٥٢

4.2K 140 2
                                    

تسمر باسم في مكانه من جملتها الآخيرة ولم يستطع بحق فهم ما يدور بعقل هذه الفتاة ، هل تقول هكذا من اليأس بسبب مرضها ؟! ، أم ماذا ؟!! ، راقب ابتعادها وهو يدعوا لها حقاً أن تعود سالمة لوطنها ولزوجها ، ذلك الوعد الذي فرض عليه عدم البوح بشيء إلا بإرادتها هي ...، ودعت جميلة شقيقها ثم ذهب خلف ليالي بإتجاه الطائرة الذي استقبلتهم أمام مدخلها العلوي مضيفة رائعة الجمال وتبتسم ابتسامتها الرسمية وتشير لهم بالدخول .....

داخل هيكل معدني بلونٍ أبيض ، يصارع جناحيه دفعات الهواء بقوة ، وارتفع في الهواء وهاجر ثبات الأرض المتزن مثلما هاجرت الفتاة الجالسة على مقعد بداخل هذا الهيكل المسمى بالطائرة ، تنظر للنافذة المغلقة على شكل دائرة ، تنظر وكأنها تغادر الحياة ، تغادر عشق قد احرقها ظلماً وقسوة ....، تغادر نفسها وتاركة خلفها فتاة الأمس الضعيفة ، فتاة كانت يرتجف قلبها من نظرته فقط ....
شددت جميلة يدها على يد ليالي بلطف وقالت :-
_ بأذن الله كل حاجة هتبقى تمام ماتقلقيش
اطرفت ليالي بعينيها واكتفت بهذه الاجابة الصامتة ثم رمت رأسها خلفها على حافة المقعد وكأنها ترمي بفكرها المشتت وتقاذفت آخر بؤر ضعفها بنيران المتها من الفراق .....وإلى ذلك رغمًا عنها تذكرت يوم لن تنساه مدى العمر ، مر على هذا اليوم أيام قليلة فائتة حينما غمرها بعالمه الساحر واصبحت زوجته ولا تدري كيف حدث ذلك وأين كان عقلها وهي من ابت الضعف لقلبه ولقلبها .....

وأن كان قلبي يعشق ظالمه فها أنا قد ابتعدت عن درب الفؤاد
وأن حُكمَ علي قلبي بالغربة .... فأني قد  غادرت العشق والبلاد
اعلنت قسوتي وتركته في حداد ....

تاهت في السحابة الثلجية المطلة من النافذة  الدائرية بجوارها حتى قالت جميلة مرة أخرى :-
_ انتي كنتي تقصدي إيه بآخر حاجة قولتيها لأستاذ باسم ؟!!
انا قلبي اتقبض ووجعني لما سمعتك
سقطت دمعة من عين ليالي وقالت بصوت مضطرب وخافت  من الخوف :-
_ لما نوصل نبقى نتكلم يا جميلة ،انا مش قادرة اتكلم دلوقتي
انصاعت جميلة وازداد قلقها على ليالي الذي يبدو أنها ليست بخير
مرت ساعات بل أكثر والخوف يرافق خطوات الغربة التي اصبحت تحتويها حتى دبت قدميها أرض العاصمة البريطانية "لندن"  ونظرت حولها بنظرة ضائعة للوجوه الغريبة عن ملامحها وعن دمها العربي  ، ركضت جميلة إلى زوجها الذي كان بإنتظارهم خارج المطار  بسيارة خاصة بالشركة التي يعمل بها ، وعانقته بمحبة حتى قال بمرح :-
_ حمد الله على سلامتكوا
اومأت ليالي برأسها إيماءة خفيفة وقالت :-
_ الله يسلمك
قالت جميلة وهي تنظر لزوجها كريم بحب وقالت :-
_ لسه زعلان مني يا كيمو 😒
ضيق كريم  عينيه بمكر وقال  بابتسامة واسعة :-
_ لأ يا روح كيمو احنا اتصالحنا من زمان ، ولا هتنكدي عليا هنا كمان 😁
ضحكت جميلة على تعابير وجه زوجها ثم قالت لليالي وهي تشير لها على السيارة :-
_ يلا يا لولا ، انا عندي صداع فظيع وعايزة انااااام اسبوع ومحدش يصحيني
دخلت ليالي السيارة مع جميلة وقاد كريم السيارة متوجهًا لمنزله في
الأحياء الراقية بلندن ...

ليالي ... الوجه الآخر للعاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن