لماذا هذا الكتاب؟

176 6 0
                                    

قال لينين: اعطني جريده ومسرحا اعطيك شعبا. وانا اقول يحتاج الشعب لاكثر من هذا، فهو يحتاج اولا عقلا يفكر به، وارضا يعيش عليها، وحبا يعيش فيه، واخلاقا يهتدي اليها فما فائده الشعب بالجريده والمسرح اذا كان لا يقرأ؟..

فلهذا انا دائما اقول اعطني قراء اعد لك شعبا مميزا.

ان اكثر سؤال دارج عالميا هو لماذا؟ ولكن لماذا هو لا يعني التساؤل بل هو المعرفه، فاحيانا يكون هذا السؤال موضوعيا ومهما واحيانا يكون بلا فائده خال من المضمون والموضوعيه اما التساؤل هو باطني اكثر من كونه علني فانت يمكنك التساؤل بينك وبين عقلك الباطني لتحاول ان تجد اجوبه على تساؤلاتك بينما السؤال العلني فيمكن ان تطرحه على اي شخص ومن اي مستويات ثقافيه وعلميه وهذا ما يجعل الشخص المتسائل دائما عديم الرضا من الاجوبه التي يتلقاها من الناس لانه يريد اجوبه مقنعه لعقله الباطني وهذا ما يميزه عن الغير ويصنع الفارق بين النتائج التي يصل اليها مقارنه بالنتائج التي يتداولها الناس بينهم نتيجه اصغائهم فقط للسؤال العلني والعابر.

والانسان المتساؤل لا يطرح تساؤلاته الا فقط في الوقت المناسب وعلى الشخص المناسب عله يصل الى نتيجه ولو نسبيه تقنع تساؤلاته. وكل شخص يعيش دائما في حالات التساؤل الباطني يمكنه ان يعتبر نفسه انسانا ناجحا ذهنيا وفكريا لان المرء حالما تساءل دائما فهذا مؤشر جيد انه يتطور فكريا لهذا اينشتاين قال: اهم شيء ان لا تكف عن التساؤل .

ومن هذا المنطلق ان هذا الكتاب ليس للاسئله بل هو للتساؤل فبعد قراءتك لهذا الكتاب يجب ان تجلس مع نفسك وتتساءل لماذا انا كتبت هذا الكتاب؟ ولماذا هذه الصيغه التي كتبت بها انا؟ ولماذا انا واحد من هؤلاء الذين يشربون حبه منع الفهم؟ لماذا انا!! فيمكن انني لست انا الذي يشرب هذه الحبه بل غيري شّربها لي؟! تماما مثل الطفل الذي ياخذ حبه الدواء من والديه فهم المسؤولين عن كل هذا حبه يعطونها لطفلهم، فيمكن انني مثل ذلك الطفل!؟ وحال ما تبدأ بالتساؤل ستصل الى النتيجه  وتجد الحلول في داخلك قبل ان تطرحها على غيرك وستحول حبوب الفهم الى حبة هي حبة الفهم .

وانا شخصيا بما اني واحد من المجتمع العربي فمن السهل علي ان الاحظ ممارسه الحياة في مجتمعي وان اميز سلبيات المجتمع وايجابياته ولكن بعقليه جديده لاني اذا نظرت الى مجتمعي بنفس العقليه التي تنظر بها النسبه الاكبر من المجتمع فانا لا استطيع ان اغير شيئا من السلبيات ولا ان اطور شيئا من الايجابيات، ولهذا حرصت طوال حياتي القصيرة حتى هذه اللحظه على ان اطور فكري وعقلي الباطني واشحن عقليتي بثقافه تعليميه وفرديه لاصل الى حلول ايجابيه تساعد على تطور مجتمعي نحو الافضل دون التخلي عن اصولنا وتراثنا. واول خطوات التغيير عندي بدات في الرابعه عشره من عمري حين قرأت -بالصدفه- مقوله للعالم الفيزيائي اينشتاين يقول: " لا نستطيع حل مشكله باستخدام نفس العقليه التي انشأتها " ومنذ ذلك الوقت وانا متأثر بهذه المقوله حيث ادركت اني اذا اردت التغيير في مفاهيم مجتمعي وعقليته الغريبه في كثير من الامور فيجي ان اغير عقليتي انا اولا، فبدات فعلا بممارسه القراءه لكل ما يقع بين يداي من كتب وجرائد ومجلات حتى وصل عصر الانترنت وتعرفت على مجتمعات اخرى لم اكن اعرفها، وفي مراحل حياتي القصيره واجهت كثيرا من التحديات الفكريه والتطور الثقافي. واحدى هذه التحديات كانت عندما سافرت الى لندن بهدف التعرف على دول الغرب والتقرب من حضارات ومجتمعات تختلف عن مجتمعي بكثير من الاشياء والتعرف على ذلك الشعب الذي دائما يتكلمون عنه في مجتمعي انه افضل منهم في كل شيء وانهم الشعب الاول في العالم بينما شعبي من الشعوب الثالثه ، فكان لا بد من ان اسافر كي اشبع فضولي واكتشف الاشياء عن قرب بمعاشرتي لهم وكي اعرف بما يتميزون عنا؟ فكان عندي شعور ان افراد مجتمعي يبالغون بالحديث عن المجتمات اوروبا والعالم الاول. 

