بني بلكنة الرجاء...وهذا ينبأ بان ما سيسمعه ليس من نوع الحوار المفضل لديه أم ربما لأنه يستشعره يخص الشقية في الكرسي الخلفي ....فإلى أي حد وصل تماديك يا شقية؟
لم يعلم لما شعر بحاجة ماسة ليعدل المرآة حتى يرى وقع ما سيسمعه على الساكنة خلفه في صمت لكن ذلك لم ينفع البتة وهي تشيح بوجهها نحو النافذة تتطلع إلى الخارج وكان الحوار الدائر بينهما لا يعنيها .....لكن لطخة الخجل على خدها تثبت كذب تظاهرها ""بينما فدوى أقصى ما يجول في خاطرها حينها أمنية ....أمنية واحدة ووحيدة ....ان لا تكون هنا وتشهد ذل وهوان اللحظة بردة فعله المتوقعة.....لما خالة مريم أكان يجب ان تستدعيه؟ ..... دعيني اغرق فانا استحق ما يحصل وأكثر .....لكن ليس هو ولا هكذا ....لكنها تبقى أمنية وغالبا نشهد فشل الأمنيات "
نحنحة متأنية من مريم قبل ان تبدأ بسرد الوقائع
( في الحقيقة منذ ثلاثة ايام صباحا وقعت مشادة بين رقية وحارس المزرعة المجاورة وعلى أثرها قام بتقديم شكاية ضد فدوى وقد قاموا بالاستماع اليها البارحة لهذا اتصلت بك فهد )
التفت يتطلع فيها مشيحا بعينيه عن مراقبة المرآة يستفسر باستغراب
(قلت تشاجر مع خالة رقية فما دخل فدوى بالشكاية .....وما موضوعها حتى ؟)
توتر طغى على الأنثيين ومريم تجد صعوبة في نطق الباقي فهو بالتاكيد سيجرح الصغيرة
( لأن شجارهما سببه ادعاء منه على فدوى..)
لم ينتظر بقية جملتها ليستعجلها بحاجب مرفوع في معرفة نوع الادعاء
( اين نوع من الادعاءات تقصدين ؟)
تململ مخنوق وهمهمة غير مفهومة هي كل ما حصل عليه كرد فعل منهما
(اقصد .......)
ليرتفع صوته بحدة
(أتعلمين شيئا مريم تكلمي بصراحة..... ولا داعي للف والدوران انا محام وما سيقال يبقى بيننا لكني أريد الحقيقة كاملة وبالتفاصيل )
انتقلت بنظراتها الى الخلف الى وجه الفتاة الذي بهت بشدة وحاضرها يثبت فشل الأمنيات وما خشته منذ ليلة البارحة قد صار واقعا لها وهو يطالب بالحقيقة لكنه الحل الوحيد