هناك بالضبط..بشرفة البيت المهجور، في حضن ذلك الكرسي التي خارت قواه، و أصبح يرتعش كعجوز خانتاه ركبتيه، قعدت أرتشف من كوبي المفضل فهو الوحيد الذي ظل على حاله، حتى طعم الشاي الذي بداخله تغير.تداعب خذاي رياح خفيفة كأنها ترحب بعودتي، فاشتياق السنين أكل كلينا. و هواء صافي يكسر القفصين ليدخل و يطهر الفؤاد من سواد الحياة و تكتلات المواجع. ها هي أمواج البحر تتضارب أمامي معلنة ثورتها. تتصارع و في نفس الوقت تحتضن بعضها، حتى من الأمواج تلتجئ إلى بعضها فليس لها غير نفسها..
أنا التي تكن كل الرثاء لنفسها،تلك التي لا تقوى على أخذ الثأر،المكبلة التي أفنت شبابها تنتظر الوقت المناسب،تؤجل وقت الانقضاض و تنتظر بزوغ شمس ذلك اليوم الذي ستصرخ فيه بكل ما أوتيت من قوة و ستقول نعم !! فعلتها،انتقمت لنفسي،هاته النفس التي أنسيت أو بالأحرى أنا من تعمدت نسيانها،أنا من أغلقت أذناي خشية سماع أنينها و أحكمت سد مقلتاي لكي لا أرى نزيفها،أنا قاتلة نفسي.
يوم دفنتك نظرت مطولا و قلت بصوت كدت أن لا أسمعه،فلترقدي بسلام أعدك باللقاء مجددا،سنلتقي يوم تحرري ،سأمكث أنا و أنت نشرب نخب انتقامنا، سنجلس على ذلك الشاطئ و ستكون البداية حيث كانت النهاية ...