كان شعوري كمقوله شكسبير: " لو لم نكن خرافا لما صار الذئب ملكا "، ولهذا كان يجب ان اصدر هذا الكتاب، لان الشعوب التي تتوق للتمدن هي بحاجه لكتاب امناء لهم قلب حي وضمير يقظ وليس لكتاب مساومين على الضمائر وفاسقين بالعقول، فالكاتب بشكل عام له ميزه يحس اكثر ويكون وجدانه اكبر من القراء، لذلك هو مساير للنهضات البشريه والقوميه والذهنيه بل ويخترع لها الكلمات التي تطور الافكار وتساعد الشعب على الفهم ليتمسك بالمبادئ ويتوجه باتجاه المناهج الجديده. فقيمه الادب هي من قيمه الثوره بل هي رمز الثورة. فقيمه الادب في الثوره تعلو على كل قيمه اخرى وذلك لان الادب يسبق الثورة ويهيئ لها الافكار والكلمات التي تنشر معاني الحريه وسيادة الشعب. او قد ياتي الادب بعد الثوره فيستنبط منها معنى الحريه ويرتفع بها للانسانيه العامه التي ترتفع عن القوميات الخاصه والدليل اننا نذكر ادباء الثورات الفرنسيه والانجليزيه والامريكيه كـ روسو،ملتون وفولتير اكثر مما نذكرالرجال الذين قادوا تلك الثورات بانفسهم، فالادب ليس حلوى يتلذذ بها العاطلون الناعسون؛ وانما كفاح الشعوب في مواجهة العروش والقرون المظلمه والاستبداد والاستحجار الفكري، وبما ان الادب ثوره فكان لا بد من ان اثور على مجتمعي من خلال هذا الكتاب علني اعيد الثورة الثقافيه التي حدثت في الصين ، لاكون واحدا من الذين يحاولون دائما بناء مجتمع افضل وارقى وينتقل من المرتبه الثالثه الى المرتبه الثانيه على الاقل لانه يستحيل ان يصل الى المرتبه الاولى طالما انه يستخدم نفس العقليه التي ساتحدث عنها كمحور الكتاب. فدائما ينتابني شعور ان هنالك سرا بعدم تطور العقليه العربيه او تطورها بصوره بطيئه جدا اقل من بطئ السلحفاة، ولو كان هذا البطئ الشديد دلاله على الثبات والثقه نحو مستقبل افضل لما اضطررت بان اكتب هذا الكتاب، فالحكمه تقول : " ثابت الخطوة يمشي ملكا " ولكن العقليه العربيه ليست ثابته الخطوة ولا تمشي ملكا بل عبدا.

واكتشفت ان السر في عدم تطور العقليه العربيه او تطورها بشكل سلبي هو حبوب منع الفهم، وان المواطن العربي يصحو كل صباح من نومه، يقوم بنظام يومي معتاد عليه فبعد ان يستحم ويفرش اسنانه ويشرب مشروبه الساخن ياتي دور حبة منع الفهم، حبه لونها اسود يبلعها كل يوم قبل خروجه لممارسه حياته ، وحال اكتشافي لهذه الحبه الخطيره بدات على الفور بكتابه هذا الكتاب للفت انتباه القارئ الى العولمه الثقافيه التي يعيشها مجتمعنا العربي بشكل خاص وان سبب هذه العولمه هو حبوب من الفهم التي يبلعونها كل صباح، فنسبة 80% من عالمنا العربي لا يريد ان يفهم لماذا نتصرف على هذا النحو الذي يجعل منا دائما متاخرين بكل شيء او مقلدين لمجتمعات اخرى باشياء سلبيه فقط! 

وان كل ما نحن به من مشاكل سببه مشكلة واحده رئيسيه عقليتنا (Mentality).

" عقليتنا صعبه للغايه، هذه هي المشكله الاساسيه اذا استطعنا ان نجد حلا لهذه الكارثه نستطيع حل كل مشاكلنا ".

ملاحظه: كتبت هذا الكتاب من اجل شباب المستقبل والاجيال القادمه، ولا اخفي عليك فانا اعرف ان مجتمعي يحب الثرثره، ففكرت لما لا اجعلهم يثرثرون بشيء مفيد .


حبوب منع الفهمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن