طريق الشيطان

143 12 0
                                    

أقود شاحنتي الصغيره عبر طريق صحراوي لا ينتهي ... أتذكر ما حدث قبل أن أبدأ هذه الرحله البغيضه ...
أتذكر كيف تغيبت عن العمل لأبقي بجوار إبنتي الصغيرة في المشفي بعدما إكتشف الأطباء أنها مصابة باللوكيميا (سرطان الدم)...
أتذكر كيف عدت للعمل ليقابلني مديري بوجهه العكر و نظراته التي تحمل شر العالم كله ليقول لي أنني سوف أطرد من العمل و هذه فرصتي الأخيره ...
أتذكر كيف ودعت فتاتي قبل أن أذهب في هذه الرحلة لأوصل حمولة أخري لولاية بعيده ...سوف أتركها وحدها لأيام و لكن إن لم أقم بهذا العمل فسأطرد و أنا أحتاج بشدة لهذا المال لعلاجها ...
قطع خيط ذكرياتي مفترق الطرق الذي ظهر أمامي من العدم... طريقييت فقط للوصول لوجهتي ... طريقيين فقط سيحددان الوقت الذي سأعود فيه لفتاتي الصغيره ...
طريق طويل سيمر بطول حدود الولايه و طريق أخر مختصر سيمر خلال غابة الي قلب الولاية مباشرة .... و لكن إسم ذلك الطريق علي اللافته يذكرني بشئ ما ...

أنا أتذكر هذا الطريق المختصر ... في الواقع أتذكر ما قيل عنه فقط ...
"طريق الشيطان"
كان هذا الإسم الذي يطلقونه عليه ... كانوا يقولون أن هناك شيئا ما يسكن غابته ... قبيلة من أكلة لحوم البشر أو وحش يتغذي علي أرواح المسافرين ... أو شبح هائم يسبب الحوادث ... و لكن مهما تعددت القصص حول هذا الطريق فهي لن تغير من مواقع أنه سيعيدني إلي إبنتي في وقت أسرع ...
لذا نحيت كل هذه الأفكار الخيالية جانبا و إتخذت إتجاهي في "طريق الشيطان "...

مرت حوالي الساعتان و أنا أسير في هذا الطريق ... إختفت الصحراء و تحول المشهد حولي لغابة مظلمه لا أدري هل هذا الظلام ظلامها أم ظلام الليل ...
فقط كنت أراقب الطريق حينما رأيتها علي جانبه ... خرجت من بين الأشجار تحمل طفلا رضيعا بيديها وهي تصرخ لي كيف أتوقف .....
ملامح الرعب علي وجهها جعلتني أقرر تجاهلها و لكن صوت صراخها الباكي الذي إخترق أذني أرغمني علي التوقف ...

"شكرا لك ... شكرا لك ... إنهم يطارودنني منذ ساعات و أنا أدعو الله أن أجد أحدا ما علي الطريق لينقذني "
قالتها و هي تصعد علي الكرسي بجواري في الشاحنه و هي تحمل الرضيع ... لتجلس و تأخذ نفسا عميقا قبل أن أسير مجددا بالسياره و أقرر أن أسألها ...
"من ... من الذين يطاردونك ؟" ..
لتجيبني وهي تضم الرضيع ..
"آكلة لحوم البشر .... حدث كل شئ حينما إعترضت طريقي تلك الغزالة لتسبب في إنقلاب سيارتي ..  و لحسن الحظ كانت إصابتي طفيفه لذا زحفت خارج السياره و بدأت بالبحث عن المساعده و تعمقت داخل الغابه و هناك رأيتهم "
"رأيتي ماذا ؟ "
لتجيبني وهي تنظر للطريق
"تلك القبيله .. كانوا عرايا ... يتجمعون حول النار و يرقصون بينما يذبحون أناسا أخرين مقيدين ثم يقطعون أطرافهم و يأكلونها "...
نظرت الي الرضيع بين يديها لأسألها
"و طفلك هل أصيب في الحادث ؟ "
لتنظر اليه و تجيبني
"هذا ... لا  ... إنه ليس طفلي و لم يكن معي "
"طفل من هذا إذا ؟ "
نظرت إلي بعينيها الخائفتين لتجيبني
"حينما رأيت تلك القبيله وهم يأكلون لحوم البشر .... لاحظت ذلك الطفل الرضيع الذي وضعوه علي كرسي خاص ... كانوا يسجدون له و يضعون أمامه الأشلاء و كأنه طقس ما ليحولوه لشئ مثلهم ...آكل لحوم بشر . 
لذا قررت إنقاذه و لهذا يطاردونني "..

يا إلهي لم أتوقع أن يكون هناك بعض الحقيقه في القصص عن هذا الطريق ...
"حسنا ... أنتي في أمان الآن ..  يمكنك أن تخبريني بعنوان منزلك و سأوصلك إليه "
بدت عليها الحيرة حينما سمعت سؤالي لتجيبني
"عنوان منزلي ؟ ...  أنا لا أذكر عنوان منزلي ... أوه لقد تذكرت ... كان يجب علي أن أكون في مكان ما في وقت محدد... هل يمكنك أن تخبرني بتاريخ اليوم "
"الثامن من شهر فبراير عام 2019"
بدأت بالصراخ حينما سمعت التاريخ
"لا ... لا يمكن ... أنت تكذب ... التاريخ هو الثالث عشر من ابريل عام 2017 ... لقد حدثت لي الحادثة منذ يومين فقط لا يمكن أن أبقي في هذه الغابه لسنتين "
"هل يمكنك أن تهدأي قليلا ! ... بالتأكيد هناك تفسير دعنا نخرج من هذا الطريق أولا ثم نحصل لك علي بعض المساعده "
ليتزايد صراخها ...
"لا ... أنت تكذب ... أنت منهم و تريد أن تعيدني إليهم ... و هذا لن يحدث ! "
لتترك الرضيع و تمسك بالمقود من بين يدي و تحركه بسرعه فتنقلب الشاحنه و قبل أن أدرك ما حدث كنت ملقي علي بطني علي الأرض لا أستطيع التحرك من إصابتي بينما أراقبها وهي تخرج من الشاحنه المنقلبه بلا أي خدش ... و لكن ما رأيته بعدها ..  كان هو الرعب بعينه ...
الرضيع ...كان يخرج من بين حطام الشاحنة زحفا ...  لتستطيل أطرافه و يتزايد حجمه و يتحول لمسخ بشع و يمسك بالمرأه التي تصرخ ليضعها في فمه الكبير و يلتهمها ... ثم ينظر إلي و يقول ...
"لقد كانت شبحا هائما حزينا ... و لذيذا أيضا "
لأدرك أن كل ما قيل عن هذا الطريق كان حقيقيا قبل أن يلتهم الوحش روحي ...

الخوفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن