آاااه...بدأت بالهذيان مجددا!!
أتحدث كثيرا عن الانتقام،و كيف لامرأة ستينية أن تنتقم و هي لا تقوى على الركض حتى.أنهكها الكبر،تخلل الشيب رأسها و سرق منها الزمان شبابها.
حتى من معارفها التي كانت كلما تمر تصافح هذا و تسلم على هذه،أصبحوا معدودين على رؤوس الأصابع. لن ألومهم أبدا فلكل منهم عذره،منهم من مات،منهم من هاجر البلاد و منهم من انشغل بأعباء الحياة و الأبناء ..
ليس مثل ابني أنا،ذلك العاق الذي تركني جثة منتهشة و ذهب. أنا من أنقذته ،أنا من أزحت حبل المشنقة الذي أحاط عنقه. بعد ترك أبيه لنا ،حقيقة هو لم يتركنا نحن الاثنان اتفقنا على هذا الفراق المفاجئ .قررنا الإجهاض لكن ،كلنا نعلم قلب الأم. و كيف لأم أن تقتل ابنها البكر ابني الأول و الوحيد ،أول مرة أعيشه. كيف لي قتله بعد بلوغه نصف العام في رحمي.
أكملت حملي وحدي، عانيت آلام المخاض كل يوم في غرفة تقتلها العتمة و يجوبها الصمت ، أبكي و أعض مخدتي لكي لا تسمع آهاتي. لم أعلم قط بأن الألم يبقى لأيام و ليالي،خصوصا الليالي حيث ينام الجميع ما عدا الحاملون مثلي،اللذين يتكبدون عناء حملهم لعشقهم. لطالما سمعت نفس الكلام مرات و مرات.. اصبري أشهر معدودة و ستنسين....سيمر كل هذا...، الحال أن مخاض ولادتي عسير . هاته الآلام لبثت معي لأشهر و أعوام. فلذة كبدي نمى في قلبي و ترعرع، كبر و تجذر داخلي ،نهش جسمي الهزيل و أكل مني حتى أصابتني الرهافة..